* رئيس وزراء اليمن: الوديعة السعودية عاصفة حزم مالية واقتصادية

صنعاء - سرمد عبدالسلام، وكالات

أعلنت الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً الأحد من عدن، أول موازنة لها بإيرادات قدرتها بنحو 978 مليار ريال يمني



"2.6 مليار دولار" والنفقات بنحو 1.5 تريليون ريال يمني "3.9 مليارات دولار"، فيما تتوقع الحكومة أن يبلغ العجز في موازنة عام 2018، 33% أي نحو 1.3 مليار دولار، حيث تشمل الموازنة المرتبات العسكرية والمدنية، في حين يبلغ سعر الصرف الرسمي للعملة 380 ريالاً مقابل كل دولار، علماً بأن سعر الصرف يصل في السوق إلى نحو 450 ريالاً للدولار.

وتعتبر الموازنة المعلنة هي الأولى للحكومة الشرعية منذ انقلاب ميليشيات المتمردين وسيطرتها على صنعاء في 2014.

وكتب رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر على صفحته في "فيسبوك"، أن الحكومة أقرت في جلسة في عدن موازنة يتوقع أن تبلغ الإيرادات فيها 978 مليار ريال يمني "2.6 مليار دولار"، والنفقات نحو 1.5 تريليون ريال يمني "3.9 مليارات دولار".

وبينما تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن نتيجة الانقلاب الحوثي، أعلنت السلطة الشرعية المعترف بها بقيادة الرئيس المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي والتي تتخذ من عدن مقراً أنها تواجه صعوبات مالية كبيرة، محذرة الثلاثاء من أن الريال اليمني على وشك الانهيار. وبعد يوم من دعوة السلطة اليمنية المملكة السعودية إلى التدخل، قررت الرياض إيداع ملياري دولار في المصرف المركزي اليمني في عدن. وذكر بن دغر أن الموازنة أعدت قبل الوديعة السعودية، لكنه قال إنه "مع وجود مساعدة مالية حقيقية تقدمت بها المملكة العربية السعودية (...) فإن هذه الموازنة تمثل محاولة أخرى لإعادة بناء الدولة".

ووعد رئيس الوزراء "بالاستخدام الأمثل للوديعة"، واصفاً إياها بأنها "عاصفة حزم مالية واقتصادية لا تقل أهمية وأثراً عن سابقتها"، في إشارة الى مسمى "عاصفة الحزم" التي أطلقت على بداية التدخل السعودي في اليمن.

كما دعا بن دغر المتمردين إلى "تحييد الإيرادات، والتوجه بها إلى البنك المركزي" الخاضع لسلطته.

وصرح "أنها ميزانية تقشف، وتشمل أجور العسكريين والمدنيين في 12 محافظة، والأجور في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ستقتصر على قطاعي التعليم والصحة".

وفي ظل عدم صرف الأجور وارتفاع الأسعار أضحى الكثير من السلع الأساسية بعيدة المنال لعدد كبير من اليمنيين.

ويأتي إعلان الحكومة اليمنية عن ميزانيتها بعد أيام قليلة على التدفقات النقدية السعودية وتلقي اليمن وديعة سعودية بملياري دولار في الحسابات الخارجية للبنك المركزي، إضافة إلى وديعة سابقة بمليار دولار.

وتهدف الوديعة السعودية الجديدة إلى منع انهيار العملة اليمنية، ودعم الحكومة لإنعاش اقتصادها.

وخلال 4 سنوات من انقلاب ميليشيا الحوثي على الشرعية دمرت اليمن على مختلف الأصعدة.

فخلالها، استولت الميليشيات الحوثية على الإيرادات الحكومية اليمينة وتلاعبت بالعملة، واستنزفت احتياطات البنك المركزي المقدرة بخمسة مليارات دولار، وامتنعت عن صرف مرتبات الموظفين لأكثر من عام.

ووسط توقف إنتاج صادرات النفط الذي كان يشكل نسبة 75% من الميزانية، تحاول الحكومة إنعاش الاقتصاد والسيطرة على إدارة الشأن الاقتصادي من خلال الإعلان لأول مرة منذ 2014 عن ميزانية النفقات والإيرادات للعام الحالي.

وتهدف الحكومة اليمنية إلى ضبط الأداء المالي للحكومة في مسعى منها لتنمية الإيرادات، وتنفيذ التزاماتها المتعلقة بدفع جميع مرتبات الموظفين، وتأمين الميزانيات التشغيلية للقطاعات الخدمية، إضافة إلى تأمين صرف مرتبات المتقاعدين والرعاية الاجتماعية بدعم من الجهات الدولية المانحة.

وأكد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة ترشيد الموارد العامة استعادة عمليات تصدير النفط المتوقفة منذ سنوات وذلك لدعم العملة الأجنبية في البنك المركزي اليمني.

كما وعد بصرف مرتبات الموظفين في مختلف المحافظات المحررة.

وشدد على ضرورة إيصال الإيرادات من كل المحافظات إلى البنك المركزي لضمان صرف المرتبات كاملة في مناطق سيطرة الحوثيين.

