- أول رسالة دكتوراه بحرينية في القانون الجنائي تمنح بامتياز

- الدراسة توصي بتجريم عدم الإبلاغ عن جريمة الاتجار بالبشر

- تجريم الإفصاح عن هوية المجني عليه أو الشاهد بجريمة الاتجار بالبشر



..

أوصى رئيس النيابة الكلية علي الشويخ بإنشاء صندوق حكومي بحريني يدعم ضحايا جرائم الاتجار بالبشر، والتكفل بمصاريف إعادتهم لبلادهم في حال كانوا أجانب.

كما أوصى بتشديد عقوبة الاتجار في البشر اذا كان المجني عليه لم يبلغ الثامنة عشرة، وتجريم عدم الإبلاغ عن هذه الجريمة، وتغليظ العقوبة في حال ارتكبها موظف عام ووقعت إخلالاً منه بواجبات وظيفته، وذلك في دراسته لدرجة الدكتوراه التي نالها بامتياز، من جامعة البحرين كلية الحقوق، وتعد أول رسالة دكتوراه بحرينية في القانون الجنائي تمنح بتقدير إمتياز.

وحضر جلسة مناقشة الرسالة النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين، وعدد من رؤساء النيابة العامة البحرينية، واشتملت لجنة المناقشة على الدكتور عادل بشير مشرف، والدكتور نظام المجالي ممتحنا خارجيا، والدكتور عبدالسلام بنحدو، وكل من الدكتور محمد الهيتي والدكتور سعد شكطي ممتحنين داخلين، وذلك في كلية الحقوق، بجامعة البحرين.

وقال الدكتور علي الشويخ سعيت في هذه الرسالة قدر استطاعتي أن أعرض خلالها موضوعاً جديداً عن الجريمة المستحدثة وهي جريمة الاتجار بالبشر، فسجلت فيها ما استطعت الحصول عليه من خلال قراءاتي للمصادر المختلفة في هذا الموضوع، وأضفت عليها قدراً متواضعاً من التطبيقات العملية التي توافرت لدي من خلال عملي في النيابة العامة.

وقال إن موضوع جريمة الاتجار بالبشر من المواضيع المستحدثة، والتي لم تنل نصيبها الوافر لبيان وتحليل الأحكام الموضوعية والإجرائية لها، فإن جريمة الاتجار بالبشر تثير العديد من التساؤلات بدءً من تسمية الجريمة سواء كانت اتجار بالبشر، أو اتجار بالأشخاص.

وبيان عما إذا كانت الأفعال المبينة بقانون الاتجار بالأشخاص البحريني تشكل في حقيقتها جريمة منفصلة أم صور لجريمة واحدة، وما يترتب على ذلك من أحكام.

بالإضافة إلى وسائل تحقيق النشاط الإجرامي الذي جاء به المشرع البحريني لبيان عما إذا قد غطى كل الوسائل التي تتحقق بها الجريمة من عدمها.

وكذلك أحكام الشروع في جريمة الاتجار بالبشر التي قد تلقى صعوبة في تكييف الفعل عما إذا كان في مرحلة الشروع أو وصوله إلى مرحلة الجريمة التامة لما لها من أهمية في التكييف القانوني وأحكام كلاٍّ منهما وما يترتب عليه من عقوبة أو تدبير.

كما تثير الدراسة الإشكالية المتعلقة في العقوبة أو التدبير المقرر للشخص الطبيعي أو الاعتباري، وبيان عما إذا كانت تلك الجزاءات متناسبة مع الجرم المرتكب والهدف المنشود من العقوبة من عدمه.

وأخيراً بيان عما إذا كانت الحقوق المقررة للضحية في القانون البحريني قد غطت كافة الجوانب المقررة لها في الاتفاقيات الدولية أو التشريعات المقارنة، فضلاً عن الإجراءات المتخذة في مراحل الاستدلال والتحقيق والمحاكمة لحماية الضحية.

وطرحت الدراسة عن عدة تساؤلات مطروحة على رأسَها هل تعريف الاتجار بالبشر الوارد في قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص البحريني قد طابق التعريف الوارد في بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية؟ ولمن تقررت الحماية في جريمة الاتجار بالبشر؟ هل اعتبر المشرع البحريني الاتجار بالبشر جريمة أم جرائم، وما الذي يترتب على كل ذلك؟ وهل صور السلوك الإجرامي أو الوسائل غير المشروعة وعنصر الاستغلال الوارد في تعريف الاتجار، قد وردت على سبيل الحصر أم على سبيل المثال، وما الحكم القانوني المترتب على كل حالة؟ ما الفرق بين جريمة الاتجار بالبشر وبعض الجرائم المشابهة لها مثل، تهريب المهاجرين، وممارسة الدعارة، والخطف؟ ما تعريف الضحية في جريمة الاتجار بالبشر؟ وكيف يمكن التعرف على الضحية؟ هل اللجان الوطنية التي أنشأها المشرع البحريني كافية لمكافحة هذه الجريمة؟ وهل الإجراءات التي قررها المشرع البحريني كافية لحماية الضحية.

وأضاف بأن الدراسة توصلت لعدة نتائج وهي أن المشرع البحريني -حال باقي التشريعات المقارنة- لم يعرف الأفعال المكونة لجريمة الاتجار بالبشر، مما قد يحدث بعض الصعوبات في التطبيقات العملية، كما أنه أورد عبارة الاستغلال في الاعتداء الجنسي -نقلاً عن بروتوكول باليرمو- ولم يضع تعريفاً لهذه العبارة، فضلاً عن باقي مواضع عبارة الاستغلال الأخرى، لم يشترط المشرع البحريني، وكذا التشريعات المقارنة توافر الوسيلة غير المشروعة لاستغلال المجني عليه، إذا كان الأخير دون سنة الثامنة عشرة، أو كان في حالة ظرفية أو شخصية لا يمكن الاعتداد بالرضا الصادر عنه.

