* الحكومة اللبنانية: متمسكون بمبادرة السلام العربية باعتبار القدس عاصمة فلسطين

بيروت - بديع قرحاني، وكالات

عُقد في بيروت قمة إسلامية مسيحيّة، دعماً للقدس ورفضاً لقرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل وقرار نقله مقر السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها، بحضور الممثلين الدينيين لكل الطوائف الإسلامية والمسيحية في لبنان وعقد الاجتماع في الصرح البطريركي، فيما شدد البيان الختامي للقمة على أن "قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس يعد استفزازاً لنحو 3 مليارات من البشر حول العالم".



من ناحية أخرى، تلا وزير الإعلام ملحم الرياشي، مقررات مجلس الوزراء اللبناني، عقب الجلسة التي عقدت الخميس.

وأعلن الوزير بعد اجتماع الحكومة اللبنانية أن "قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأحادي لاغٍ وباطل وفاقد للشرعية الدولية وكأنه لم يكن"، مؤكداً "الالتزام بمبادرة السلام العربية باعتبار القدس عاصمة فلسطين".

وقال بطريرك الموارنة بشارة بطرس الراعي "نأمل أن يقف مجلس أساقفة الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانبنا في ما سنطالب به في هذه القمة الروحية. وننتظر الموقف نفسه من المجالس الأسقفية في العالم. فنحن المسيحيين، مثل إخواننا المسلمين، أول المعنيين بالقدس. ففي هذه المدينة المقدسة تم سر الخلاص الشامل، وفي هذه المدينة المقدسة حل الروح القدس على الكنيسة الناشئة فانطلقت تحمل إنجيل المحبة والأخوة والسلام بين جميع الناس والشعوب، وفيها ارتفعت أولى كنائسنا حتى دعيَت أورشليم "بأم الكنائس". ولذلك نرفض رفضاً قاطعاً تهويد المدينة المقدسة.

بدوره، أكد مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان أن "لبنان مع تحرير أرض فلسطين كاملة"، معتبراً أن "قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتهاك لجميع الأديان السماوية ولكرامة العرب والمسلمين ولحقوق الشعب الفلسطيني. وأكد المفتي دريان خلال افتتاح القمة الإسلامية المسيحية بشأن القدس في بكركي أنه "لن يقبل بتهويد مدينة القدس"، وقال "سندعم الفلسطينيين بحقهم المشروع بالمقاومة".

وأصدرت القمة بياناً ختامياً، رفضت فيه قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس، وطالبت بالرجوع عنه، معتبرة أنه "يخالف القوانين والمواثيق الدولية، وأشارت إلى أن "قرار ترامب المبني على حسابات سياسية خاصة، يشكل تحدياً واستفزازاً لأكثر من 3 مليارات من البشر". وقال البيان الختامي للقمة أن "أصحاب السيادة والغبطة والسماحة ناشدوا المرجعيات السياسية العربية والدولية، العمل معاً بغية الضغط على الإدارة الأمريكية للتراجع عن هذا القرار، الذي يفتقد إلى الحكمة التي يحتاج إليها صانعو السلام الحقيقيون".

وتابع البيان "يؤكد المجتمعون تمسكهم بصيغة العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، ويعربون عن دعمهم الموقف اللبناني الرسمي الرافض لقرار الرئيس الأمريكي الجائر، كما يعربون عن تأييدهم للمشروع الذي طرحه رئيس الجمهورية اللبنانية العناد ميشال عون أمام الأمم المتحدة، باعتبار لبنان مركزاً دولياً للحوار بين أهل الأديان والثقافات المختلفة".

وجاء في البيان الذي تلاه الأمين العام للجنة الوطنية المسيحية الإسلامية للحوار، الدكتور محمد السماك، ما يلي: "أعرب أصحاب القداسة والغبطة والسماحة والسيادة والفضيلة عن شعورهم بالصدمة بسبب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره الجائر باعتبار القدس التي هي عاصمة للدولة الفلسطينية عاصمة للاحتلال الإسرائيلي ونقل مقر سفارة بلاده إليها. ونظراً لخطورة القرار وتداعياته، تنادواً لعقد قمة روحية مسيحية - إسلامية لإعلان موقفهم الموحد من هذه القضية التي تهمهم جميعاً، وأصدروا البيان التالي:

أولاً: إن القدس التي تزخر بمواقع تاريخية مقدسة لدى الديانات التوحيدية ككنيسة القيامة والمسجد الأقصى، ليست مجرد مدينة عادية كغيرها من مدن العالم. أن لها موقعاً مميزاً في ضمائر مؤمني هذه الديانات. وبالتالي فإن قرار الرئيس الأمريكي المبني على حسابات سياسية خاصة، يشكل تحدياً واستفزازاً لأكثر من ثلاثة مليارات من البشر، ويمس عمق إيمانهم.

