في ظل التداعيات السياسية والمتغيرات العالمية الحالية، وما تشهده المنطقة من توترات واضحة بدأ من الأزمة القطرية والمواجهات المسلحة في اليمن الشقيق بين الحوثيين وأنصار علي عبدالله صالح الرئيس السابق لليمن واغتيال الأخير على يد الحوثيين، وفي ظل هذه الفوضى يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليزيد «الطين بلة «بأن القدس عاصمة لإسرائيل رغم الرفض الدولي لما أعلنه، وهذا يدعونا أن نوضح أموراً عديدة إزاء هذا الإعلان:

أولاً: القضية الفلسطينية هاجس كل عربي ومسلم، ومن يدعي أن هذه القضية تعني الفلسطينيين فقط فإنه يقول بأن المسجد الأقصى والقدس الشريف لأهل فلسطين المرابطين في دولة فلسطين، ولا شأن للعرب والمسلمين والفلسطينيين الذين نزحوا إلى بعض الدول لأسباب كثيرة، وهذا بهتان وظلم لكل من يشهد بأن المسجد الأقصى مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، فالقضية الفلسطينية لاتزال تحظى باهتمام العرب والمسلمين ولا تزال التحدي الأكبر للمسلمين، يراهن عليه الجميع، والمسلمون يعلمون علم اليقين أن المغتصب الصهيوني سوف يخرج من الأراضي الفلسطينة المحتلة مذموماً لتعود فلسطين إلى أصحابها كما كانت من قبل، لذلك لم تغِب القضية الفلسطينة عن اهتمام المسلمين ولن تكون حتى وإن ساندت كل الدول إعلان الرئيس الأمريكي أن «القدس عاصمة إسرائيل».

ثانياً: قد يبدو للبعض أن الهدف من هذا الإعلان في هذا التوقيت بالذات حتى لا ينشغل العرب عن هذا الإعلان في ضوء انشغال دول المنطقة بما يحدث في اليمن ولكن الحيلة في هذا الإعلان هو تشتيت الأنظار عما يحدث في اليمن فعلاً والتركيز على القضية الفلسطينية فقط والتنديد والاستنكار وتكثيف الاعتصامات على هذا القرار، ذلك لأن كل من سبق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من رؤساء للولايات المتحدة كانت خطاباتهم واضحة في زج عبارة «القدس عاصمة إسرائيل» في سياق خطابات عديدة سابقة.

ثالثاً: الولايات المتحدة تخذلنا دائماً وهي التي تدعي أنها راعية للسلام، ففي إعلانها الأخير تظهر بوجه آخر تضرب بالمواثيق الدولية عرض الحائط، لا تهتم بمشاعر الديانات الأخرى، ويبدو أن معيار هذه المواثيق هي شخصية بحتة، مقابل سلام الأمم واستقرارها، ويشعرنا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن القدس ملكية خاصة يهبها لمن يشاء، وكأنه يعلن الاتجار بما لا يحق له.

رابعاً: لا ينظر المسلمون أبداً بأن القدس حكراً للمسلمين بل شهدت فلسطين قبل الاستيطان الصهيوني بأنها مدينة السلام للأديان الثلاثة الاسلام والمسيحية واليهودية، فقد كان ولايزال المسلمون في فلسطين يحترمون شعائر الديانات الأخرى ولولا الاغتصاب الصهيوني لفلسطين لعاش أصحابها في سلام واستقرار ولكانوا مثالاً يحتذى في التعايش وتسامح الاديان، ولكنها الصهيونية ومساعيها للاستيلاء على الشرق الأوسط بكل الوسائل حتى ولو خلفت وراءها جبالاً من الجثث أو أنهاراً من دماء الأبرياء.

خامساً: مملكة البحرين ترفض التطبيع مع إسرائيل وترفض أن تضع يدها في يد المغتصب، فقيادة وشعب البحرين موقفهم لا يتبدل وثابت إزاء القضية الفلسطينية، ولا نسمح لأحد بأن يزايد على ولاء مملكة البحرين للقدس والمسجد الأقصى.

موقف مملكة البحرين ثابت وواحد في دعم السلام ولن تكون أداة أو بؤرة للإرهاب والفوضى، وستكون دائماً مساندة وداعمة للقضية الفلسطينية حتى ترد الحقوق لأصحابها، أما القنوات المأجورة والقنوات التي تبث سمومها للعالم فلن تحقق آمالها للسيطرة على استقرار المنطقة بتقارير لا تحمل إلا الكراهية والحقد، ومثلما نؤمن بأن الحقوق سترجع الى أصحابها نعلم يقيناً أن هذه القنوات الإعلامية سوف تنتهي ولن تكون لها وجود ولا دور لها يستحق ذكره.