* السلطات الإيرانية قضت بشكل تدريجي على أصوات المعارضة

* 16 مليون إيراني في العشوائيات و12 مليوناً تحت خط الفقر

* تدني مستوى دخل الفرد الإيراني واستشراء الفساد وانتشار المحسوبية



* المظاهرات تؤكد وجود معضلات حقيقية دفعت الشعب للخروج تعبيراً عن سخطه على الزمرة الحاكمة

* النخبة السياسية والدينية التي جاءت بها ثورة 1979 تنكرت لأحلام الشعب الإيراني

أبوظبي – صبري محمود

أكد الأكاديمي والخبير في الشؤون الإيرانية، د.سلطان محمد النعيمي أن "السلطات الإيرانية قضت بشكل تدريجي على أي صوت معارض، خاصة التيارات المعتدلة واليسارية"، موضحاً أن "النظام الحاكم في طهران استنزف ثروات الشعب الإيراني في دعم الميليشيات المسلحة خارج إيران".

وأضاف في محاضرة نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، تحت عنوان "المظاهرات الشعبية الإيرانية.. بين الآمال والواقع" في إطار موسمه العلمي الثقافي لعام 2018، أن "النخبة السياسية والدينية التي جاءت بها ثورة 1979 تنكرت لأحلام الشعب الإيراني".

وكشف عن "تدني مستوى دخل الفرد الإيراني واستشراء الفساد وانتشار المحسوبية خلال السنوات الأخيرة، لدرجة أن نحو 16 مليون مواطن إيراني باتوا يعيشون في العشوائيات، وأصبح 12 مليوناً تحت خط الفقر، كما بات متوسط دخل الموظف العادي لا يتجاوز 570 دولاراً، في الوقت الذي يتقاضى فيه كبار الموظفين أضعاف هذا المبلغ بمئات المرات".

وطرح العديد من الأسئلة بعد مرور نحو ثلاثة أسابيع على اندلاعها وانخفاض حدتها إلى الدرجة التي أعاد النظام الإيراني فيها سيطرته على الأوضاع في الداخل الإيراني، منها: ما هي الأسباب الحقيقية وراء تفجر الوضع في الداخل الإيراني؟ هل هو نتيجة أسباب آنية، أم أن هناك تراكمات قد أدت إلى ذلك؟ وما سبب وصول المظاهرات الشعبية إلى بقعة جغرافية في الداخل الإيراني أكبر مقارنة بالاحتجاجات التي حدثت عام 2009؟ إذا كانت للاحتجاجات الشعبية مطالبها المشروعة، فلماذا لم تحقق مبتغاها الذي كان واضحاً من خلال الشعارات التي رُفعت؟ وما هو الموقف الإقليمي والدولي من المظاهرات؟ وما انعكاس المظاهرات على موقف النظام الإيراني داخلياً وخارجياً؟

وذكر د.النعيمي أن النخبة السياسية والدينية التي جاءت بها ثورة 1979 تنكرت بشكل صارخ للشعارات التي رفعتها، وهي منح الحريات وتحقيق الرفاهية للشعب الإيراني، لافتاً إلى أن السلطات المتعاقبة قضت بشكل تدريجي على أي صوت معارض، خاصة التيارات المعتدلة واليسارية، واستنزفت ثروات الشعب الإيراني في دعم الميليشيات المسلحة خارج إيران، وفرضت نمطاً من الحكم يرفض بشكل مطلق الخروج عن أسلمة الثورة التي رسمها الخميني. وتحدث النعيمي في محاضرته عن خلفيات ومآلات المظاهرات التي شهدتها إيران في الأسابيع الأخيرة، قائلاً إن "الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في العديد من المدن في 28 ديسمبر الماضي، واستمرت حتى الأيام الأولى من شهر يناير، تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها إيران في عام 2009 رغم بعض الاختلافات، وإن كان كلا الحدثين يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالواقع الاقتصادي والسياسي في إيران، ما يؤكد بشكل واضح وجود معضلات حقيقية دفعت بالشعب الإيراني للخروج إلى الشارع للتعبير عن سخطه على الزمرة الحاكمة، وما سببته من فقر يعيشه معظم أفراد الشعب الإيراني".

وأضاف المحاضر أنه "على الرغم من ارتفاع نسبة وحجم المتظاهرين في أحداث 2009 مقارنة بالمظاهرات الحالية، فإن المظاهرات الأخيرة أخذت طابع مواجهة الشعب الإيراني للنظام بشكل مباشر، في تعبير واضح عن رفض سياساته على المستويين المحلي والخارجي".

وأكد د.النعيمي أنه "من خلال تتبع الشعارات التي رفعها المحتجون في المظاهرات الأخيرة ندرك طبيعة المطالب الرئيسية لدى فئات عريضة من الأجيال الجديدة، وهي، رفض الجمهورية الإسلامية، ورفض سلطة المرشد، ورفض تحويل موارد الشعب إلى الميليشيات الخارجية، والمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية. وهو ما يعكس بشكل جلي أن مطالب واحتياجات الجيل الجديد تختلف جذرياً عن احتياجات الجيل القديم الذي سيّرته السلطات للنزول إلى الشارع والتعبير عن تأييدها".

وتطرق المحاضر إلى تدني مستوى دخل الفرد الإيراني واستشراء الفساد وانتشار المحسوبية خلال السنوات الأخيرة، لدرجة أن نحو 16 مليون مواطن إيراني باتوا يعيشون في العشوائيات، وأصبح 12 مليوناً تحت خط الفقر، كما بات متوسط دخل الموظف العادي لا يتجاوز 570 دولاراً، في الوقت الذي يتقاضى فيه كبار الموظفين أضعاف هذا المبلغ بمئات المرات. وبرغم كل ذلك فلا يزال النظام الإيراني يتجاهل هذه الظروف ويحمّل الأطراف الخارجية مسؤولية رفض الشعب الإيراني لسياساته، وخلص المحاضر إلى القول إنه "برغم الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الإيراني فإن شروط إسقاط النظام لم تتوافر بعد بسبب غياب كل العوامل التي أدت إلى قيام ثورة 1979".