أحمد عطا

لا تعد طريقة 3/5/2 ومشتقتها 3/4/3 من الطرق الجديدة في عالم كرة القدم بل إنها تعود لأزمان سحيقة في عمر اللعبة الشعبية الأولى في العالم.

لكن في ربع القرن الأخير لم تكن تلك الخطة تحتل صدارة اهتمامات المدربين الأوروبيين أبداً، بل كان اللعب برباعي خلفي هو المهيمن دائماً على المقدرات الفنية، إلا أن هذا الأمر كاد أن يتغير في الموسم الماضي بعد أن كاد يندثر ولم يتبقَ من الفرق التي تستخدمها سوى يوفنتوس.



فصحيح أن روبيرتو مارتينيز مع إيفرتون وماوريسيو بوتشيتينو مع توتنهام سبقا أنتونيو كونتي في اللعب بثلاثي دفاعي في بعض الفترات رفقة فرقهم، إلا أن الخطة ذاع صيتها إلى حدٍ بعيد في الموسم الماضي مع النجاحات العظيمة التي حققها المدير الفني الإيطالي رفقة البلوز وقيادته إياهم لنيل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز من موسمه الأول في الملاعب الإنجليزية.

برع لاعبو كونتي في استغلال فرصهم المتاحة للتسجيل والتقدم في النتيجة قبل أن يغلقوا كل المنافذ الدفاعية لمرماهم تاركين ثلاثياً هجومياً متمثلاً في دييجو كوستا وإدين هازارد وواحد من بيدرو رودريجيز أو ويليان.

نجاحات كونتي على مدار الموسم شجعت عدداً من المدربين على تقليده، فعاد بوتشيتينو إلى اللعب بثلاثي من جديد وقرر آرسن فينجر هذا الموسم أن يلعب بثلاثي وهو أمر لم يفعله طوال تاريخه مع الجنرز كما عادت العدوى لإيطاليا -التي اشتهرت بعدة مدربين يلعبون بهذه الطريقة- لنرى ميلان يلعب بثلاثي دفاعي رفقة المدير الفني مونتيلا كما كان لإشبيلية تجربة "شبه" ناجحة مع إشبيلية في الموسم الماضي رفقة سامباولي عندما لجأ لنفس التكتيك لكن بنزعة هجومية وأخذها معه إلى منتخب الأرجنتين بنزعة لا هي هجومية ولا دفاعية بل كانت بنزعة فوضوية إن شئنا الدقة!

بعضٌ من تلك الفرق حققت نجاحات وقتية، فتميز إشبيلية رفقة سامباولي قبل أن ينهار في الثلث الأخير من الموسم كما انتصر بها آرسن فينجر في عدة مباريات قبل أن ينهار فريقه دفاعيًا وهو نفس الأمر الذي حدث مع ميلان الذي بدأ هذا الموسم بتطلعات عظيمة لكن سرحان ما انقشع الغبار ليظهر الروسونيري بحلّة غاية في السوء انتهت بإقالة المدير الفني الإيطالي.

الخطة هذه الأيام انحسرت لتقتصر على يوفنتوس "أحياناً" وتشيلسي "دائماً" وآرسنال، لكن لم يعد كثيرون من فرق الصف الأول يلجؤون إليها، فالخطة كشفت عن مشاكل دفاعية كبيرة عندما يريد الفريق أن يتولى زمام الأمور في المباراة فيتم ضربه بالكرات الطويلة الساقطة خلف الدفاعات وتحديداً عند الأطراف الخالية من اللاعبين المتقدمين، كما حدث مراراً مع آرسنال بينما رحلت الخطة عن إشبيلية مع رحيل سامباولي عن القلعة الأندلسية. فيما آثر كونتي السلامة ليعزز خط وسطه بلاعب إضافي مع التحول لـ3/5/2 بدلاً من 3/4/3 ليفقد الفريق بوصلة الانتصارات ويقع كثيراً في فخ التعادلات بعد أن بات عاجزاً عن تهديد مرمى خصومه في بعض المباريات خائفاً من الخروج بكثافة بلاعبيه للسيطرة على اللقاءات خاصة مع عدم ابتعاد ديفيد لويز الذي كان يصنع اللعب من الخلف ويساهم في بنائه مع خط الوسط.

وفي واقع الأمر وبعد مشاهدات عديدة، تبدو الخطة مناسبة في ظروف معينة وبنوعية لاعبين معينة، فآرسنال انتحر عندما حاول تنفيذها في الفترة الأخيرة بوجود لاعبين مثل هولدينج وتشامبرز ضمن ثلاثي الدفاع، وتشيلسي كان عاجزاً عن تنفيذها بنفس شكل العام الماضي لغياب ثقة كونتي في ويليان وبيدرو وكذلك لانخفاض مستوى فيكتور موزيس مقارنة بالموسم الماضي وهي الخطة التي تعتمد بشكل رئيس على ظهيري الجنب اللذين يشكلان الزيادة العددية في أي خط من خطوط الملعب، ولتقريب الفكرة يمكنك أن تتذكر كيف يتحرك ماركوس ألونسو وينفذ هذا الأمر ببراعة منضماً لخط الوسط تارة ومفاجأته للخصوم بدخوله لمنطقة الجزاء تارة أخرى، هذا بالإضافة لواجباته المعتادة على خط التماس.

انحسار الإعجاب بالخطة امتد لإيطاليا، حيث عاد جاتوسو إلى اللعب برباعي دفاعي في ميلان عقب إقالة مونتيلا، كما لم نعد نشاهد يوفنتوس يلعب كثيراً بثلاثي دفاعي بعد رحيل بونوتشي، فيما كان أحد معاقل الخطة توتنهام يعود إلى اللعب برباعي دفاعي بعد أن ارتأى ماوريسيو بوتشينيو أن الاستمرارية في نتائج إيجابية لم يعد متاحاً بهذه الخطة.

فهل أفل نجم 3/4/3 و3/5/2؟ أم أنها لم تكن مجرد موضة عابرة في الموسم الماضي وبداية هذا الموسم وستعود بقوة؟ الأيام فقط سترد على هذا السؤال.