اعتبر المشرع البحريني جريمة الاتجار بالبشر، جريمة واحدة ولها صور سلوك إجرامي مختلفة. بينما اعتبرت بعض التشريعات كل فعل جريمة مستقلة بمفردها وسمتها بجرائم الاتجار بالبشر وليست جريمة الاتجار بالبشر.

إن محل جريمة الاتجار بالبشر هو الإنسان الحي، سواء كان ذكراً أو أنثى، لذلك يرى الباحث بان اسم الجريمة الأوفق هو جريمة الاتجار بالبشر وليس الاتجار بالأشخاص، لأن كلمة الأشخاص تنصرف إلى الشخص الطبيعي والشخص المعنوي، أما كلمة البشر فهي تنصرف إلى الشخص الطبيعي فقط.

جريمة الاتجار بالبشر قد تكون جريمة منظمة داخلية، أو عبر الوطنية، إذا ما توافرت شروط الجريمة المنظمة، فضلا عن كونها قد تقع من عصابات إجرامية ليست لها صفة التنظيم، كما قد تقع من شخص واحد أو شخصين.

جريمة الاتجار بالبشر من الجرائم المركبة، كونها تتضمن عدداً من الأفعال يشكل كل منها جريمة معاقب عليها قانوناً، مثال ذلك الوسيلة غير المشروعة كالخطف، والنتيجة هي استغلال المجني عليه في ممارسة الدعارة.

أنشأ المشرع البحريني، وكذا بعض التشريعات المقارنة عدداً من اللجان المختصة بمكافحة الجريمة، والتعامل مع الضحية وتوفير الحماية لها.

وأوصت الدراسة إيراد تعريف للأفعال المكونة لجريمة الاتجار بالبشر، وكذلك بعض الأفعال المكونة لعنصر الاستغلال ومنها الاستغلال في الاعتداء الجنسي، على نحو واضح لا لبس فيه وذلك من أجل سهولة تطبيقها على الوقائع بعيداً عن الاختلافات في تكييفها.

وناشدت بضرورة تدخل المشرع وذلك بتشديد العقوبة إذا كان المجني عليه لم يبلغ من العمر سن الثامنة عشرة، وذلك اتساقاً مع اتفاقية الطفل، وقانون الطفل البحريني.

كذلك أوصت الدراسة المشرع النص على تجريم عدم الإبلاغ عن جريمة الاتجار بالبشر، مع تشديد العقوبة إذا كان مرتكبها موظف عام ووقعت الجريمة إخلالاً منه بواجبات وظيفته، مع جواز الإعفاء من العقوبة إذا كان من امتنع عن الإبلاغ زوجاً للجاني أو من أصوله أو فروعه أو إخوته أو أخواته.

كما أوصت بالنص على تجريم الإفصاح عن هوية المجني عليه أو الشاهد في جريمة الاتجار بالبشر إذا كان بقصد الإضرار به مادياً أو معنوياً، أو أمده بمعلومات غير صحيحة عن حقوقه القانونية بقصد الإضرار به أو الإخلال بسلامته البدنية أو النفسية أو العقلية.

وبتشديد العقاب إذا كان مرتكب جريمة الاتجار بالبشر قد أسس أو نظم أو أدار جماعة إجرامية منظمة لأغراض الاتجار بالبشر، أو تولى قيادة فيها أو كان أحد أعضائها أو منظماً لها، وذلك من أجل مكافحة الظاهرة الإجرامية الجماعية للاتجار بالبشر.

وأوصت الدراسة أيضاً النص على الغرامة النسبية، وكذلك مصادرة الأموال والممتلكات والعائدات التي استخدمت في ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر أو التي كانت معدة لهذا الغرض والعائدات المستدامة منها، حتى ولو حولت أو استبدلت بأموال أخرى أو نقلت ملكيتها إلى شخص آخر وذلك دون الإخلال بحق الغير حسن النية.

وأوصت بالنص على المسؤولية التضامنية بين الشخص المعنوي والشخص الطبيعي للوفاء بما يحكم به من عقوبات مالية في حال ارتكاب الجريمة من أحد العاملين باسم الشخص المعنوي.

وعلى ضرورة تشديد العقوبة إذا كان المجني عليه أكثر من شخص، لأن ذلك ينبئ عن خطورة الجاني الذي يقوم باستغلال أكثر من مجني عليه مما يستوجب تشديد العقوبة عليه.

كذلك أوصيت بإنشاء صندوق حكومي لدعم ضحايا الاتجار بالبشر والتكفل بمصاريف إعادتهم لبلادهم إذا كانوا أجانب، لاسيما في حال كان المتهم مجهولاً أو لم تتوافر الأدلة الكافية ضده للإدانة، النص على عدم تقادم جريمة الاتجار بالبشر وذلك لخطورة الجريمة فضلاً عن الصعوبة في اكتشافها في بعض الأحيان.

جدير بالذكر أن الدكتور علي الشويخ هو عضو في اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، ممثلاً عن النيابة العامة، وقد ألقى عدداً من المحاضرات في مجال حماية ضحية الاتجار بالبشر في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ومملكة البحرين كخبير لدى مكتب الأمم المتحدة، وهو أيضاً خبير معتمد لدى مكتب الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات في مجال الاتجار بالبشر.