أظهر تقرير إحصائي زيادة كبيرة في مخصصات الماء والكهرباء في الموازنة العامة للدولة من 250 مليون دينار في موازنة 2011 إلى 315 مليون دينار في موازنة 2016، بمعدل زيادة 80%.

وبين ارتفاع إنتاج الكهرباء في البحرين من 1063 ميغاوات العام 1999 إلى 3920 ميغاوات 2017 بنسبة زيادة 270%، كما ارتفع إنتاج المياه من 90 مليون جالون إلى 186 مليون جالون بنسبة قدرها 105
%.



وجاء في التقرير الذي بثته وكالة انباء البحرين (بنا) أن "الدعم الحكومي المقدم لخدمات الكهرباء والماء يبرز في الفرق بين كلفة إنتاجها في المحطات ذات الاستثمارات والتشغيل العالية وسعر بيعها القليل نسبيا للمستهلك؛ إذ تبلغ كلفة إنتاج الكهرباء في المملكة حوالي 30 فلساً لكل كيلو وات/ساعة، بينما تباع بـ3 فلس فقط، وكلفة إنتاج الماء 750 فلساً لكل متر مكعب، وتباع بـ 70 فلساً فقط".

تخفيف العبء عن المواطن

وأضاف التقرير "رغم القفزة التنموية والحضارية الهائلة التي شهدتها المملكة بسبب الأثر الذي تركه التطور النوعي الكبير في قطاع الكهرباء والماء، فإنها لم تدخر جهداً في تقديم خدمات التزود بهاتين السلعتين الغاليتين بأسعار كانت ومازالت شبه مجانية مقارنة بما هو عليه الحال في دول تشبه البحرين في ظروفها الاقتصادية، وربما لا تعاني مثلها من محدودية مواردها
.

واضطرت الدولة لاتخاذ قرار صعب قبل نحو سنتين لزيادة أسعار الكهرباء والماء لتقليل هذا الفارق الكبير بين سعر إنتاج الوحدة من الكهرباء والماء وسعر التزود بها، لكنه لم يمس المواطن كثيراً، حيث كان هدف الدولة وما زال من قرار إعادة توجيه الدعم لمستحقيه التقليل من الهدر في استخدام الطاقة"، مشيراً إلى أن حكومة البحرين أبقت على تعرفة الكهرباء والماء للمستهلكين من فئة الاستهلاك المنزلي للمواطن البحريني على حساب واحد دون تغيير، ومراعاة المشتركين من فئة الاستهلاك الصغير والمتوسط من فئة الاستخدام غير المنزلي من المواطنين أصحاب المؤسسات والمحلات الصغيرة والمتوسطة التي يكون استهلاكها في حدود 5000 وحدة كهرباء، لما تمثله هذه الشريحة من دور في تنمية الاقتصاد وتحفيز الإنتاجية لدى المواطنين الذين تعد مثل هذه المؤسسات أحد مصادر دخلهم. وهذا التعديل البسيط في تعرفة الماء والكهرباء أدى إلى زيادة الوعي في نمط الاستهلاك وترشيده، مما ترتب عليه عوامل إيجابية من النواحي الاقتصادية والبيئية، كما أدى إلى خفض الاقتراض العام وتقليل العجز في الموازنة العامة للدولة".

ولفت التقرير إلى أن "الدولة لم تتوقف عن دعمها لأسعار الكهرباء والماء للمواطنين، حتى هذه اللحظة، حيث يمكن الإشارة إلى مكرمة القيادة الرشيدة لتخفيف العبء عن كاهل البحرينيين، ومن أبرز هذه المكرمات: المكرمة الملكية عام 1999 بتخفيض رسوم الكهرباء والماء التي وصل عدد المستفيدين منها عام 2016 إلى أكثر من 11 ألف مواطن، فضلاً عن الدعم الحكومي الموجه لأسعار الكهرباء والماء الذي وصل إلى 350 مليون دينار (مليار دولار) في موازنة 2013-2014 وحدها. وواصلت المملكة مجهوداتها لتطوير قطاعي الكهرباء والماء، وحرصت عبر الأجهزة المعنية على توفير المخصصات المالية اللازمة لمشروعات تطوير وتنمية وصيانة المياه والكهرباء، وعدم تأثر هذه المخصصات بأي ضغوط مالية مع انخفاض الإيرادات النفطية منذ منتصف العام 2014. إضافة إلى تخصيص نسبة كبيرة من برنامج التنمية الخليجي لتطوير وصيانة هذا القطاع الحيوي".

مشروعات واعدة

وأوضح التقرير أن "الاهتمام بتوفير الكهرباء والماء مثل أولوية رئيسة للحكومة، رغم ما يواجه ذلك من صعوبات تتعلق بمناخ المملكة الصحراوي حيث تندر المياه وترتفع الحرارة، إلى جانب الزيادة المستمرة في عدد السكان والنشاط الاقتصادي، فسعت إلى إقامة مشروعات ضخمة لتحلية المياه، وإنتاج الكهرباء من الغاز بدلاً من النفط لمحدودية إنتاجه، والتنمية والتحديث المستمر لمرافق المياه والكهرباء، والاستثمار في الطاقة المتجددة النظيفة، ودخلت البحرين الألفية الجديدة وكل عمرانها مزود بالمياه الصالحة المأمونة، ومرافق الصرف الصحي، والكهرباء".

