هذا أصدق عنوان يمكن أن توصف به الحالة السورية التي تدخل عامها السابع الآن.

إن كنا نتحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان، وعن ممارسات قتل بدم بارد، وعن ديكتاتورية سائدة، وطغيان صريح واضح، وتدخل إيراني صرف لإبادة شعب، فإننا نتحدث عن سوريا التي يقف أمامها العالم متفرجاً، بينما أبرياؤها، ما بين مقتول ومشرد ومهدد.

المشهد السوري واضح تماماً منذ بدايته، هناك رئيس دموي يحكم بالحديد والنار، رئيس قمعي ديكتاتوري لا يهمه الناس بقدر ما يهمه كرسيه، ومن أجل تثبيت حكمه لا يكترث لو قتل ملايين وهاجر ملايين آخرون.

مثلما كان الوضع مع الخميني باعترافات ابنه، حينما مسك زمام الأمور في إيران، كان أول ما قام به هو «قمع» المعارضة، وإعمال القتل والتنكيل في كل من خالفه التوجهات أو عبر عن رأيه بحرية.

بشار الأسد سفاح القرن الجديد مضى على نفس النهج، خاصة وأن من يدعمه هو النظام الإيراني نفسه، والذي بدوره لم يقف مكتوف الأيدي، أو قال عبر مسؤوليه بأن «الوضع في سوريا شأن داخلي»، أو شغل إسطوانته المشروخة التي يستخدمها حينما يتحدث مسؤولوه عن البحرين «بأنه حراك شعبي ودع الشعب يقرر»، بل النظام الإيراني «قفز» مباشرة إلى داخل سوريا لحماية بشار الأسد، لحماية «دميته» التي يحركها كيفما يشاء.

وسخر النظام الإيراني «ذراعه العسكري» حزب الله وحرك كتائبه من جنوب لبنان إلى سوريا لتمارس القتل بحق الشعب السوري الذي وقف ضد بشار الأسد وديكتاتوريته، فكانت النتيجة مجازر لا تتوقف، والتي هرب منها ملايين السوريين إلى الخارج، مثلما فعل الإيرانيون حينما حكم الخميني وأخذ يلاحقهم بالموت والتعذيب.

وحتى تضيع القضية أكثر، خرجت علينا «داعش»، هذا «الابتكار» الإيراني، والذي يتردد بأن للأمريكان يداً طولى في إنشائه وتكوينه، كما عبر عن ذلك صراحة الرئيس دونالد ترامب الذي اتهم صراحة سلفه باراك أوباما ووزيرة خارجيته السابقة هيلاري كلينتون بأنهما من وقف وراء صناعة هذا «الوحش»، بالتالي ضاعت القضية السورية الأصلية، ما بين تحركات للتصدي لإرهاب «داعش» وما بين إرهاب بشار الأسد، وخلصت النتيجة لوصف من طالبوا بحريتهم ووقف الديكتاتور على أنهم «جماعات إرهابية»، وبالتالي تركت هذه البلد، لتتحول إلى موقع لأكبر عدد من المجازر في وقتنا الراهن.

في سوريا مات نصف الشعب وبقي الرئيس، لا لأن الرئيس قوي، ومدعوم من إيران ودخلت روسيا على الخط أيضاً، بل لأن المجتمع الدولي ممثلاً بمؤسساته ومراكز القوى فيه، دائماً ما تضيع بوصلته في قضايا مشابهة، فلقد تعودنا منهم للأسف أن «تغمض العيون» عن الجرائم الكبرى، و»تفتح» على قضايا تكون مغلفة بالأكاذيب والفبركات والادعاءات غير الحقيقية كما حصل في البحرين وفي السعودية اللتين عانتا من إرهاب صريح وفاضح مدعوم من إيران، واتخذتا في مقابله إجراءاتهما القانونية للحفاظ على الأمن القومي وحياة وسلامة المواطنين والمقيمين.

قد يسميها البعض «عدالة انتقائية»، لكن الوصف بحد ذاته «خاطئ» وليس «مجحفاً»، إذ حينما يترك ديكتاتور ليضرب شعبه بالمواد الكيماوية، ويقتل الأطفال، ويحرق البلاد، ويهجر ملايين، دون أيما تدخل دولي لوقف «مجزرة حقيقية»، ويحاول البعض حل المسألة بـ «التفاوض» و»الحوار»، مع قاتل مدعوم من جمهورية إرهابية كإيران، في المقابل يتم استهداف دول أخرى تحترم حقوق الإنسان وتشريعاتها تصون حقوق الناس حتى المعارضين، هنا أعرف بأن الجريمة المرتكبة أبطالها الأساسيون هم تلك المؤسسات الدولية، وتلك الدول العظمى التي «صدعت» رؤوسنا بشعارات حقوق الإنسان وبيانات الشجب والاستنكار.

بالتالي حينما يقال لي أن هناك بياناً صادراً من هذه المنظمة أو تلك، أو تصريحاً من مسؤول هذه الدولة أو تلك بشأن البحرين، يتحدث عن حقوق الإنسان والحريات، بناء على معلومات كاذبة ومغلوطة، فإنني لا أكترث لما يلوحون القيام به، لأن هؤلاء لو كانوا أصحاب تأثير أو جادين أصلاً، لأوقفوا «المجزرة الحقيقية»، ولأطاحوا بـ «الديكتاتور الفعلي»، ولأنقذوا ملايين السوريين من القتل والتهجير.

نصف الشعب مات، والديكتاتور مازال رئيساً، بينما كان يجب أن تكون العدالة بإسقاط هذا الطاغية، وحفظ حياة كل الشعب.