بين فترة وأخرى يقوم وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة مشكوراً بالاجتماع مع الفعاليات المجتمعية، ليطلعهم أولاً بأول على آخر مستجدات الساحة الأمنية، والحالة العامة في البحرين.

تعودنا في مثل هذه اللقاءات أن يكشف هذا الرجل القوي المخلص عن تفاصيل هامة تتعلق بحجم الجهود التي يبذلها رجال الأمن المخلصون في سبيل الحفاظ على أمن البحرين وأهلها والمقيمين فيها، وكيف أن المخططات الإرهابية الآثمة ماضية في مساعيها، بتمويل من إيران، وتدريبات في معسكراتها للانقلابيين والخونة وبائعي الأوطان، وكيف أن هناك محاولات مستمرة لتهريب السلاح، وتجنيد العناصر، وكيف أن الضبطيات الأمنية كشفت عن صرف مبالغ كمكافآت لمن ينجح في قتل رجال الشرطة.

أربع عمليات رئيسة تعاملت معها قوات الأمن بنجاح، رغم أن ثلاثاً منها شهدت سقوط شهداء من رجال الأمن، بذلوا أرواحهم لأجل تراب البحرين الغالية، ولأجل حماية أهلها والمقيمين فيها، وتصدوا ببسالة للإرهابيين والعملاء.

عملية الهروب من سجن جو، ومحاولة الفرار إلى إيران التي تخللها تبادل لإطلاق النار مع رجال الأمن، بأسلحة مهربة من المخططين هناك في جارة السوء. واستهداف دوريات الأمن بالتفجير مثل ما حصل في فبراير وتلاها في منطقة الدراز، واستهداف حافلة أمنية على شارع الشيخ خليفة بن سلمان. تضاف إلى هذه العمليات الإرهابية الرئيسة عملية تفجير الأنبوب النفطي في بوري، وعمليات قطع للطرقات واستهداف للأمن الوطني.

كل هذه الاستهدافات لم تثنِ رجال الأمن عن تأدية دورهم ببسالة، لم تجعلهم يترددون عن التضحية بأرواحهم فداء لهذا الوطن، هؤلاء الأبطال خسارتهم ثقيلة، لأنك تخسر شخصاً مخلصاً فدائياً لبلاده، إنساناً شجاعاً قلما تجده يقف صلباً أمام الإرهاب وعصابات الغدر، ولذلك أدرك بشدة عمق تلك الجملة التي قالها وزير الداخلية بنبرة لها معنى وهو الرجل الذي عرفنا قوته وصلابته، حين قال: «لا أجد أثقل على صدر المرء من فقدان رجال يضحون بأرواحهم من أجل الوطن إلا فقدان الوطن، ولن نسمح بذلك بعون الله».

أمن البحرين في أيدٍ أمينة، في أيدي رجال عاهدوا الله وأخلصوا لبلادهم، بالتالي نجحت قوات الأمن في استباق كثير من المخططات الإرهابية وإبطالها والقبض على عناصر مجرمة تنتمي لتنظيمات سرايا الأشتر، وسرايا المقاومة الشعبية، وسرايا المختار، وكلها تنظيمات إرهابية تدعمها إيران بالمال والعتاد، خاصة المخططات التي كانت تستهدف اغتيال مسؤولين وشخصيات عامة وعناصر أمنية، واستهداف المنشآت الحيوية والنفطية.

لكن بموازاة ذلك، وضع وزير الداخلية يده على «مربط الفرس» بشأن عمل الأجهزة الأمنية، ووزارة الداخلية، إذ المهمة الشاملة والرئيسة تتمثل بفرض سيادة «الأمن والاستقرار» في البحرين، وكيف أن هذا لا يتأتى إلا عبر منهجية علمية سليمة تقوم على تحديد الأسباب والدوافع ومعالجتها.

لذا كان المميز هنا طرح «المبادرة الشاملة للانتماء الوطني»، وتحديد مرتكزاتها بخمسة عناصر: التشريعات والأنظمة، المناهج والمقررات، المطبوعات وحملات العلاقات العامة بغرض التوعية. وكلها بمثابة أساس لمشروع وطني سيتم بمشاركة المواطنين البحرينيين، إيماناً منهم بأهمية تعزيز الانتماء الوطني، وجعله أساساً للأمن والاستقرار، وترسيخاً للقيم الوطنية.

هذه الدعوة التي طرحها الوزير «دعوة لازمة» لكل بحريني غيور على بلده، وكل مقيم يحب البحرين ويذكر لها خيراتها وحياته السعيدة فيها، بأن يعاضدوا هذه التوجهات لأجل بحرين تنعم بالأمن والاستقرار، ولأجل مجتمع واعٍ يكرس الانتماء والمواطنة في حياته كممارسة عن اقتناع، وينقلها لأبنائه ويربيهم عليها، كإرث وطني لا يمكن التفريط فيه.