شهد العالم انفتاحاً هائلاً في مجالات تقنية المعلومات والاتصالات وكانت من أبرز سماته استخدام التكنولوجيا الحديثة في مجالات الأعمال بشتى أنواعها وكذلك استخدام الأفراد للأجهزة الحديثة التي طغت الأسواق كالهواتف الذكية، كما أن استخدامات الشبكة العنكبوتية «الإنترنت» تعددت، وتنوعت الاحتياجات وظهرت وسائل التواصل الاجتماعي التي قل من لا يستخدم عدة تطبيقات منها على جهازه، بالإضافة لاستخدام الخدمات الإلكترونية لإنجاز المعاملات والشراء وغير ذلك من الأمور اليومية لكل شخص.

ومع هذا الانفتاح الرقمي، لا بد من تسليط الضوء على حقوق المستخدمين من جهة، وعلى حقوق الجهات من جهة أخرى، فهذه الحقوق الرقمية تعد من حقوق الإنسان الأساسية، بل إن الأمم المتحدة أعلنت في تقرير لها بأن الوصول للإنترنت يعتبر حقاً من حقوق الإنسان وقطع هذه الخدمة عن المشتركين يعتبر بمثابة انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان. واستناداً لأحد المصادر العلمية، يمكن تعريف الحقوق الرقمية بأنها «الحقوق التي تسمح للفرد بالوصول إلى الإعلام الرقمي واستخدامه وإنشائه ونشره أو الوصول إلى أجهزة الحاسوب وغيرها من الأجهزة الإلكترونية أو شبكات الاتصال واستخدامها. ويتعلق هذا المصطلح بشكل خاص بحماية وإعمال الحقوق الموجودة، مثل الحق في السرية أو حرية التعبير في سياق التقنيات الرقمية الجديدة، وخصوصاً شبكة الإنترنت ويتم اعتبار الوصول إلى شبكة الإنترنت حقاً تكفله قوانين الدول المتعددة».

ونظراً لأن الخدمات والمنتجات باتت تقدم بشكل إلكتروني كالأفلام والمسلسلات والكتب والمجلات والألعاب فإن الشركات تعاني من اختراق الملكية والخصوصية، فكما هو معروف فإن تداول منتج دون إذن من الشركة يعد من الأمور الشائعة في العديد من دول العالم، الأمر الذي يشكل بحد ذاته تهديداً لهذه الشركات التي بذلت مبالغ طائلة ورؤوس أموال كبيرة للإعداد والتنفيذ، ومن ناحية أخرى تعاني المؤسسات والشركات من تحدي الحفاظ على أمن المعلومات الإلكترونية المخزنة لديها من عمليات الاختراق التي لا تنتهك خصوصية معلومات المؤسسة فحسب بل خصوصية معلومات عملاء المؤسسات.

وقد برزت حلول تقنية عدة للحد من ظاهرة انتهاك الملكية ومنها إدارة الحقوق الرقمية Digital rights management وذلك عبر استخدام تقنيات معينة تمنع انتهاك المواد والمنتجات التي يتم تصنيعها من قبل الشركات المختصة، وقد عمدت العديد من الشركات العالمية والمعروفة لاستخدام هذه التقنية مثل أبل وسوني وأمازون ومايكروسوفت.

وفي الجهة الأخرى، مع ازدياد الاعتماد على الخدمات الإلكترونية الهائلة وتطبيقات الهواتف الذكية فإنه من المهم للمستخدمين التحقق من مدى توفر الخصوصية والحماية وفاعليتها وكذلك معرفة شروط الاستخدام والإعدادات الخاصة بها، حيث إن العديد من التطبيقات تطلب الإذن بالدخول لبيانات الهاتف مثل جهات الاتصال وتتبع الموقع والألبوم والتي ليس من الضروري إعطاء الإذن بذلك وقد تشكل مصدراً لانتهاك خصوصية المستخدم.

كما إن التقارير تشير إلى تقديم عدد من المستخدمين على رفع قضايا في المحكمة ضد مواقع مشهورة للتواصل الاجتماعي ومنها «الفيسبوك» وذلك بسبب قضايا الخصوصية وانتهاك بيانات المستخدمين، كما أن مثل هذه المشاكل والتقارير متعددة لمواقع مشهورة أخرى مثل «غوغل».

إن التطور الاقتصادي الذي تشهده مملكة البحرين وتنوعها والفرص المستقبلية ضمن رؤية البحرين الاقتصادية 2030 تحتم على الجميع معرفة مثل هذه الحقوق الرقمية بتفاصيلها وذلك لتكون ضمانة لأصحاب الأعمال والمستثمرين وكذلك المستخدمين، بالإضافة إلى حتمية اعتماد آليات تزيد من الأمن والخصوصية الرقمية، وفي هذا السياق تجدر الإشادة بجهود المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وذلك بإعلانها تنظيم المنتدى الدولي عن حقوق الإنسان وإدارة الأعمال والذي سيتطرق لمحاور عدة منها تسليط الضوء على قطاع تقنية المعلومات والاتصالات والخصوصية والملكية الفكرية، إن لمثل هذه المنتديات أهمية حيث إنها تلامس احتياجات بالغة الأهمية وقد لا تكون معلومة عند البعض، فهي تعرف المجتمع بهذه الحقوق وكيفية تحقيقها.

ختاماً، التكنولوجيا ليست بمجال منعزل عن باقي المجالات، بل هي عنصر حيوي مهم لتحقيق باقي المجالات بأعلى مستوى من الاحترافية والدقة، وللتكنولوجيا مساهمات في الطب والقانون وإدارة الأعمال والصناعات وغير ذلك من المجالات الحياتية، فمن الضروري بذل المزيد والاستثمار في التكنولوجيا الحديثة لتكون من أهم مجالات دعم الاقتصاد.

* رئيس جمعية الشباب والتكنولوجيا