قبل عدة أيام، كتبنا هنا عن مساعي الانقلابيين والمحرضين وأتباع إيران الذين يعملون ضد البحرين، بهدف اختطاف حكمها. مساعيهم التي تحاول تضليل المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، ومنها المفوضية السامية، ودللنا على ذلك في «ذيل» المقال وخاتمته، بالصورة التي تظهر فيها المحرضة والمعارضة - التي تتكفل إيران بمصاريف معيشتها وتنقلاتها في أوروبا وغيرها - مريم الخواجة وهي تتناول العشاء مع المفوض السامي لحقوق الإنسان في إحدى المناسبات، وكيف أن هؤلاء يستميتون في معاداة البحرين ومحاربتها وتشويه صورتها، وينشرون الأكاذيب والفبركات.

هذه الإشارة واضح أنها «أزعجت» بنت الخواجة، فخرجت علي عبر حسابها في «تويتر»، لتنتقد وتتهم، وتدافع عن المحرض الأكبر نبيل رجب، الطائفي في حراكه، الانقلابي في خطابه، الذي لا يتحرك ولا يتكلم إلا دفاعاً عن فئة معينة، والأهم أن تكون ضمن جوقة الانقلاب وعملاء إيران.

بنت الخواجة التي حاولت ذات مرة المسك بـ»تلابيب» وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون حينما كانت في مناسبة بأمريكا «طبعاً سافرت من مصروف جيبها وهي المطاردة المطلوبة المشردة»، وحاولت محادثتها بـ»نبرة بكائية» تمثل فيها «دور الضحية»، لكنها حينما تكتب عن البحرين في وسائل التواصل، وحينما تتحدث، ينقلب لسانها وما يخرج منه إلى خطاب يتطابق مع الخطاب الإيراني «صدفة لا تظلموها»، فهي «تنتقد» إيران وانتهاكاتها لحقوق الإنسان والمعارضة «عفواً، هذه خيالات بل مستحيلات لا تصدقوها»، فهؤلاء لا يجرؤون على انتقاد «ولية نعمتهم» حتى لا يتوقف الدعم والمصروف والسفرات وغيرها.

في ذاك المقال سألناها عن مصدر «المال» الذي يؤمن «تسكعها» في أوروبا، وطيرانها ومأكلها ومشربها، لا حسداً طبعاً، فلسنا «مرتزقة» نقبل بأحد يتكفل بنا مثلها، بل فقط حتى نستوعب، كيف لمشرد، عاطل عن العمل، مطلوب ومطارد كما تدعي، أن يملك تمويل سفراته ورحلاته وإقامته ومطعمه؟!

المشكلة في مريم، أننا لم نشتمها ولم نتطاول عليها بالألفاظ غير المهذبة، بعكس ما تفعل هي وبقية جوقة العملاء الإيرانيين، لكنها لم تجبنا على السؤال، بل أخذت تتباكي وتقول بأننا «نستهدفها» مع نبيل رجب! جميل هذا الاستهداف الذي لا يتعدى الكلام و»يبكيكم»، بينما من تدافعون عنهم من إرهابيين يستهدفون رجال الأمن في البحرين وقتلوا منهم عدداً، ومريم المدافعة عن حقوق الإنسان كما تدعي، لم تنطق بحرف. لماذا يا مريم، أليسوا بشراً هؤلاء؟! أم أن الحقوق فقط لـ»الملثمين» و»حاملو زجاجات المولوتوف» أو منتسبي «خلايا الأشتر» وغيرهم؟!

لا أعتب على مريم، فهي تنفذ أجندة النظام الذي يتكفل بـ»الصرف» عليها، وعليه هي «مأمورة»، والإيرانيون لا يرحمون في هذا الشأن، فإن أصبحت «كرتاً محروقاً» رموك وبحثوا عن غيرك.

أما نحن يا مريم، الذين تصفينهم بأنهم «مرتزقة للنظام»، فنرجو التوضيح، إذ لا أذكر أن نظامنا هو نظام أجنبي حتى نكون «عملاء» له، مثلما هي حالتك مع إيران، لتقريب الفكرة. نحن ندافع عن بلادنا ونظامنا وعن قيادتنا وعن أرضنا التي حاولتم اختطافها، بالتالي «المرتزق» هو الذي يخدم بلداً غير بلده، ولعلك بين الذين يحيطونك ويسافرون معك تجدين أمثلة عديدة توضح لك الفكرة.

«مرتزقة التومان» بينهم وبين «مخلصو الأوطان» بون شاسع جداً. وهذا صعب عليك فهمه يا مريم.

عموماً، في حسابي بـ «تويتر» لن أقوم بحظرك «بلوك» لأنك فقط تخالفيني الرأي، وحتى لو شتمتيني أو تطاولتي. لن أفعل ذلك، مثلما فعل «المناضل المدافع عن حقوق الإنسان» نبيل رجب الذي اكتشفت صدفة أنه قد حظرني منذ زمن طويل، رغم أنني لم أوجه له يوماً تغريدة مباشرة. هذا هو الحقوقي المؤمن بالرأي الآخر الذي تتغنين به!

* اتجاه معاكس:

الأمين العام السابق لجميعة «وعد» المنحلة لتحريضها على الدولة ودعمها للإرهاب، إبراهيم شريف قام بنشر المقال في حسابه بـ «تويتر»، وعلق عليه بأن «من أمن العقوبة أساء الأدب»، وأخذ يدافع عن الخواجة ونبيل رجب.

رددت عليه بـ»كل أدب»، رغم أن إساءة الأدب مع البحرين قد صدرت من جمعيته ومنه شخصياً حينما دعا للانقلاب عليها، وأعلن مع حسن مشيمع التحالف لأجل الجمهورية، بل وحرض صراحة على حمل السلاح. وهنا أقول «بالفعل، أساءتم كثيراً الأدب بحق البحرين، لأنها تعاملت معكم بصدر رحب، فأمنتم العقوبة».

لكن ما يضحك هو دفاع شريف عن محرضين وطائفيين حتى النخاع، وهو رجل ذكي ومطلع يفترض، ويعرف تماما أننا حينما نتحدث عن أطماع إيران في البحرين، وطوابيرها الخامسة وعملائها فإننا لا نتحدث من فراغ.

شخصيا كنت أتمنى أن ينتصر إبراهيم شريف للحركة الليبرالية عبر تحررها من تبعية الولي الفقيه، وأن تكون لها مواقف مستقلة، فاليسار لا يجتمع مع اليمين المتطرف، لكن خاب الظن بعد رحيل عبدالرحمن النعيمي، حينما «عجزت» وعد عن التحرر من سطوة الوفاق بشأن قانون الأسرة، وكانت السقطة الأنكى حينما أصبحت «تابعة» للوفاق في الانقلاب واحتلال الدوار، واليوم يفقد الأمل في تصحيح المسارات، حينما يدافع شريف عن محرضين ضد البحرين، هدفهم ليس إصلاح الأخطاء، بل هدفهم الكرسي ولا شيء آخر.