أجمع مشاركون في الجلسة الأولى بمنتدى قطر عرّاب الفوضى والأزمات في الشرق الأوسط" التي نظمها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات الاثنين، في فندق السوفيتل بالزلاق، أن دولة قطر تملك تاريخا حافلا بالمؤامرات ودعم الجماعات الإرهابية ضد مملكة البحرين ولزعزعة امن واستقرار المنطقة لتحقيق مآرب سياسية ضيقة.

وأكد المشاركون في الجلسة الاولى التي حملت عنوان: " التهديدات القطرية لمملكة البحرين: شواهد الماضي وممارسات الحاضر"، أن النظام القطري سيكون الخاسر الأكبر من استمراره في تبني سياسات ممنهجة لتهديد أمن جيرانه ومنطقة الخليج وبخاصة مملكة البحرين، بغية نشر الفوضى والنزاعات بين ابناء الوطن الواحد، ليذوق مرارة شر أعماله في المستقبل المنظور.

وقال أنور عبدالرحمن رئيس تحرير صحيفة "أخبار الخليج"، إن الواجب يحتم على الشعب القطري وبقية العائلة الحاكمة أن يرد الاعتبار لنفسه ويمحو وصمة العار من على جبين قطر.


وأضاف أنور عبدالرحمن في كلمته: "نحن لا نضمر أي شيء لقطر لأن العديد من أفراد عائلتها الحاكمة وشعبها هم أناس شرفاء ومحترمون.. نحن في مملكة البحرين نواجه شرور الجد والأب والابن الذي يتولى اليوم مقاليد الحكم، هذا يعني أن المسؤول عن هذه الجرائم الشنيعة هم: خليفة بن حمد آل ثاني وابنه حمد بن خليفة آل ثاني وابنه الضعيف، الذي يتولى الحكم دون أن تكون له أي سلطة حقيقية".

وذكر أنور عبدالرحمن أن الشيخ أحمد بن علي آل ثاني كان آخر حاكم شرعي يتولى السلطة في قطر، وقد أطاح به جد الحاكم الحالي في قطر وذلك يوم 22 فبراير 1972، ليعيد التاريخ نفسه بعد ذلك، حيث أن ذلك الجد، أي الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، قد أطاح به ابنه يوم 27 يونيو 1997، لافتا إلى أنه عندما أطيح بالشيخ أحمد بن علي آل ثاني، كان في رحلة صيد في إيران، حيث عرض شاه إيران غزو قطر إذا وافق الشيخ أحمد على ذلك من أجل إعادته إلى الحكم، غير أن الشيخ أحمد شكر آنذاك جلالته وقال له: "لا أرغب في التسبب في حمام دم في بلادي"، ومستعرضا لدفاتر التاريخ، حضوره وجورج وليامز مدير تحرير صحيفة "جلف ديلي نيوز" آنذاك، صبيحة يوم الجمعة 2 يونيو 2000، واحدا من أهم الفصول في تاريخ البحرين والذي كان على وشك أن يكتب في محكمة العدل الدولية في لاهاي.

وفي عرضه لتلك الواقعة، قال أنور عبدالرحمن: "كانت تلك اللحظة التاريخية تحتم توفير تغطية إعلامية عالية الجودة تحقق للقارئ الفهم والوضوح اللازم – فالموقف كان يتعلق بإصدار محكمة العدل الدولية حكما يكرس سيادة مملكة البحرين على جزر حوار. لقد امتطينا الطائرة وسافرنا إلى لاهاي معتقدين أننا لن نجد في محكمة العدل الدولية، التي تعتبر السلطة الأعلى على وجه الأرض، سوى البراهين والأدلة الصحيحة والشهادات الصادقة بنسبة 100%. لقد كنا مخطئين تماما ! كانت هيئة المحكمة تضم في تركيبتها 15 قاضيا من جنسيات متعددة وقد استمعنا يومها إلى ما ساقته قطر من اتهامات وما أتاه لسان دفاعها من ادعاءات وقد ذهلنا للأمر، لقد طلبت قطر من المحكمة بأن تعتبر بأن مملكة البحرين ليست بأرخبيل – مستندة في ذلك كله على وثائق مزورة. والأغرب من ذلك أن لسان الدفاع القطري جاء بوثائق عثمانية من متجر هولندي لبيع الألعاب، وقد افتضح الأمر عندما بدأت مملكة البحرين الجولة الأولى في جلسة علنية في المحكمة بقيادة المحامي السير إليهو لوتربخت، حيث قال لهيئة المحكمة يومها: "لقد تأكد دون أي مجال للشك أن هذه الوثائق مزورة لا أكثر ولا أقل".