ثانياً: إدراكاً من المجتمع الدولي لهذه الحقيقة واحتراماً لها، فقد التزمت دول العالم كلها بقرارات الأمم المتحدة التي تعتبر القدس وسائر الضفة الغربية أرضاً محتلة. وإعراباً عن هذا الالتزام القانوني والأخلاقي فقد امتنعت هذه الدول عن إقامة سفارات لها في القدس المحتلة. وشاركت الولايات المتحدة المجتمع الدولي بهذا الالتزام إلى أن خرقه الرئيس السيد ترامب بالقرار المشؤوم الذي أعلنه يوم السادس من كانون الأول 2017.

ثالثاً: إن أصحاب القداسة والغبطة والسماحة يرفضون هذا القرار ويطالبون بالرجوع عنه ويعتبرون أنه، فضلاً عن مخالفته القوانين والمواثيق الدولية، فإنه يسيء الى ما ترمز إليه مدينة القدس كمدينة روحية جامعة يذكر فيها اسم الله عالياً في أماكنها المقدسة، وهي تشكل بذلك موقع التقاء للرسالات التوحيدية كافة.

رابعاً: إن تغيير هذه الصورة النبيلة للقدس، وتشويه رسالتها الروحية من خلال هذا القرار والتعامل معه كأمر واقع، يسيء إلى المؤمنين، ويشكل تحدياً لمشاعرهم الدينية وحقوقهم الوطنية، ويعمق جراحاتهم التي تنزف حزناً ودماً بدلاً من العمل على معالجتها بالعدل والحكمة، تحقيقاً لسلام يستجيب لحقوق الأطراف جميعاً، وخاصة الشعب الفلسطيني المشرد منذ أكثر من سبعة عقود.

خامساً: يتوجه المجتمعون بالتقدير الكبير للشعب الفلسطيني وخاصة أهل القدس لصمودهم وتصديهم ومقاومتهم الاحتلال ومحاولات تغيير الهوية الدينية والوطنية لمدينة القدس.

سادساً: من أجل ذلك يناشد أصحاب القداسة والغبطة والسماحة المرجعيات السياسية العربية والدولية للعمل معاً بغية الضغط على الإدارة الأمريكية للتراجع عن هذا القرار الذي يفتقد إلى الحكمة التي يحتاج اليها صانعو السلام الحقيقيون.

كما يناشدون الرأي العام الأمريكي بمنظماته الأهلية والدينية أن يرفع الصوت عالياً لتنبيه الرئيس ترامب وادارته إلى مخاطر القرار الجائر الذي يزج الشرق الأوسط في دورة جديدة من دورات العنف التي عانى منها كثيراً.

سابعاً: يعرب المجتمعون عن قلقهم الشديد من أن يؤدي التفرد الأمريكي بالانقلاب على قرار هام من قرارات الشرعية الدولية التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، إلى الانقلاب على قرارات أخرى بما في ذلك القرار الذي يتعلق باللاجئين الفلسطينيين لمحاولة فرض تقرير مصيرهم خارج إطار العودة إلى بلادهم المحتلة، وهو أمر يشكل اعتداء على أمن وسلامة ووحدة لبنان الذي يستضيف حوالي نصف مليون لاجئ فلسطيني منذ عام 1948، والذي أكد في ميثاقه الوطني وفي دستوره على رفض التوطين شكلاً ومضموناً.

ثامناً: إن المجتمعين إذ يؤكدون تمسكهم بصيغة العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، وعلى تمسكهم بالمبادئ الوطنية التي أقرها الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، يعربون عن دعمهم الموقف اللبناني الرسمي الرافض لقرار الرئيس الأمريكي الجائر، كما يعربون عن تأييدهم للمشروع الذي طرحه رئيس الجمهورية اللبنانية أمام الأمم المتحدة باعتبار لبنان مركزاً دولياً للحوار بين أهل الأديان والثقافات المختلفة. وذلك تكاملاً مع صيغة عيشه المشترك ورسالته باحترام التعدد الديني والثقافي.

وفي الختام، وبمناسبة عيد الميلاد المجيد، بادر أصحاب السماحة والفضيلة إلى تقديم التهاني لأصحاب القداسة والغبطة والسيادة وتوجهوا معا إلى أهلهم وأحبائهم في لبنان وفي العالم العربي والعالم، وبخاصة إلى الصامدين في القدس المحتلة، داعين الله أن يجعل من هذا العيد المبارك بداية لمرحلة جديدة من العمل المشترك من أجل توطيد أواصر الأخوة والمحبة والسلام بين جميع الناس".