حكمت المحكمة الكبرى المدنية الثانية بطرد ابن أخ (المدعّى عليه) من منزل عمه، وأمرت بتسليم العقار محل التداعي للمدعي (العم)، وألزمت المدعّى عليه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، بعد أن زعم الأول ببيع العقار محل التداعي له، بموجب عقد عرفي يخلو من توقيع أطرافه.

وأفادت وكيلة المدعّي "العم" المحامية هدى الشاعر بأن القضية لها جانب إنساني، وهو أن موكلها تعهد بتربية ابن أخيه "المدعي عليه" والمعاملة الحسنة، وكأنه أحد أبنائه بل وفضلّه على أبنائه في كفالة كافة احتياجاته من علاج وتعليم وسُكنَى وسمح له بالإقامة في منزله لفترة مؤقتة كنوع من المساعدة وتمكينه من تجهيز أموره الحياتية تمهيداً لاستقلاله بذاته.

ولكن ابن الأخ قابل معروف العم في محاولته لغصب العقار المملوك للعم، مدعيا أن العم باع له العقار محل التداعي، بالاستناد إلى محرر عرفي يخلو من توقيع أطراف الاتفاق على خلاف الواقع وما تثبته المستندات والوثائق الرسمية من ملكية العقار للمدعي. وأردفت الشاعر في تبيان دفاعها المقدّم عن المدعي، بأن من ضمن المستندات التي استند إليها الخصم هو محرر عرفي مضمونه عقد بيع يزعم الخصم صدوره من المدعّي، وهو إدعاء يخلو من الصحة والسند القانوني أو الواقعي المُثبِت له. فالمحرر المنظور يخلو من توقيع طرفَيْ الخصومة الأمر الذي لا يمكن أن يحتّج به في مواجهتهما.


والثابت في قانون الإثبات البحريني بأن "يعتبر المحرر العرفي صادراً ممّن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة". ويتضّح من النص القانوني السابق أن شريطة الاحتجاج بالمحرر العرفي في مواجهة المنسوب إليه هو توقيعه عليه، ولا عبرة بما ذكره الخصم من ظروف واهية لتبرير عدم تواجد توقيع الأطراف كإحالته عدم التوقيع للظروف الصحية التي ألمّت بالمدعي، فحالت دون توقيعه أو المانع الأدبي بينه وبين المدعّى عليه بما حال دون استحصال توقيعه، فهذا مردودٌ عليه بأنه إنْ كانت الظروف الصحية لحقت بالمدعّي فما الذي حال بين المدعى عليه والتوقيع وإن كان المدعي قد تعرض لوعكة صحية، فقد كان بالإمكان استحصال توقيعه بعد تشافيه منها لا كما يزعم الخصم للتحايل على القانون والقضاء . وأما الاحتجاج بالمانع الأدبي فقد استقر القانون والقضاء على عدم الاعتداد به كمبرر دون استحصال السند الكتابي للتعامل

. كما تضمن المحرر توقيع عدد من الشهود – في ظل خلوّه من توقيع الأطراف - من ضمنهم ابن المدعي وهو في معرض هذا التوقيع أنكر نسبته إليه وتفاجأ بإدراج اسمه والتوقيع غير الصادر منه كأحد شهود التعاقد . وحول زعم المدعي عليه بقيامه ببناء العقار محل التداعي رغم ثبوت كونه مملوكا للمدعي بالأوراق الرسمية، قالت الشاعر إنه عندما قام المدعي باستخراج التراخيص للبناء كان عمر المدعى عليه تقريباً 11 سنة فقط وهو في المدرسة، فليس من المعقول أو المُتصوّر عقلاً ومنطقاً أن يقوم هذا الأخير باستخراج التراخيص المتعددة المطلوبة من الجهات الرسمية المعنية لا سيما أنه عندما قام المدعي ببناء العقار محل التداعي كان عمر المدعى عليه 12 سنة بحيث لا يتُصوّر أن يكون وهو في هذا العمر قد باشر إجراءات البناء بنفسه وفق ما أثبتته المستندات والتراخيص والمراجعات والمخاطبات المقدمّة أمام المحكمة.

وأكدت الشاعر أن المستندات جميعها تدل على أن ما تقدمّ به الخصم مناف للحقيقة والواقع وما هو إلا كلام مُرسل عارٍ من الصحة والدليل المؤيد له، والوثيقة العقارية الصادرة بملكية المدعّي للعقار محل التداعي لهي أقوى وأرجح دليل على ملكيته الفعلية والقانونية والواقعية له، هذا فضلاً عن التأكيد على أن الوثيقة المذكورة والممنوح له العقار بموجبها قد نصت صراحة على عدم جواز التصرف في العقار إلا بعد حصوله على إذن كتابي من الحكومة وبعد مضي عشر سنوات.

فيما تاريخ العقد المزعوم والمتضمن أحد أوجه التصرف على العقار بالبيع قد تمّ قبل انقضاء هذه المدة الأمر الذي يكون معه هذا التصرف مخالفاً لاشتراطات الوثيقة محل نشأة الحق في العقار ابتداءً مما يؤدي لبطلانها وعدم ترتب أي أثر قانوني عليها وبالاستناد للدفوع المُبدَاة من وكيلة المدعي إلى القضاء بطرد المدعّى عليه من العقار محل التداعي وتسليمه للمدعّي مع إلزام المدعّى عليه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة .