لم تكتفِ إيران باحتلال دولة الأحواز العربية وحسب، بل وتعريض شعبها لكافة صنوف الانتهاكات الإنسانية البشعة، وكنت قد طرحت في صيف العام الماضي في ورقة عمل قدمتها بمؤتمر أحوازي في مدينة لاهاي الهولندية، أن طهران قد تمادت في فنون القمع والجبر بحق الأحوازيين لاسيما في هويتهم، من خلال السعي إلى القضاء على الهوية العربية الأحوازية، بمنع التحدث باللغة العربية وإغلاق المدارس الناطقة بها، وإتلاف كل الكتب والوثائق العربية، وطمس الآثار العربية وتسميتها بأسماء فارسية، وإجبارية الخدمة العسكرية. ناهيك عن سنّ طهران لقانون تحديد النسل في الأحواز العربية والذي لم يستجب له الأحوازيين لتلجأ طهران لاستغفال الأحوازيين بتوزيع حبوب قيل إنها لمكافحة الملاريا بينما هي في حقيقة الأمر هي حبوب عقم للرجال والنساء لم يسلم منها حتى الأطفال، لتحقق طهران أهدافها في الإبادة الجماعية وتطهير العرق العربي هناك. يضاف إليها الاعتقالات والتعذيب والاغتيالات التي تعرض لها الأحوازيون من قبل النظام الإيراني الجائر.

إن الاعتقالات والاغتيالات الإيرانية بحق الأحوازيين الموضوع القديم المتجدد دائماً، الذي لم تنفك طهران عن ممارسته ببشاعة، وبعدما كانت تلك الانتهاكات في الداخل الأحوازي أو على بعض الأراضي الإيرانية، إذ اعتقلت طهران ولسنوات طوال العشرات من عرب الأحواز، وبينهم أطفال، في حملات قمعية متصاعدة. وقد تطورت تلك الانتهاكات إلى استهداف الاستخبارات الإيرانية للأحوازيين المهاجرين في الخارج، وخصوصاً في الدول الأوروبية، من خلال عملية أسفرت عن اغتيال المناضل الأحوازي أحمد مولى «أبوناهض» –رئيس حركة النضال لتحرير الأحواز– أمام منزله في لاهاي، الأمر الذي أغضب المنظمات الحقوقية الدولية. لتكرر المخابرات الإيرانية فعلتها بمحاولة اغتيال المناضل محمود أحمد الأحوازي –الأمين العام لجبهة الأحواز الديمقراطية وعضو مؤسس وقيادي في المجلس الوطني لقوة الثورة الأحوازية– باقتحام منزله بالعاصمة البريطانية لندن.

* اختلاج النبض:

لماذا تقتل إيران الأحوازيين؟ إن ما يميز الأحوازيين باستهدافهم عن المعارضة الإيرانية، تمسك الأخيرة بقوميتها الفارسية في كل الأحوال، بينما يتمسك الأحوازيون بحفظ هويتهم وتعزيزهم لقوميتهم العربية وغرسها في أجيالهم جيلاً تلو الآخر، بل والعمل على تأكيد انتمائهم الخليجي الذي قد يغري دولاً خليجية على الضفة الغربية لدعمهم بشكل رسمي وعلني ما يمنحهم مزيداً من القوة في مواجهة عدو مشترك. يضاف إلى ذلك أن الأحوازيين قد قوى تأثيرهم ونضالهم لاسيما مع انطلاق ذراع إعلامي قوي لهم في الفترة الأخيرة ونشاطهم في عقد المؤتمرات باستقطاب نخب فاعلة ومؤثرة في دول عربية عدة وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي.