سوتشي - (أ ف ب): يشارك مئات السوريين الممثلين لأحزاب سياسية عدة ومنظمات من المجتمع المدني منذ صباح الثلاثاء في جلسات مؤتمر الحوار السوري الذي تنظمه موسكو في منتجع سوتشي الساحلي في جهود جديدة لفتح سبل الحل أمام نزاع مستمر منذ 7 سنوات تسبب بمقتل أكثر من 340 ألف قتيل.

وبدأ المؤتمر صباح الثلاثاء بعد تأخير حوالي ساعتين ونصف الساعة بسبب رفض ممثلين عن فصائل معارضة ناشطة في الشمال السوري المشاركة احتجاجاً على شعار المؤتمر الذي يتضمن العلم السوري. وغادروا لاحقاً عائدين إلى تركيا.

ورفضت عشرات الفصائل المقاتلة المعارضة وهيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، الفريق المعارض الرئيسي، حضور المؤتمر. كما أعلنت الإدارة الذاتية الكردية عدم المشاركة في محادثات سوتشي، متهمة روسيا وتركيا بـ"الاتفاق" على الهجوم على عفرين، المنطقة الكردية في شمال سوريا التي تتعرض لعملية عسكرية تركية واسعة منذ 10 أيام.



وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية "إنه مؤتمر فريد من نوعه لأنه يجمع بين ممثلي أطياف اجتماعية وسياسية مختلفة للمجتمع السوري".

وأضاف نقلاً عن رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "نحن بحاجة لأي حوار فعال فعلاً بين السوريين من أجل تحقيق تسوية سياسية شاملة تلعب فيها الأمم المتحدة دوراً قيادياً".

ويشارك في المؤتمر مئات الأشخاص من أحزاب ومجموعات معارضة بينها معارضة الداخل، وأخرى موالية ضمنها حزب البعث الحاكم وممثلون عن المجتمع المدني.

وتُعقد حالياً جلسات مغلقة من المفترض أن تنتهي بالتصويت على تشكيل لجنة دستورية.

وقالت رئيسة منصة أستانا رندة قسيس، المقربة من روسيا، "نطالب بالبدء بكتابة دستور جديد"، مضيفة "المشكلة أن النظام لا يقبل حتى أن يبدأ بذلك، فكيف من الممكن أن ننطلق بعملية سياسية من دون قاعدة لها؟".

وأضافت "يريدون منا أن نعود إلى العام 2010".

في المقابل، اعتبر النائب في مجلس الشعب السوري عن حزب البعث احمد الكزبري أن "لا يوجد شيء اسمه لجنة دستورية، هي لجنة لمناقشة الدستور الحالي".

وأضاف أن "وضع دستور أو إجراء تعديل على الدستور الحالي يتم بتشكيل لجنة من قبل السلطة التشريعية التي هي مجلس الشعب أو عن طريق قرار رئاسي"، مؤكداً أن اللجنة التي سيجري تشكيلها في سوتشي "ستقدم مقترحات ليس لها أي شيء ملزم".

وشدد على أن أي تعديلات على الدستور أو صياغة آخر جديد يجب أن تكون في سوريا.

ومؤتمر سوتشي هو الأول الذي تنظمه روسيا على أراضيها بعدما لعبت دوراً بارزاً خلال العامين الماضيين في تغيير المعادلة العسكرية على الأرض في سوريا لصالح قوات النظام، وترافق ذلك مع تراجع دور الولايات المتحدة والدول الأوروبية السياسي في ما يتعلق بالنزاع.

وأعربت دول غربية عدة عن خشيتها في أن يستبدل مؤتمر سوتشي مسار جنيف برعاية الأمم المتحدة رغم تأكيد روسيا أن الهدف من المؤتمر هو دعم جنيف.

إلا أن قسيس اعتبرت أنه "لا يوجد شيء في جنيف، لم يحصل أي شيء في جنيف"، مضيفة "أخشي من تسليم هذه اللجنة "الدستورية" لهيئة الأمم المتحدة لأني أخشى الفشل".

ويشارك مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا في المؤتمر، الذي يُعقد بموافقة إيران أبرز داعمي دمشق إلى جانب روسيا، وتركيا الداعم الأبرز للمعارضة. وترعى الدول الثلاث منذ حوالى سنة محادثات في أستانا بين ممثلين عن الحكومة السورية وآخرين عن المعارضة أدت إلى الاتفاق على إقامة مناطق خفض توتر في سوريا.

ويأتي مؤتمر سوتشي بعد جولة فاشلة برعاية الأمم المتحدة بين الحكومة والمعارضة في فيينا، تلت جولات عدة مماثلة في جنيف لم تؤد الى نتائج تذكر.

واصطدمت جولات التفاوض خصوصاً بالخلاف على مصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي تتمسك المعارضة بتنحيه، بينما تعتبر الحكومة ان الموضوع غير مطروح للبحث.

واعتبر المعارض السوري ورئيس تيار بناء الدولة لؤي حسين في سوتشي أن "الدول الضامنة "روسيا وتركيا وإيران" تفتح مساراً جديداً (...) وقد باتت متحكمة بلوحة الأمر الواقع في سوريا، وبالتالي إن كنا نريد أن نساهم بأمر ما في خدمة السوريين، فعلينا أن نذهب إلى حيث صناع القرار (...) وفي مقدمتها روسيا".

وقال إن "مسار جنيف مات (...) هذا المؤتمر يقوم بالتأكيد على جثة جنيف".

وأعلنت روسيا أنها دعت نحو 1600 شخص بصفة شخصية لحضور المؤتمر.

وفور وصولهم إلى المطار مساء الاثنين، عبر ممثلي فصائل مقاتلة بينها الفرقة 13 المدعومة أمريكياً، عن رفضهم لشعار المؤتمر الذي يحمل صورة العلم السوري بنجمتين خضراوين والذي كان في ألإمكان رؤيته معلقا على لافتات مرحبة في أنحاء عدة من المطار.

وتعتمد المعارضة السورية علماً مختلفا يعرف منذ بدء النزاع قبل سبع سنوات بـ"علم الثورة".

وبعد أكثر من 12 ساعة من الانتظار، أصدر الوفد المتواجد في مطار بياناً يحمّل روسيا مسؤولية ما جرى.

وتلا أحد أعضاء الوفد أحمد طعمة بيانا أفاد أن "توجه وفد قوى الثورة والمعارضة السورية للمشاركة في مؤتمر سوتشي قادماً من أنقرة آملاً في دفع عملية السلم قدماً وتحقيق انتقال سياسي جاد ينقل سوريا من الاستبداد إلى الديمقراطية".

وأضاف "لكننا فوجئنا أن أياً من الوعود التي قطعت لم يتحقق. فلا القصف الوحشي على المدنيين توقف، ولا أعلام النظام أزيلت عن لافتات المؤتمر وشعاره، فضلاً عن افتقاد أصول اللياقة الدبلوماسية من الدولة المضيفة".

وبالنتيجة، قرر الوفد مقاطعة المؤتمر والعودة إلى تركيا.

وقال قائد الفرقة 13 أحمد السعود "ننتظر في المطار منذ نحو 12 ساعة، دفعنا ثمن موقفنا".