في تاريخ الخليج العربي كثيراً ما ارتبطنا بالعراق وسياساته وتحولاته وكنا بين إقبال عليه وإدبار عنه لما شهده من تحولات كثيرة في فترة زمنية لا يمكننا القول بطولها قياساً بتاريخ كثير من الدول وتحولاتها، ولكنه في أغلب الأحيان كان العراق يلقي علينا بكثير من الظلال من أزماته ومشكلاته السياسية نظراً للاتصال الجغرافي الوثيق الذي بربطنا به في دول مجلس التعاون الخليجي. وها نحن اليوم نولي أنظارنا نحو العراق مجدداً.. العراق الذي كنا نغازل فيه حلم العودة إلى الحضن الخليجي من جديد، لنواجه معه معضلة التحالفات الجديدة الآخذة في التشكل بما لا يحسب فيها لمصالح دول الجوار الخليجي الأخرى أي حساب، لا سيما في ظل تلك الأوضاع المضطربة والصراع الدائم مع بعض الأطراف الإقليمية وخصوصاً إيران.

لكم كان مفاجئاً إعلان العبادي عن تحالفه مع الحشد الشعبي في الانتخابات المرتقبة - في 15 مايو المقبل - نكاية في المالكي، بينما ينتمي كلاهما في الأساس إلى حزب واحد «حزب الدعوة»، الذي أخذ شكله الجديد بانقسام كل منهما عن الآخر وجمع أتباعه من داخل الحزب نفسه، ما يعني أن الشعب العراقي في مأزق لا يحسد عليه فأينما ولى صوته إنما سيوليه لحزب الدعوة من هنا أو هناك من خلال المالكي أو العبادي على السواء. والغريب في الأمر أن من اختار التحالف مع الحشد الشعبي اليوم هو نفسه من أعلن وأكد قبل قرابة شهرين منع «الحشد الشعبي» من المشاركة في الانتخابات، وهو نفسه من قرر أن بقاء الحشد الشعبي لن يطول بعد القضاء على «داعش» لما عرف به «الحشد» من طائفية مقيتة، فكيف وافق اليوم على عودته والتحالف معه ليجعل من الشعب العراقي ضحية لقراراته؟!

حديثنا عن الشأن العراقي هذا ليس تدخلاً في شؤون الدول الأخرى، ولا نحلل لأنفسنا ما حرمناه أو رفضنا ممارسته من إيران مثلاً على دول الخليج العربية، وإنما ينطلق من تداعياته علينا كخليجيين يروون أن تحالفات العبادي غير مبررة على الإطلاق، كون الحشد الشعبي امتداداً بشكل ما لقاسم سليماني وإيران، وله مواقفه العدائية تجاه الخليج ولعلي ما زلت أذكر كيف أن الحشد الشعبي قد علّق صور المعمم «نمر النمر» على مدافعه على خلفية إعدامه في السعودية.

اختلاج النبض:

إن أراد العبادي مغازلة إيران أو «السيستاني» فذلك شأنه وحده، ولكن عليه احترام مخاوف محيطه الجغرافي وأمنه، ومراعاة التوازنات الإقليمية.