الجماهير البحرينية عاشت أجواء وطنية جميلة ونقصد بالجماهير البحرينية ليس فقط جماهير الرياضة البحرينية إنما كل من كان يشجع منتخب البحرين «الأحمر» المشارك في بطولة كأس الخليج لكرة القدم «خليجي 23» بالكويت الشقيقة.

وحتى نكون في منتهى الصراحة فإننا لن نتطرق إلى الشؤون والتحليلات الرياضية فيما يخص فوز منتخب البحرين على منتخب قطر وخسارته أمام المنتخب العماني، فهذا المجال له أهله والمختصون فيه ومن يفهم بمسائله أكثر منا، إنما ما نود التطرق إليه هي بعض الملاحظات الهامة التي حصلت خلال هاتين المباراتين.

كان من الملاحظ أن مباراة منتخب البحرين مع المنتخب القطري قد لمت شمل العائلة البحرينية بمختلف مذاهبها وأطيافها المجتمعية والسياسية وبثت أجواء وطنية ممزوجة بالولاء والحب والتقدير والحماس والاهتمام، حيث نجحت هذه المباراة في استقطاب شرائح من المجتمع البحريني ليس لها اهتمامات رياضية أو كروية بالمرة إنما أرادت تشجيع المنتخب من باب الوطنية والولاء لاسم البحرين، «البحرين أولاً»، فالكل كان يريد فوز المنتخب لأنه يحمل اسم مملكة البحرين الغالي ولأن من يلعب فيه لاعبون من أبناء البحرين والكل كان يطمح أن يكون كأس الخليج بحريني الإنجاز والحصاد هذه المرة.

لقد عاد عهد وطني جميل مر زمن لم يستشعره البحرينيون بهذه الطريقة بالذات عندما احتفل فيها البحريني السني مع شقيقه البحريني الشيعي بعد فوز البحرين على منتخب قطر، حيث رأينا الكل في كافة المدن والقرى يخرج للاحتفال والمباركة والهتاف بشعارات تعكس الانتماء للبحرين، ووصلت موجة الاحتفالات إلى مناطق التخييم «البر»، وإلى الأطفال في الأحياء الشعبية.

لا نعلم لماذا راودتنا فكرة أن هذه الاحتفالات هي نسخة مصغرة من احتفال لم يتم على أرض الواقع يوماً إنما عايشناه بعد نجاحنا الكبير في دحر مخطط الانقلاب الأمني عام 2011 والذي جاء بتمويل عدة دول أهمها تنظيم الحمدين في قطر حينما عادت البحرين إلى صدارة الإنجازات وإكمال مسيرات التنمية.

وجدنا ونحن نحلل مواقف الرأي العام البحريني أن هناك الكثيرين كان وراء حماسهم الشديد وترقبهم لأن تخرج نتيجة المباراة بفوز منتخب البحرين يقبع موقفهم ضد تنظيم الحمدين الإرهابي في قطر، هناك من رأى أن تشجيعه واجب وطني قد يعكس تأكيد موقف ضد مؤامرة الإرهاب الدولية التي تمت على البحرين بتمويل من تنظيم الحمدين في قطر.. لذا لم تكن مفاجئة بعض الهتافات التي خرجت من الجماهير البحرينية والتي لو تأملناها لوجدنا أنها تعكس وتجسد مدى الألم والجروح الموجودة بداخل المواطن البحريني جراء الغدر الذي تعرض له ممن يفترض أنهم أشقاؤه وجيرانه.

حتى أولئك الذين دعموا فكرة أهمية عدم خلط الرياضة بالشؤون السياسية نقول لهم نحن معكم في هذا الكلام، ولكن لكل قاعدة استثناء، وهذا الموقف بالذات الذي جاء بعد الأزمة القطرية، إنما يعكس فطرة لا يمكن انتزاعها من روح الإنسان، الفطرة الوطنية تجعلك تميل لوطنك عندما يمثله فريق أو وفد في أي محفل لكنك تميل بطريقة أكثر «تعصباً» وولاءً عندما تجد فريقك ضد خصم لا يعتبر خصمه في الرياضة إنما أيضاً في ما ارتكبه ضد وطنك من جرائم لا تغتفر.. تلك المشاعر هي من أوجدت هذه الانتفاضة لدى جماهير البحرين التي اتجهت إلى الكويت الشقيقة ومعهم اشقاؤهم الخليجيون من الدول الداعمة لأمن واستقرار البحرين.

بل هناك من كان يهمه خروج المنتخب القطري أكثر من الفوز بالكأس، فالكأس إن فاز به المنتخب السعودي أو الإماراتي على سبيل المثال يعني فوز البحرين والعكس.. هناك من كان مبدؤهم في التشجيع والحماس في هذه البطولة على هذا النظام، وفي هذا لا نلومهم، فمن تجرع مرارة الإرهاب وشاهد كيف حاولوا اختطاف وطنه وهويته وإلحاق الأذى بأهله وإخوته من المواطنين وتغيير الأنظمة الحاكمة لأشقائه في الدول المجاورة «لا يلام»، «وغلطان من يلومهم أو يعارض فطرتهم ومشاعرهم العفوية»، كما من الممكن الاستشهاد بأن هذه المشاعر الخليجية تعكس أن مواطني دول الخليج العربي يعيشون أجواء الاتحاد الخليجي حتى وإن تعطلت وتعسرت ولادته، ولذا نجحت هذه المباراة بالذات في استقطاب الجماهير الخليجية، والكل لاحظ كيف كانت الجماهير الخليجية مهتمة بمتابعتها ونتيجتها بالأخص من الإمارات والمملكة العربية السعودية الشقيقة، فقد كانوا حريصين على حضور المباراة في الكويت إلى جانب نشر عبارات التشجيع والدعم على مواقع التواصل الاجتماعي بل وكانوا من أكثر الجماهير المساندة لجمهور «الأحمر»، حتى شعرنا للحظات أن من يلعب هو المنتخب الإماراتي أو السعودي لا البحريني وهذا شيء ليس بمستغرب على من يعتبرون البحرين بلدهم الثاني بالأصل، ويرفضون أجندة تنظيم الحمدين، في قطر، حيث نقدر لهم مشاعرهم الطيبة هذه ونشكرهم عليها. وللحديث بقية..