صنعاء - سرمد عبدالسلام، وكالات

ظهر العميد طارق محمد عبد الله صالح نجل شقيق الرئيس اليمني الأسبق الراحل علي عبدالله صالح الذي أعلن عن مقتله في معارك الشهر الماضي مع الحوثيين، مجدداً في صحة جيدة، في شبوة، التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية، في تأكيد لما نشرته صحيفة "الوطن" قبل أكثر من شهر، أنه لا يزال حياً، ولم يقتل، كما أعلن بعد ساعات من مقتل صالح على يد المتمردين الحوثيين. وخلال مواجهات بداية ديسمبر الماضي أعلن أن نجل شقيق صالح قتل.

وفي أول تصريح علني له بعد مقتل عمه، أعلن العميد طارق صالح، التزامه بـ"وصاية" عمه الراحل، مضيفاً "نمد أيدينا لأشقائنا وخاصة في المملكة العربية السعودية للعمل على إنهاء الحرب وإعادة الأمن والاستقرار لليمن وللمنطقة".



وقال نبيل الصوفي القريب من أسرة صالح إن طارق صالح وصل الخميس إلى منطقة في محافظة شبوة جنوب البلاد، والخاضعة لسيطرة القوات الشرعية.

وتحدث طارق الذي ظهر في تسجيل مصور عن مقتل عمه "الشهيد الزعيم" و"الشهيد عارف الزوكا" الأمين العام للمؤتمر الشعبي حزب علي صالح. وقتل الزوكا بداية ديسمبر الماضي في صنعاء، مع صالح.

ووضع العميد طارق صالح حداً للتكهنات حول مصيره حينما ظهر في مقطع الفيديو في شبوة. ويعد ذلك أول ظهور علني له منذ اختفائه مطلع ديسمبر الماضي والذي قاد فيه ما عرفت باسم "انتفاضة صنعاء"، والتي انتهت بمقتل عمه صالح وعدد من أفراد حراسته الخاصة وقيادات حزبه.

واعتبر مراقبون ظهور "بعبع الحوثيين" بمثابة تطور صادم للمتمردين، الذين اتهموا طارق بالتخطيط لمحاولة الانقلاب على سلطتهم في صنعاء، كما ويكشف عن هشاشة القبضة الأمنية للمتمردين الذين سعوا خلال الشهر الماضي وبداية الشهر الحالي تكثيف حملاتهم الأمنية بحثاً عن طارق صالح الذي يعد المطلوب رقم 1 لديهم، وذلك عبر سلسلة من المداهمات واقتحامات منازل المواطنين في العاصمة صنعاء وأريافها، وكذلك نشر صور له في الشوارع ونقاط التفتيش باعتباره مطلوباً أمنياً .

طارق صالح الذي ظهر الخميس في مقطع فيديو وهو يؤدي واجب العزاء لأسرة أمين عام حزب المؤتمر الشعبي العام عارف الزوكا الذي اغتاله الحوثيون برفقة الرئيس السابق في أحداث صنعاء، قال إنه تعمد أن يكون ظهوره الأول في محافظة شبوة نظراً لمكانتها ومكانة أهلها في قلبه ولرمزيتها الوطنية في قلوب كل اليمنيين.

وأضاف صالح الذي أطل بالزي الشبواني وكان واقفاً إلى جوار نجل أمين عام حزب المؤتمر الراحل عارف الزوكا ووزير النفط السابق في حكومة الانقلاب غير المعترف بها ذياب بن معيلي، في مقطع الفيديو "أنا شخصياً مدين لمحافظة شبوة، وأسرتي مدينة أيضاً.. وهو دين لن ننساه ما حيينا".. في إشارة منه إلى التضحية التي قدمها الراحل عارف الزوكا مع عمه المغدور حينما رفض الهروب وفضل البقاء إلى جواره أثناء اقتتاله مع حلفائه السابقين - المتمردين - الذين قاموا لاحقاً بتصفيته جسدياً في إحدى مستشفيات صنعاء التي كان يتداوى فيها إثر إصابته كما تقول الروايات المتداولة.

وأظهرت الصور والتسجيل المرئي المتداول أن العميد طارق صالح بصحة جيدة، ولا يبدو عليه أية إصابات، أو ربما يكون قد تعافى منها، ليضع بذلك حداً للجدل حول مصيره، ويؤكد شكوك ميليشيا الحوثي التي ظلت تبحث عنه منذ انتهاء الاشتباكات التي قادها ضدهم في صنعاء، غير عابئة بما جرى إعلانه من بيانات النعي حول مقتله مع عمه في 4 ديسمبر الماضي والتي كان الغرض منها تسهيل مهمة هروبه من صنعاء كما قيل لاحقاً.

