ربما حان الوقت لاعتماد كلمة «إيران» للإشارة إلى والتعبير عن الشعب الإيراني فقط وليس عن النظام الحاكم في هذا البلد الذي تعرض أهله إلى ظلم كبير منذ اللحظة التي اختطف فيها الملالي ثورته قبل نحو أربعين عاماً، فإيران ليست النظام الحاكم فيها والمسيطر على مقاليدها، والنظام الحاكم في إيران ليس إيران، والقول بأن إيران قالت وفعلت عندما يقول النظام الإيراني ويفعل ظلماً جديداً يقع على الشعب الإيراني الذي عانى طويلاً من هذا النظام. لهذا فإن القول بأن «إيران تكسر حاجز الخوف» المراد منه أن الشعب الإيراني هو الذي كسر حاجز الخوف وليس النظام الحاكم في إيران الذي اعتبر بث الخوف والرعب في نفوس الإيرانيين وجيرانه هدفاً وغاية وعملاً يؤجر عليه من رب العالمين!

الإنجاز الذي حققه الإيرانيون الذين تظاهروا مع بداية العام الميلادي الجديد في مختلف المناطق الإيرانية هو كسرهم لحاجز الخوف، فعندما يعاني البشر من نظام ديكتاتوري لأربعة عقود ويخرجون إلى الشوارع رغم تيقنهم بأنه سيقمعهم ولن يرحمهم فإن هذا يعني أنهم كسروا حاجز الخوف، وهو الخطوة التي من دونها لا يمكنهم تحقيق أي مكسب. ما فعله الإيرانيون في الأسبوعين الأولين من عام 2018 هو أنهم كسروا حاجز الخوف من ديكتاتورية الملالي، ولهذا فإن حراكهم لم يتوقف ولن يتوقف واستمروا في التظاهر وإن بوتيرة أقل، وهم سيعاودون التظاهر والتعبير عن غضبهم وعن إصرارهم على تغيير النظام مهما بالغ النظام في قمعهم، وسيواصلون حتى لو اضطروا إلى الهدوء لبعض الوقت.

كسر حاجز الخوف من النظام الديكتاتوري هو الخطوة الأولى التي كان لابد للإيرانيين منها كي يتمكنوا من مواصلة انتفاضتهم والمضي بثبات في طريق تخليص إيران من هذا النظام الذي لم ينجح إلا في معاداة الآخرين، وهي الخطوة التي جعلت هذا النظام يرتبك ويستنفر كل قواه ويوجه أجهزته الأمنية كافة ليعملوا على إجهاض التحرك الشعبي بأي ثمن.

إيران نجحت في الخطوة الأولى ولهذا فإنها ستستمر لتحقق النجاح في الخطوات التالية، ورغم صعوبة ذلك إلا أنه ليس مستحيلاً، خصوصاً إن تمكن الإيرانيون المهيمن عليهم من قبل النظام بسبب الوظائف التي يشغلونها في الجيش وفي المؤسسات الأخرى من كسر حاجز الخوف واتخاذ قرار بمؤازرة إخوانهم الذين سبقوهم إلى كسر ذلك الحاجز ومشاركتهم في انتفاضتهم التي لن تعود مكاسبها عليهم فقط وإنما على كل إيران.

كل إيران ستقف مع الثورة ضد النظام الإيراني، ومن الآن وصاعدا لن يمر يوم من دون أن يحقق الشعب الإيراني المكاسب، ولن يطول الوقت حتى يكتشف النظام الحاكم في إيران بأن قاعدة الثوار تتسع وقواهم تزداد وأنه لا مفر من التسليم بالأمر الواقع بعدما كسرت إيران حاجز الخوف وقررت أن تتحرر من ربقة هذا النظام الذي جثا على صدرها كل هذه السنين ومارس كل فنون الأذى ضد إيران.

مسؤولية تحرير إيران من النظام الإيراني مسؤولية أهلها وخصوصاً المنظمات التي ظلت تعمل على تحقيق هذا الهدف سنين طويلة في الداخل والخارج وأبرزها منظمة «مجاهدي خلق»، لكن أيضاً لا يمكن إعفاء العالم، ودول المنطقة على وجه الخصوص، من المسؤولية، فدعم الشعب الإيراني في هذه الحالة واجب، ووسائل التضييق على النظام في إيران عديدة ومتاحة، والتاريخ سيسجل ما يقوم به الجميع للتخلص من هذا الأذى بأحرف من نور.

تحرر إيران من النظام الإيراني يعني تحرر كل المنطقة منه ويعني خلاصها من سلوكياته التي تسببت في كثير من الأذى للمنطقة حتى صار يسيراً القول بأنه لولا هذا النظام لعاشت المنطقة كلها في أمان وسلام.