كتبت أمس هنا شارحاً، كيف أن الناس وهي تموج اليوم بسبب بعض القرارات المؤثرة على حياتها، لا نجد حجم التفاعل المطلوب معها، خاصة من الجانب البرلماني بشقيه الشورى والنواب، وحتى أنني أشرت لجدول أعمال جلسة مجلس الشورى التي نشرتها الصحافة، وكانت خالية من التطرق لموضوع الساحة المثار حالياً والذي يتحدث عنه الناس.

هذه ملاحظة سجلناها، لكن ما يفاجئك اليوم، أن تنشر الصحافة فاصلاً نقاشياً بين رئيس مجلس الشورى الأستاذ علي الصالح والعضوة دلال الزايد عن موضوع معين، يكشف في خلاصته أمراً مؤلماً، يجعلك كمواطن تتحسر إن كان هذا هو حال بعض أعضاء البرلمان، بحيث يبينون أنه لا اهتمام أو التزام لديهم بشأن أهمية ودور غرفتهم التشريعية، وأكرر البعض لا الكل هنا.

الأستاذة دلال اعترضت على عدم رفع الرئيس الصالح الجلسة لأداء صلاة الظهر، وأن الجلسة طالت لأكثر من ساعة وهو ما يخالف اللائحة الداخلية، والرئيس رد مستنداً إلى فتوى بشأن وقت الصلاة الممتد لأذان العصر، مع إمكانية الخروج لأدائها والجلسة مستمرة. ومع إلحاح الزايد، كشف الرئيس عن واقع أليم، مفاده أن هناك سبباً آخر يتمثل بأن بعض الأعضاء لا يعودون للجلسة بعد الصلاة، فترفع لعدم اكتمال النصاب!

سأقول أولاً «معقولة»؟! وسأكمل بالإجابة بنفسي أن «نعم معقولة»، إذ هذا النقاش ذكرنا بحالات عديدة حصلت في مجلس النواب، لتسرب نواب وعدم عودتهم بعد أداء الصلاة، أو أن تستأنف الجلسة، وبعضهم خارج القاعة، يتحدث مع هذا أو ذاك، أو في مجلس الاستراحة أو حتى لا يعود.

يومها قلنا بأن مثل هذه التصرفات التي تنقلها الصحافة ضمن تغطيتها لجلسات النواب والشورى، من شأنها أن تخلق حالة للانطباع السلبي لدى الناس، تزيد أصلاً على الحالة السائدة من عدم الرضا لدى الناخبين على أداء نوابهم، أو المتتبعين لعمل مجلس الشورى الذي يضم خبراء ومتخصصين، بحيث تتزعزع نظرة الناس لهم أكثر.

قد يقول البعض لائماً بأننا «نكبر» المسألة، وأنها مسألة لا يستدعي التوقف عندها أو الكتابة عنها. لكنني أرى العكس تماماً، إذ إن عملية الالتزام التام بالمهام، وإظهار الحرص في مثل هذه الجلسات، وهي جلسات أسبوعية، تعكس للناس كثيراً من الأساليب التي تكشف لهم بصريح العبارة العضو المعين أو النائب المنتخب.

أنا حينما أبحث عن النائب الذي انتخبته في كل جلسة، وأترقب مشاركته واهتمامه بما يدور في كل بند للنقاش، وبشأن كل موضوع يطرح، خاصة في أوقات يحتاج الناس فيها لمعرفة مواقف نوابهم، وحينما لا أجده يعود للقاعة بعد صلاة الظهر، فماذا تريدون حكمي الصادر بحقه أن يكون؟!

حاله في نظري كما الطالب في المدرسة حينما يهرب من الحصص الأخيرة في اليوم الدراسي، أو كما الموظف حينما يهرب من دوامه ولا يكمله، في حالة «تسيب» مرفوضة، لأن التسيب يدل على انعدام الاهتمام.

حتى بالنسبة للشورى وأعضائه الذين كنا نقول عن كثيرين منهم بأنهم أصحاب أطروحات واقعية، بعضها كان يدافع عن الناس أكثر مما تدافع عنه أطروحات النواب، حينما نرى هذه التصرفات، ويؤكد عليها رئيس المجلس عبر مخاوفه بأنهم لن يعودوا بالتالي لن تستكمل الجلسة، وستكون جلسة أسبوعية ناقصة، أي أن جدول أعمالها لن يستكمل، والنقاش فيها لن يحقق المرجو منه، وسترجأ المواضيع لجلسات قادمة.

المفارقة في الموضوع بالنسبة لي تتمثل في شيء واحد لا غير، إذ كيف يكون «الحريص» على أداء الصلاة في وقتها، «غير حريص» ألا يستكمل عمله على وجهه الأكمل، خاصة وإن كان عملاً موجهاً للناس ويعولون عليه؟! أليس العمل عبادة أيضاً؟! والتسيب وإهمال المسؤوليات وخذلان الناس والدولة هي «مناكر» إدارية إن جاز لنا تسميتها، والصلاة كما يفترض أن نعرفها هي التي «تنهى عن الفحشاء والمنكر»!

والله نكتب هذا الكلام، ونحن نقول بكل استغراب «يا للأسف»!