رغم أنف كل الأزمات والتحديات.. ما زلت أؤمن أن «المجد للأقوياء»، وما زلت أعول في كثير أزمات المنطقة على الشعوب ووعيها وإرادتها، رافعة شعار أبي القاسم الشابي «إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر»، ويبدو أن الشعب الإيراني للتو أفاق على أنه شبع جوعاً وذلاً وموتاً وقد آن له أن يعيش بأثر رجعي كل ما فاته من الحياة التي تنعم بها شعوب الدول من حوله، وبما يتناسب مع الدخل القومي العالي لبلاده، ذلك الدخل الذي أهدره النظام الطاغي بتكوينه المركزي الملعون في دعم الفوضى والإرهاب بينما يتضور مستحقيه جوعاً.

وما زلت أعجب بالإرادة الأحوازية التي لم ترضَ الذل والهوان يوماً رغم محدودية الفرص للنجاة لعقود طويلة، ورغم الخناق الذي تعرضوا له في كافة مناحي حياتهم، ولكنهم أثبتوا بجدارة قدرتهم على حفظ هويتهم رغم محاولة طمسها، واستمرارهم في حفظ النسل رغم الإبادة العرقية البشعة التي حاولت طهران أن تقاوم بها وجودهم. ما زلت أعجب بتلك الروح العربية الأصيلة التي تسمها الأنفة العالية والشموخ والعزة رغم صعوبة العيش وتحدياته، العدوى التي انتقلت أخيراً -كما يبدو- للشعب الإيراني في الجوار الأحوازي منتفضاً على نظامه الغادر لتحقيق انفراجة شاملة ربما لشعبين أرادوا الخلاص، «الشعب الإيراني، والشعب الأحوازي العربي».

ورغم رفض الشعب الإيراني لتدخلات نظامه في شؤون الدول العربية، استوقفني أكثر شعاراً هتف به الأحوازيون «بالروح وبالدم نفديك يا أحواز، ويا سلمان نحن رجالك»، في دعوة صريحة لدول الخليج العربي، وربما التحالف العربي، لدعم القضية الأحوازية بقيادة السعودية ضمن حملتها في القضاء على الإرهاب الإيراني بالمنطقة. ورغم أن خوض قوات التحالف حرباً في الأحواز العربية أمر مستبعد تماماً -في ظل استمرار مهمتها في اليمن ولأسباب أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها في هذا المقال- إلاَّ أن للدعم أوجه عدة قد تتيح لدول الخليج العربية إرساء قواعد تعامل جديد مع طهران لمرحلة ما بعد الحزم، وهذا ما أعتقد الأحوازيون وكذلك الشعب الإيراني بانتظاره.

* اختلاج النبض:

بتأكيد الأحوازيين انضمامهم لصفوف العروبة على ضفتي الخليج، كأني أرى حلم الوحدة العربية الذي ضاع في منتصف القرن الفائت أو بعده بقليل، كاد أن يعود للتبلور مجدداً في ظل الترقب العراقي للاحتواء الخليجي من جهة، والإرادة اليمنية نحو الاستقرار تحت حكم شرعي، والآن انضمام أحوازي يوسع من رقعة الأراضي العربية ومقدراتها ونسيجها البشري.