الثابت أن الميليشيات التي تأسست في السنوات القليلة الماضية واتخذت لنفسها عناوين مثل «سرايا الأشتر» و«سرايا المختار» و«سرايا وعد الله» و«سرايا الإمام» صناعة إيرانية خالصة وتحصل على كل الدعم الذي تحتاجه من حكومة الملالي وقطر، ومن الجماعات التابعة لإيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها وأنها تعمل على تنفيذ مهام معينة وتحقيق أهداف تصب في مصلحة المخططات الإيرانية الرامية إلى السيطرة على المنطقة والتحكم فيها. لهذا أعلنت المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين في بيان مشترك أصدرته في يوليو الماضي اعتبار «سرايا الأشتر» -وأمثالها- منظمات إرهابية تدعمها إيران وقطر، بينما ذكر موقع وزارة الخارجية الأمريكية أن «سرايا الاشتر» منظمة إرهابية ووضع أسماء بعض المنتمين لها بقائمة المطلوبين للعدالة بتهمة الإرهاب.

الجديد في هذا الملف أن المملكة المتحدة اعتبرت قبل أيام سرايا الأشتر ووعد الله والإمام المهدي والمختار والحيدرية وغيرها «7 سرايا» منظمات إرهابية، وهي الخطوة التي أثنت عليها وزارة الخارجية التي ذكرت في بيان أصدرته أن أفراد هذه المجموعات يشكلون تهديداً خطيراً لأمن واستقرار البحرين ومواطنيها والمقيمين على أرضها ويتطلب التصدي لها، حيث رحبت مملكة البحرين بموافقة البرلمان البريطاني على قرار حكومة المملكة المتحدة بتصنيف هذه المنظمات كمنظمات إرهابية واعتبرت ذلك دليلاً على حرص المملكة المتحدة على محاربة الإرهاب والأيديولوجيا المتطرفة على المستوى الدولي.

وزارة الخارجية شددت على «أهمية استمرار التعاون الوثيق بين الشركاء الدوليين للتصدي الحازم للإرهاب بكافة أشكاله ومصادره» وأكدت أن «الحفاظ على الأمن الدولي يتطلب وضع استراتيجية متكاملة واتخاذ خطوات تنفيذية مشتركة لتحقيق هذا الهدف»، ودعت المجتمع الدولي «لاتخاذ نفس الخطوات المسؤولة التي قامت بها المملكة المتحدة في الحرب على الإرهاب عبر تصنيف هذه المجموعات كمنظمات إرهابية».

ما قامت به بريطانيا -كما قال بعض مسؤوليها أمام مجلس العموم ومجلس اللوردات الأسبوع الماضي- هو أنها أرسلت رسالة قوية في وجه نشاطات الجماعات الإرهابية التي تجمع الأموال وتجند الأفراد، وهذا يعني -كما قالوا أيضاً- يجعل أصول تلك المنظمات عرضة للمصادرة في المملكة المتحدة.

الخطوة البريطانية مهمة للغاية، وكذلك خطوات أخرى سبقتها قامت به الولايات المتحدة ودول أخرى، لكنها لا تكفي لأن تلك المنظمات ومن يقف من خلفها يدعمها ويمولها ستتخذ هي أيضاً خطوات لتحمي نفسها من الزوال ولتتمكن من تحقيق أهدافها، وهذا يعني باختصار أن الأمر يتطلب -كما أكدت البحرين- توحيد جهود أعضاء المجتمع الدولي كي يتم التصدي للإرهاب في كل مكان في وقت واحد، وعدم التسامح معها، وهو الأمر الذي ينبغي من المجتمع الدولي عدم التأخر عن مباشرة العمل فيه لأن التأخير يصب في مصلحة تلك المنظمات الإرهابية، ولأن عدم توحيد الجهود يتيح لها اللعب على المتناقضات.

خطوة اعتبار بعض دول العالم هذه المجموعات منظمات إرهابية تستدعي المواجهة الجادة خطوة مهمة وعملية لكنها تظل قاصرة، فمواجهة الإرهاب ليس فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن البعض الآخر، ولكنه واجب ينبغي من الجميع عدم التأخر في القيام به لأن الإرهاب لا يستثني أحداً ولا يعرف صديقاً. أيضاً من المهم التأكيد على أن مواجهة الإرهاب لا تتم بالاكتفاء باتخاذ القرارات وإصدار البيانات ونثر التصريحات عبر وسائل الإعلام، فهذه كلها لا تأثير لها على الإرهاب، حيث التأثير والنجاح في مواجهة الإرهاب يكون بتوحيد الجهود والوقوف في وجهه ووجه الإرهابيين وقفة رجل واحد.

القرار البريطاني يستحق الشكر والتقدير، والمأمول أن تحذو دول أخرى كثيرة حذوها ليكون العام الجديد عام القضاء على كل المنظمات الإرهابية.