* طهران تسحب جزءاً من قواتها بسوريا لإخماد الانتفاضة

* المعارضة شيرين عبادي تحث الإيرانيين على مواصلة الاحتجاج

* انتقادات حادة لروحاني بسبب تخليه عن الفقراء



* قائد الجيش يعرض مساعدة الشرطة في التعامل مع التظاهرات

الأحواز - نهال محمد، وكالات

أعلنت مصادر إيرانية معارضة أن إيران سحبت قسماً من قوات الحرس الثوري الإيراني المنتشرة في سوريا، وأعادتها إلى البلاد للمشاركة في قمع الاحتجاجات المتواصلة التي دخلت أسبوعها الثاني، فيما أكدت المصادر أن الحرس الثوري طلب من السفارة الإيرانية في دمشق ترتيب عودة جميع القوات التي لم يعد لوجودها ضرورة في سوريا إلى طهران فوراً، نظراً لاستمرار الاحتجاجات في أنحاء مختلفة من إيران. في غضون ذلك، نشر الحرس الثوري في إيران قواته في 3 أقاليم لإخماد المظاهرات وشهدت مقتل نحو 30 شخصاً، بحسب مصادر معارضة.

وشهدت إيران يوماً آخر من المسيرات المعارضة والمؤيدة للنظام الخميس، بعدما حولت الاحتجاجات المناهضة للنظام الأنظار إلى معالجة المشكلات الاقتصادية التي غذت الاحتجاجات.

وفي حين أعلن مسؤول أمريكي أن واشنطن تفكر في فرض مزيد من العقوبات على طهران، كانت السلطات الإيرانية تدرس خياراتها بما فيها التخلي عن التدابير التي لا تلقى رضا شعبيا في ميزانية الرئيس حسن روحاني الجديدة.

وقتل 30 شخصا مع دخول الاحتجاجات أسبوعها الثاني في ظل الصعوبات الاقتصادية والتي تطورت الى مسيرات ضد الحكومة وتخللتها هجمات على المكاتب الحكومية ومراكز الشرطة.

وأثارت الاحتجاجات وهي التحدي الأكبر الذي يواجه الحكم منذ مسيرات 2009 قلقا دوليا حتى أن الولايات المتحدة اتهمت السلطات الإيرانية بممارسة القمع.

وقال مسؤول أمريكي "ننظر في كل الاحتمالات" بشان منظمات وأفراد يمكن استهدافهم بعقوبات بداعي انتهاك حقوق الإنسان وعمليات رقابة أو إعاقة لحرية التجمع في إيران.

وأضاف أن ذلك "يتطلب معلومات، وهناك الكثير من المعلومات، لذا نعتزم البدء في تجميعها وسنرى ما يمكننا القيام به".

ولا يزال موقعا التواصل الاجتماعي تلغرام وإنستغرام محجوبين على الهواتف المحمولة منذ بدء الاحتجاجات.

وقال وزير الاتصالات محمد جواد آذري جهرومي أن تلغرام سيعاد إذا أزيل منه المحتوى "الإرهابي".

واصطفت المؤسسات السياسية الإيرانية وراء الحكومة في مواجهة الاحتجاجات.

ولكن كثيرين دعوا روحاني إلى التصدي للمشكلات الاقتصادية التي كانت وراءها.

ويشهد مجلس الشورى تحركات لوقف التدابير التي لا تحظى برضا شعبي في الميزانية المعلنة الشهر الماضي وتتضمن اقتطاعات في الدعم الاجتماعي وزيادة في أسعار الوقود.

وقال رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني "في ما يتعلق بأسعار الوقود، لا بد أن نأخذ في الاعتبار وضع الناس لأن رفع سعر البنزين ليس بتاتا في مصلحة البلد، هناك طرق أخرى (...) حتى لا تفرض ضغوط على الطبقات الشعبية".

وتعد المناطق الريفية الأكثر معاناة جراء سنوات من الجفاف وتراجع الاستثمارات.

وعبر الناس في العاصمة طهران عن تعاطفهم مع الاحتجاج على الصعوبات الاقتصادية ولا سيما على البطالة التي بلغت 40% بين الشباب.

من جانبها، حثت شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام الشعب الإيراني على العصيان المدني ومواصلة الاحتجاجات التي تمثل أجرأ تحد لزعماء إيران منذ الاضطرابات المطالبة بالإصلاح عام 2009.

ونقلت صحيفة الشرق الأوسط اليومية عن عبادي، أشهر محامية مدافعة عن حقوق الإنسان في إيران، قولها إن الإيرانيين يجب أن يبقوا في الشوارع وإن الدستور يعطيهم الحق في الاحتجاج.