وبين أنور عبدالرحمن أن الوثائق المزورة تسببت في تدمير الدعوى القطرية حتى من قبل أن تبدأ، وأظهرت مدى سذاجة السلطات القطرية. فقد استدلوا بوثائق مزورة كما أن كل المزاعم التي بنوها بشكل مباشر أو غير مباشر بعد ذلك على تلك الوثائق المزورة قد مثلت في حد ذاتها جريمة مكتملة الأركان، متسائلا: " إذا كانوا لم يترددوا في الغش والتزوير لمغالطة محكمة العدل الدولية، المحكمة الأقوى في العالم، فهل تعتقدون أنهم لن يلجؤوا للغش والتزوير مرارا وتكرار بعد ذلك؟"، ومتابعا: "تصوروا أن قطر قد قدمت وثيقة أخرى، زعمت أن من كتبها هو وزير التنمية والصناعة السابق يوسف الشيراوي، وقد اتضح من التاريخ المدون على تلك الوثيقة المزعومة أن الوزير كان في تلك الفترة مجرد طالب في المدرسة الثانوية!".

وأشار أنور عبدالرحمن إلى أن مملكة البحرين تمكنت في نهاية المطاف من كسب قضيتها لدى محكمة العدل الدولية، لكن قطر كانت في الحقيقة قد ارتكبت انتحارا قانونيا، بل نزعت برقع الحياء وسقطت أقنعتها واتضح أنهم مجرد وكر يعشش فيه المتطرفون والإرهابيون، مؤكدا أن قطر قوضت علاقاتها التاريخية والتقليدية مع جيرانها وارتمت في أحضان إيران، متناسية بأن المجتمع الإيراني يمكن أن يتغير، وبالنظر إلى ما يحدث الآن في إيران فيمكن تصور أن تلك الأحداث تقض مضجع قادة الدولة وتصيبهم بالأرق، مشددا على أنه لا يمكن إرساء السلام والهدوء في هذا العالم عبر الحرمان والقتل أو بالاعتماد على الغش والخداع، ففي هذا العصر الذي يشهد طفرة في تقنية المعلومات، أصبحت الشعوب تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من اعتمادها على المحطات الاذاعية والتلفزيونية.

بدوره، استعرض رئيس تحرير صحيفة "الوطن" يوسف البنخليل، أبرز ممارسات النظام القطري التخريبية والمتطرفة ضد البحرين، لتشمل قيام الحكومة القطرية بتشكيل لجنة خاصة لتقييم العلاقات القطرية البحرينية برئاسة شخصيات بارزة في العائلة الحاكمة، حيث عقدت سلسلة اجتماعات وأصدرت تقريرا يحمل عدة توصيات، أبرزها ضرورة احتواء الخلافات القائمة للحفاظ على سمعة قطر وتسليط الضوء الإعلامي على ما تقوم به الدوحة في البحرين، والتوصية بالتركيز على ضرورة دعم التنظيمات الراديكالية في البحرين بغية اختراق جهاز الحكم لكسب المزيد من المؤيدين للسياسة القطرية.

وأكد البنخليل أنه رغم تعاقب ثمانية حكام على حكم قطر، فإن التدخل في شؤون البحرين بقي حقيقة ثابتة ومبدأ مستمرا مارسته الحكومات القطرية المتعاقبة منذ أواخر القرن التاسع عشر، محددا سبعة أوجه للتدخل القطري بالشأن البحريني الداخلي تشمل الأنشطة الاستخباراتية والتحليل السياسي والإعلامي والتجنيس السياسي والتحالف مع إيران رغم تعقيدات المشهد الإقليمي الخليجي، إضافة إلى التدخلات العسكرية والسياسية ودعم المنظمات الدولية ضد البحرين.

وأضاف البنخليل: " لم نشهد خليجيا بلدا يتجسس على آخر بحجم التجسس القطري على البحرين، حيث تم منذ الثمانينات من القرن الماضي رصد أربع خلايا تجسس في المملكة، في محاولة للحصول على معلومات عسكرية وأمنية بحتة وأماكن تواجد القوات البحرينية وقدراتها العسكرية وطبيعة جاهزيتها واعدادها"، لافتاً إلى أن قطر استطاعت توظيف قناة الجزيرة على مستوى الشرق الأوسط والعالم، لتبث أكثر من 900 تقرير وخبر سلبي عن البحرين، إضافة إلى إعداد أربعة أفلام وثائقية عن البحرين تتناول مجالات حساسة داخل المملكة مثل الفقر والطائفية والعلاقات بين الشعب والقيادة بغية إيصال مجموعة رسائل اعلامية سلبية وتشويه سمعة البحرين باللغتين العربية والانجليزية.

وأوضح البنخليل أن التجنيس السياسي يعتبر أداة جديدة في التعامل مع العلاقات الإقليمية لجأت إليه قطر كسلاح خطير بهدف إفراغ البحرين من العائلات العربية وتقديم إغراءات مادية وامتيازات كثيرة لها، إضافة إلى استهلاك المؤسسات العسكرية والأمنية بالتركيز على تجنيس كوادر عسكرية وأمنية على مستوى ضباط وجنود لديهم معلومات أمنية حساسة وإقناعهم بالانشقاق لإحداث إحراج للمؤسسات العسكرية في المملكة.