وأضاف "وضعت الحكومة في برامج عملها ضرورة توسيع الطاقة الإنتاجية للكهرباء والماء وتقليل نسبة الانقطاعات عن طريق تطوير مشاريع تزيد القدرات المتاحة لإنتاج ونقل الكهرباء مثل مشروع محطة الدور التي تبلغ تكلفة إنتاجها 1.5 مليار دولار وتسهم في تأمين احتياجات المملكة المستقبلية للكهرباء والماء من خلال توفير ما يزيد على 4000 ميغاوات من الكهرباء لتعزيز القدرة القائمة، و90 مليون جالون من المياه المحلاة. إضافة إلى إعادة تأهيل محطة سترة وبناء وحدة معالجة المياه المحلاة، وتوسيع قدرة شبكات نقل وتوزيع الكهرباء والماء والسعي نحو تقليل الفاقد في الشبكات، والتطوير الفعلي لشبكات نقل الكهرباء القائمة، واستحداث شبكات الجهد الفائق 400 كيلو فولت بتقليل مستوى قصر الدائرة الناتج عن تطوير توسع شبكة الكهرباء وزيادة الأحمال.

كما استفادت المملكة من الربط الكهربائي الخليجي، الذي دشنت المرحلة الأولى منه في صيف 2009، والاستثمار في الطاقة المتجددة والبديلة.

خطة لرفع كفاءة الطاقة

وسعت المملكة، حسب التقرير، إلى تحقيق كفاءة استخدام الكهرباء والماء والترشيد والحد من الإهدار وتقليل الفاقد منه وتشجيع الاستفادة من التكنولوجيا الموجهة في هذا الشأن، إضافة لحماية وتطوير الخزانات الجوفية وزيادة المخزون المائي والتركيز على مصادر جديدة للطاقة المتجددة لتلبية الطلب المتنامي على الطاقة في المملكة
.

ونظراً للزيادة المضطردة في استهلاك الطاقة والحاجة الملحة لضبط هذه الزيادة بحيث تكون في معدلات معقولة مقارنةً بالمعدلات العالمية المبنية على الاستهلاك الطبيعي، ولتكون البحرين في مصاف الدول التي تعنى بالتنمية المستدامة وتنوع مصادر الطاقة، وافق مجلس الوزراء على إنشاء وحدة للطاقة المستدامة تتبع وزير شؤون الكهرباء والماء.

وفي يناير 2017، وافق مجلس الوزراء على تحديد نسبة 6% لزيادة كفاءة وترشيد استخدام الطاقة على المستوى الوطني، كما وافق على الخطة الوطنية لرفع كفاءة وترشيد استهلاك الطاقة التي أعدتها وحدة الطاقة المستدامة والتي تتضمن 22 مبادرة لترشيد ورفع كفاءة الطاقة.

تحويل النفايات لطاقة

وعن الطاقة المتجددة، قال التقرير "عملت الحكومة على الاستفادة من الطاقة المتجددة سواء الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، التي من المقرر أن تسهم في توفير 10% من احتياجات الطاقة في العام 2030، حيث افتتحت مشروع البحرين التجريبي للطاقة الشمسية عام 2014 بسعة 5 ميغاوات بكلفة إجمالية نحو 25 مليون دولار
. وسيسهم المشروع في توفير الفرص لإنشاء صناعات الطاقة المتجددة وخلق فرص عمل وصناعة جديدة في السوق المحلية، إضافة إلى الحد من الاعتماد على الغاز الطبيعي"، مضيفاً "تخطط المملكة للاستفادة من الطاقة البديلة بتحويل النفايات إلى طاقة، ويعتبر التخلص من النفايات إحدى المشكلات البيئية واللوجستية المهمة، ولذلك تسعى لتطوير مشروع عسكر في جنوب البلاد لتحويل النفايات إلى طاقة، كما تسعى للبحث عن تقنيات متنوعة تتضمن مرفقاً لحرق النفايات لعلاج 390,000 طن من النفايات الصلبة سنوياً مما يمكن أن يولد ما يصل إلى 30 ميغاوات من الكهرباء".

وخلص التقرير إلى أن "حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى أولى اهتمامه بحق المواطن في الماء والكهرباء كركيزة حياة وسلامة وصحة وتنمية وعيش كريم، ووجه الحكومة إلى مشروعات تنمية المصادر غير التقليدية للطاقة، وترشيد الاستهلاك بهدف استدامتها، وتعزيز التعاون الخليجي والشراكة الاستراتيجية مع القطاع الخاص في هذا المجال، وكانت محصلة كل هذه الجهود الجبارة تطوير وتعزيز عملية إنتاج الكهرباء والماء وتحسين جودته والمحافظة على البيئة وكلها تصب في صالح زيادة العائدات المباشرة وغير المباشرة للمواطن البحريني".