بين فترة وأخرى تعلن وسائل إعلام إيرانية عن تشييع مقاتلين من ميليشيات لواء «فاطميون» الأفغاني في مدينة قم، والذين يلقون حتفهم في معارك مع قوات الرئيس بشار الأسد وميليشيات أخرى داعمة لنظام دمشق، ضد المعارضة السورية.

وقبل فترة بدأ الإعلام الإيراني الرسمي الإشارة إلى «فاطميون»، عبر بث تقارير حول مشاركة مقاتلين أفغان في معارك سوريا على جبهات عدة، وإعلان الحكومة الإيرانية رسمياً أنها ترسل «مستشارين عسكريين» إيرانيين بالإضافة إلى مقاتلين «متطوعين» يأتون من أفغانستان وباكستان، للقتال في سوريا.

ولا يمكن تجاهل حقيقة مفادها أن أحد أسباب اندلاع الانتفاضة الأخيرة في إيران والتي كان ضحيتها نحو 50 قتيلاً وآلاف المصابين والمعتقلين، هو دعم إيران اللوجستي لميليشيات وأنظمة، وإنفاق عشرات المليارات على دعم وتسليح تلك الميليشيات في الخارج، وبينها بطبيعة الحالة «فاطميون»، فيما يرزح نصف سكان إيران تحت خط الفقر.

ويعد لواء «فاطميون» الذي يتألف من مجندين شيعة أفغان، من القوات الرئيسة التي تم تدريبها على يد قوات الصفوة في الحرس الثوري الإيراني من أجل المشاركة في المعارك لصالح نظام الأسد، ويضم بين صفوفه من 20 إلى 25 ألف مقاتل.

ووفقاً لوسائل إعلام إيرانية، يتشكل اللواء من مقاتلين سابقين ينتمون إلى الأقلية الأفغانية الشيعية المعروفة باسم «الهزارة» التي كانت تحارب مقاتلي حركة «طالبان أفغانستان»، بالإضافة إلى مقاتلين أفغان كانوا يقاتلون إلى جانب إيران خلال الحرب مع العراق بين عامي 1980 و1988.

واللاجئون الأفغان الذي ينتمون إلى أقلية الهزارة يتكلمون اللغة الفارسية ويسكنون وسط أفغانستان، وآسيا الوسطى، وإيران، وتشير وثائق تاريخية إلى أنهم يعودون إلى العرق المنغولي.

ولا تدّخر إيران وسعاً في الدفع بتلك الميليشيات في محرقة الحرب في سوريا وغيرها، حيث تجتهد في التغرير بهم وإقناعهم أن الحرب هناك من أجل «الدفاع عن العتبات المقدسة لآل البيت»، وسارعت إلى الدفع بـ «فاطميون» وغيرها خاصة في دمشق وريفها، الأمر الذي فسر على أنه محاولة استيطان ممنهجة لتغيير هوية العاصمة دمشق، في حين أصبحت مناطق وأحياء ومخيمات في ريف دمشق خاضعة لتلك الميليشيات، لعل أبرزها الغوطة الشرقية وهناك أيضاً في القلمون، وفي حندارات في ريف حلب.

وظهر «فاطميون» أواخر 2012، بعد أن تضاعفت خسائر نظام الأسد، حيث بدأت إيران في التفكير في كيفية تقديم الدعم اللوجستي للنظام من خلال لاجئين باكستانيين وأفغانيين، تقدمهم على أنهم مقاتلون بعد تدريبهم، وتنظر إليهم باعتبار أن أجورهم زهيدة، ويعيشون أوضاعاً إنسانية ومادية صعبة، فيما يصل أجر المقاتل الواحد إلى نحو 500 دولار شهرياً، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام تابعة للمعارضة السورية.

وقد حذر معارضون سوريون من خطر التغيير الديمغرافي الذي تنهجه إيران في سوريا، حيث توسع المخطط الإيراني في تجنيد الشيعة الأفغان اللاجئين خلال السنوات الماضية، والذين يقدر عددهم في إيران بنحو 3 ملايين نازح، فروا من الحرب في أفغانستان، حيث افتتحت طهران للمقاتلين الأفغان في سوريا مكاتب ومقرات، وقدمت لهم مغريات تتمثل في الإقامة الدائمة وتعليم أطفالهم في المدارس الحكومية الإيرانية، مقابل قتالهم في سوريا لفترات محددة.

وقد قاتل «فاطميون» في بداية الأمر ضمن «لواء أبي الفضل العباس»، ثم تم توزيعهم على ميليشيات مختلفة مناصرة لجيش الأسد، حتى تم تأسيس اللواء الذي ينتسب في الأساس إلى «حزب الله أفغانستان». وتشير تقارير أخرى إلى مشاركة «فاطميون» في معارك العراق إلى جانب القوات الحكومية وميليشيات «الحشد الشعبي» ضد تنظيم الدولة «داعش».

وفي حصيلة أخيرة غير نهائية، كشف المسؤول الأفغاني باللواء حجة الإسلام زهير مجاهد عن مقتل أكثر من ألفي مقاتل وإصابة نحو 8 آلاف آخرين من ميليشيات «فاطميون»، منذ تدخلها في حرب سوريا قبل 5 سنوات، وهذا ما دفع الحكومة الأفغانية، إلى مطالبة إيران بحل تلك الميليشيات.

* وقفة:

لا يتردد نظام «ولاية الفقيه» في استغلال الفقر المدقع الذي تعانيه عائلات أفغانية لاجئة في إيران حيث تبتز طهران شباناً ورجالاً من أجل القتال مع نظام الأسد بسوريا مقابل مبالغ زهيدة، إضافة إلى منح عائلات من يلقى حتفهم منهم الجنسية الإيرانية، وبالتالي تستغلهم إيران ليكونوا محرقة لها في الظاهر، بذريعة «الدفاع عن العتبات المقدسة لآل البيت»، بينما في الباطن هم في الحقيقة يدافعون عن نظام طاغ يقصف شعبه بالأسلحة الكيميائية!