وكان الغموض قد اكتنف مصير طارق صالح وتضاربت الأنباء حوله خصوصاً وأن الحوثيين لم يعثروا على جثته، ثم أعلن شقيقه يحيى رئيس أركان حرب قوات الأمن المركزي سابقاً والموجود حالياً في العاصمة اللبنانية بيروت، في تغريدة على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام ذكر فيها أن العميد طارق بخير وموجود في مكان آمن، قبل أن يظهر اليوم بنفسه من محافظة شبوة.

وفيما أشارت تقارير إخبارية متطابقة أنه نجح في الفرار من صنعاء عبر مناطق قبائل خولان صوب مدينة مأرب الواقعة تحت نفوذ قوات الجيش الوطني والتي ظل فيها لأكثر من أسبوعين قبل أن يظهر بشكل مفاجئ، كشف مصدر مقرب من رئيس ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" عيدروس الزبيدي أنه تم تهريب طارق صالح عبر منطقة يافع الجنوبية ومنها إلى عدن بحماية الحزام الأمني وبعد ذلك إلى مقر قوات التحالف بعدن في بئر أحمد ومكث هناك عدة أيام ثم غادر بعدها إلى أبوظبي قبل أن يعود إلى عدن مجدداً وتوجه منها الخميس إلى شبوه.

إلى ذلك قال مصدر حكومي طلب عدم الكشف عن هويته، أن طارق صالح وصل المدينة في حماية قوات "النخبة الشبوانية"، المدعومة من الإمارات.

وأضاف قائلاً "وصل طارق إلى منزل الزعيم القبلي، فهد العولقي في المدينة، وانتشر العشرات من قوات النخبة لحماية المنزل". كما حلقت مقاتلات للتحالف العربي، بكثافة في سماء مدينة عتق، لتأمين موكب طارق الذي وصل لتقديم واجب العزاء.

وأكدت مصادر خاصة لـ "الوطن"، مغادرة طارق صالح متوجهاً صوب محافظة مأرب بعد ساعات من زيارته محافظة شبوة.

ولا يعرف على وجه الدقة ماهية الدور المستقبلي المتوقع إسناده لطارق صالح، قائد القوات الخاصة للرئيس الراحل صالح، والذي قاد معارك ضد الحوثيين جنوب صنعاء مطلع ديسمبر 2017، غير أن مصادر في الجيش الوطني للرئيس الشرعي المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي ألمحت إلى إمكانية إسناد مهمة إعادة تجميع عناصر ما كان يعرف بالحرس الجمهوري والقوات الخاصة لقيادة معارك في جبهات الساحل الغربي جنباً إلى جانب مع ألوية المقاومة التهامية والمقاومة الجنوبية والتي ستكون من أقوى الجبهات القتالية لتحرير مدينة الحديدة الساحلية ومن ثم الانعطاف باتجاه صنعاء للالتحام مع باقي الجبهات ومحاصرة صنعاء من جميع الاتجاهات تمهيداً لخنق مليشيا الحوثي الإيرانية وإجبارهم على الاستسلام.

غير أن عدداً من المراقبين استبعدوا حدوث مثل هذا الأمر، مؤكدين أن طارق صالح في حديثه لدى ظهوره الخميس لم يوجه رسالة واضحة المعنى حتى يبنى عليها وما هي الخطوات التي سيقوم بها خلال الأيام القادمة.

وكان حزب المؤتمر عين الأحد الماضي خليفة للرئيس السابق هو صادق أمين أبوراس الوزير السابق للزراعة. لكن الحزب يبدو منقسما وانضم عدد من كوادره وأعضائه إلى معسكر الحكومة الشرعية.

ويعد طارق الأوفر حظاً للعب دور محوري في الساحة اليمنية أكثر من أي شخص سواه في عائلة الرئيس السابق كونه غير مشمول بأية عقوبات أممية أو قرارات دولية قد تقيد من حركته، كما يحظى بعلاقات واسعة في أوساط القوات التابعة لحزب المؤتمر أو ما يعرف بقوات صالح، لكن العائق الوحيد في نظر البعض هو احتجاز عدد من أفراد أسرته لدى الحوثيين الذين يحاولون الضغط عليه والتهديد بتصفيتهم حال فكر القيام بمحاربتهم مجدداً، وهو أمر مستبعد عند البعض الذين يقولون أنه يفترض ألا يشكل عائقاً كبيراً لرجل عسكري شجاع، مدللين على رؤيتهم تلك بالرئيس عبدربه منصور هادي الذي لم يرضخ لابتزاز الحوثيين الذين مازالوا يحتجزون شقيقه اللواء ناصر منصور هادي وبعض أقاربه منذ قرابة 3 سنوات فيما لا يزال يحاربهم بعزم يتضاعف كل يوم وكل لحظة .

يذكر أن الميليشيا الحوثية اعتقلت مدين نجل صالح، وعفاش النجل الأكبر للعميد طارق صالح، إضافة إلى شقيقه محمد محمد عبدالله صالح.