وذكر البنخليل أن تعميق التحالف مع إيران اشتمل على دعم قطر لأذرع إيران في البحرين وما يدعم ولاية الفقيه ونظام الملالي، لافتا إلى أن قطر قامت بتمويل الخلايا بممارسة الإرهاب ونشر الفوضى داخل البحرين، وإلى أن السفير الايراني في الدوحة لعب دورا مهما في توطيد التحالف ضد البحرين وعقد اجتماعات كبيرة وإدارة غرفة عمليات قناة الجزيرة بالتعامل مع أحداث البحرين في السنوات الماضية، مستعرضا التدخلات القطرية العسكرية ضد البحرين والتي وصلت إلى سبعة تدخلات عسكرية بدأت منذ احداث 1986 باحتلال جزر بحرينية ودخول قوارب عسكرية قطرية للمياه الاقليمية للبحرين لغايات عسكرية بحتة.

أما بشأن التدخلات السياسية، فقد بين البنخليل أنها تركزت على دعم التنظيمات الراديكالية مثل جمعية الوفاق المنحلة، إضافة إلى قيام السفير القطري في دمشق بعقد اجتماعات مع شخصيات معارضة راديكالية ومنح جوازات سفر لشخصيات بحرينية لضمان حرية التحرك والتنقل لهم وتفعيل نشاطهم السياسي في العواصم العربية والأوروبية، إلى جانب إنشاء قناة فضائية بالكامل لضرب حكومة البحرين وزعزعة أمنها واستقرارها.

وفيما يتعلق بدعم قطر للمنظمات الدولية ضد البحرين، فقد تركز وفقا للبنخليل على استضافة الدوحة لمجموعة من مراكز الابحاث الغربية لضرب المملكة وتوظيفها من اجل اقامة فعاليات تحريضية وإعداد دراسات لتشويه سمعة البحرين دوليا، والاستفادة منها أيضا كغطاء لاستضافة بعض الشخصيات الأمنية واإرسال عناصر للبحرين تحت مسميات بحثية بحتة.

وضرب البنخليل مثال المؤسسة العربية الديمقراطية التي ترأسها الشيخة موزة وكان لها دور كبير في دورات الربيع العربي والتجربة التونسية التي مولتها الحكومة القطرية واستضافت العديد من الشخصيات البحرينية ودعمتها تنظيميا وسياسيا. إضافة إلى منظمة "فور شباب " التي كانت واجهة من واجهات الإخوان المسلمين، مع إنشاء 11 منظمة لتجنيد الشباب البحريني وتكوين رأي عام متعاطف مع قطر، مؤكدا أن قطر متورطة في تجنيس المطلوبين البحرينيين قضائيا وإيواء كثير من الشخصيات المتورطة بأعمال إرهابية، ودعم أي شخص يخدم الأيديولوجيات المتطرفة سواء اكانت إخوانية أو اإرانية المنشأ.

من جهته، استعرض د. محمد أحمد عبدالله مدير مركز دراسات البحرين في جامعة البحرين في ورقة عنوانها "آل خليفة وشبه جزيرة قطر" الوقائع التاريخية لأطماع قطر في البحرين منذ التمرد القبلي على آل خليفة في ستينيات القرن الماضي مرورا بمطالبة قطر بإقليم الزبارة والعدوان العسكري القطري على فشت الديبل، موضحا أنه في الوقت الذي داهم بلاء الربيع العربي المنطقة وساهم في خلخلة المنظومة العربية، فإن التاريخ على وشك أن يعيد نفسه مع قطر التي تمر بأوقات عصيبة حاليا بسبب المقاطعة الخليجية والعربية، ومبينا أن النظام القطري منذ التسعينات من القرن الماضي خلقت نفوذا اقتصاديا وسياسيا للعب دور يضعها على الخريطة الاقليمية والتنافس مع قوى اكبر منها بكثير ابرزها المملكة العربية السعودية.

ولفت عبدالله إلى أن قطر سعت إلى تحقيق نفوذها السياسي والاقتصادي الإقليمي من خلال ضمان أمنها والاعتماد على الحماية العسكرية وبناء قاعدتين عسكريتين امريكيتين كبيرتين، مدعومة بمنبر اعلامي قناة "الجزيرة" لدعم مخططاتها التوسعية، مشيرا إلى استمرار مناهضة قطر للسعودية ومصر في محاولة للارتقاء لمواقع السلطة الإقليمية، ليتحول دور قطر لتأجيج الربيع العربي ونقل شرارة تونس إلى كل من مصر وليبيا وسوريا واليمن والبحرين، ومؤكدا على أن استمرار قطر في التفرد بلعب دور إقليمي أكبر من حجمها بكثير يتناقض مع كافة المبادئ والأعراف الخليجية والعربية مما أدى في نهاية المطاف الى التصادم والمقاطعة العربية.

تاريخيا، أكد عبدالله أن آل خليفة استوطنوا شبه جزيرة قطر منذ منتصف القرن السابع عشر، وبالتالي تنكشف نوايا قطر الخبيثة لإحداث القلاقل في البحرين منذ عشرات السنين والتدخل بشؤونها الداخلية لتحقيق مآربها التوسعية.