ونشر الحرس الثوري الإيراني قوات في 3 أقاليم لإخماد الاضطرابات المناهضة للحكومة وذلك بعد 8 أيام شهدت احتجاجات متواصلة هزت الزعامة الدينية وأوقعت 30 قتيلا.

وتفجرت الاحتجاجات الأسبوع الماضي نتيجة المصاعب الاقتصادية التي يعانيها الشباب والطبقة العاملة ثم تحولت إلى انتفاضة على السلطات وعلى المزايا التي تنعم بها النخبة خاصة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.

ويبدو أن المظاهرات تلقائية دون زعيم واضح، وقد تفجرت في مناطق الطبقات العاملة والمدن الصغيرة لكن يبدو أنها بدأت تستقطب المتعلمين من أبناء الطبقة الوسطى والنشطاء الذين شاركوا في احتجاجات 2009.

ودعت عبادي الإيرانيين إلى التوقف عن دفع فواتير المياه والغاز والكهرباء والضرائب وإلى سحب الأرصدة من البنوك الحكومية للضغط اقتصاديا على الحكومة وإجبارها على الكف عن العنف وتلبية مطالبهم.

ونقلت صحيفة الشرق الأوسط عن عبادي قولها في المقابلة "إذا كانت الحكومة لم تستمع لكلامكم على مدى 38 عاما فقد جاء دوركم في تجاهل ما تقوله لكم الحكومة الآن".

كانت شيرين عبادي قد فازت بجائزة نوبل للسلام عام 2003، وهي واحدة من عدد من منتقدي الزعامة الإيرانية المقيمين في الخارج.

وفي مؤشر على مخاوف قيادة البلاد من صمود الاحتجاجات لتلك المدة قال جنرال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري إنه أرسل قوات إلى أقاليم أصفهان ولورستان وهمدان لمواجهة ما أسماها بـ "الفتنة الجديدة".

من جانبها، حذرت موسكو الخميس واشنطن من التدخل في "الشؤون الداخلية" لإيران بعد أن وعد ترامب بمساعدة الإيرانيين على "استعادة زمام الحكم" في أعقاب التظاهرات الاحتجاجية.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف في مقابلة مع وكالة تاس الرسمية "نحذر الولايات المتحدة من أي محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية لإيران".

وانتقد أيضا دعوة السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي لعقد اجتماع طارئ في مجلس الآمن لمناقشة أعمال العنف.

واندلعت الاحتجاجات على الصعوبات الاقتصادية في مشهد ثاني اكبر المدن الإيرانية في 28 ديسمبر، وسرعان ما امتدت إلى مدن أخرى في إيران ثم تحولت إلى تظاهرات ضد النظام.

ومع تراجع زخم التظاهرات في إيران، يرى محللون أن الرئيس حسن روحاني بات أمام تحديات وفرص في الوقت نفسه، في إطار الجهود التي يقوم بها لإصلاح البلاد.

والانتقادات التي وجهت إلى الرئيس الإيراني تركزت على تخليه عن الفقراء مع محاولته زيادة أسعار المحروقات في ميزانيته الأخيرة التي أعلنت قبل أسابيع من بدء التظاهرات.

وفي خطاب الميزانية أكد روحاني الحاجة إلى زيادة الأسعار للتصدي للبطالة، لكن المرجح أن يرفض مجلس الشورى الإجراءات الأكثر إثارة للجدل كي يظهر أنه يستمع إلى غضب الشارع.

وقال نائب رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية ناصر لاركاني الخميس إن "السكان لم يعودوا قادرين على تحمل زيادة في أسعار الوقود. من الخطأ إقرار هذه الزيادة مع مواجهة السكان مجموعة واسعة من المشاكل اليومية الاقتصادية".

من جهة ثانية، يستأنف أعضاء الكونغرس الأمريكي الذين يعملون على إعداد قانون يشدد بنود الاتفاق الدولي حول النووي الإيراني، الخميس مباحثاتهم مع البيت الأبيض والشركاء الأوروبيين، إلا أن المعنيين أكدوا أن أي نص لن يكون جاهزا عما قريب.

وكان الرئيس الأمريكي أعلن في أكتوبر رفضه الإقرار بالتزام إيران الاتفاق النووي الموقع في 2015.

إلا أن ترامب لم يعد تفعيل العقوبات كما لم يلغ الاتفاق مفضلا إحالة الملف إلى الكونغرس لمعالجة "العديد من نقاط الضعف العميقة في الاتفاق".