وأضاف أن الحكومة ستعمل على إعادة الحياة إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة العليا لمكافحة الفساد.

وقال إن اليمن يدفع اليمن اليوم ثمناً باهظاً نتيجة الانقلاب الحوثي البغيض الذي وقع في 21 سبتمبر 2014 على السلطة الشرعية في البلاد، ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، وامتد تأثير الانقلاب إلى كافة الأصعدة والمستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإنسانية، وزاد من عمق أزمة الدولة والمجتمع، وضاعف من مظاهر الفقر والمرض والجهل بسبب هذه الحرب التي شنها الحوثيون ودمرت على نطاق واسع البنية الأساسية للبلاد، وأوقفت عجلة الاقتصاد وألحقت الدمار بمؤسسات الدولة وبعض مؤسسات القطاع الخاص، ونهبت كلما وقعت يديها عليه، وتوقف إنتاج النفط والغاز المصدر الرئيس لموازنة الدولة على مدى السنوات الماضية.

وأشار إلى أن عجلة الاقتصاد تعطلت وتآكلت المصادر السيادية المالية من موارد الدولة، أما ما بقي منها فقد تعرض للنهب والسرقة من قبل الانقلابيين حيث لايزال هناك سلطة لهذه الجماعة التي لا تحمل لا عقلاً ولا ضميراً.

وأضاف بن دغر أن ميليشيا الحوثي نهبت الاحتياطي النقدي للبلاد من العملة الصعبة "خمسة مليارات ومائتي مليون دولار أمريكي" والمخزون من العملة المحلية "2 تريليون ريال"، وهو ما سبب هذا الوضع الذي نعيشه.

ولفت إلى أن هذه الموازنة وبكل المعايير تظل موازنة تقشفية محكومة بضيق المصادر المالية وشحها، كما أنها محكومة بظروف الانقلاب، وحدوث التمرد على الشرعية، وخضوع نصف السكان، وربع الأرض تقريباً لسلطة الانقلاب.

وأشار بقوله "لقد اعتمدنا مرتبات عام كامل للعسكريين، وفيما يتعلق بالمدنية فهي تغطي اثني عشرة محافظة، وقطاعات واسعة من المحافظات غير المحررة كالصحة والقضاء والجامعات واللجنة العليا للانتخابات وغيرها"، واعداً "بصرف كامل مرتبات المناطق غير المحررة إذا رفع الحوثيون أيديهم عن مواردها".

ووجه رئيس الوزراء اليمني رسالة لما أسماهم "أعداء الشعب" وقال "علينا جميعاً تحييد الإيرادات، والتوجه بها إلى البنك المركزي، وحينها سنحمل المالية والبنك المركزي مسؤولية توفير وصرف المرتبات بانتظام، كما ينبغي السماح للحكومة الشرعية بتصدير النفط والغاز، وتحييد هذا القطاع وذلك لإعادة التوازن بين الإيرادات والنفقات"، مؤكداً أنه ليس في إمكان الحوثيين الاستيلاء على نصف موارد البلاد كما تشير إلى ذلك مؤشرات الخطة، فيما هي تتخلى عن أي مسؤولية تجاه الموظفين والخدمات.

وقال إن إعادة بناء مؤسسات الدولة التي حطمتها هذه الأعمال الإجرامية للحوثيين وتطبيع الحياة وتثبيت الأمن والاستقرار الفردي والجمعي في المناطق المحررة قد اخذت حيزا مناسباً في هذه الموازنة يتناسب وحجم الموارد المتاحة، وقد أولت الحكومة اهتماماً لإعادة بناء الجيش والأمن، بنيةً وأفراداً وقيادات، لمواجهة المتمردين الانقلابيين الحوثيين ومن خلفهم، وأضاف "سوف نواصل بناء الجيش والأمن على أسس وطنية مهنية، وبعيدة عن أي انحيازات مناطقية أو مذهبية، بعد أن تغلبنا في العام الماضي على مشكلات كرواتب المقاومين الذين أدمجوا في الجيش والأمن، ورواتب الشهداء، وخصصنا مبالغ لرواتب الجرحى، مشيداً بالمساعدة المالية الحقيقية التي تقدمت بها المملكة العربية السعودية بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود، والتي تمثل محاولة أخرى لإعادة بناء الدولة.

وكانت المملكة العربية السعودية قدمت الأسبوع الماضي وديعة مالية للبنك المركزي اليمني بهدف أن يستعيد الاقتصاد اليمني عافيته بعد أن شهد تدهوراً كبيراً نتيجة سيطرة الانقلابيين على كثير من موارد البلد.

من جهة ثانية نشر البنك المركزي اليمني وثيقة توضح أسعار العملات الأجنبية بالعملة اليمنية. وأظهرت الوثيقة أسعار الصرف الدولار شراء بالعملة المحلية بـ379 وسعر البيع 381 بينما وضحت الوثيقة سعر الريال السعودي الشراء 99.50 والبيع بـ99.80.

وشهد الأسبوع الماضي ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية بشكل غير مسبوق، ليتخطى الدولار حاجز الـ520 ريالاً يمنياً، وتجاوز الريال السعودي حاجز الـ135 ريالاً يمنياً.