راجعت ملياً ورقة عمل «أثر بروز الصين كقوة عظمى على التنمية الاقتصادية بدول مجلس التعاون الخليجي» التي أعدتها وقدمتها الإماراتية د. شيخة الشامسي بمنتدى التنمية الخليجي المنعقد بالكويت في 2 فبراير2018، وبينما كنت أبدي قليلاً من الاهتمام في التطور الروسي الهائل في الأسابيع القليلة الماضية، وجدتني أقلب طرفي نحو القوى الصاعدة في آسيا والبحث في واقع العلاقات الخليجية التي تجمعنا بها. وقد تعرضت ورقة د. شيخة إلى أن الصين تعتبر الدولة الأسرع نمواً في الثلاثين عاماً الماضية حيث تعدى معدل نمو دخلها القومي 10 %، مما جعل منها ثاني اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وذكرت أيضاً – كما لاحظنا – أن الأخبار عن التقدم الهائل الذي تحققه الصين باتت تتوالى يوماً بعد يوم ما يشير إلى الإنجازات المتسارعة للصين في مجال تطوير أساليب التصنيع. وأوردت في هذا السياق كيف أن الصين أطلقت أول قطار بلا سكة حديد ليبدأ العمل في 2018، ونجاح الصين في جمع عينات من الجليد القابل للاحتراق في بحر الصين الجنوبي وهو تقدم كبير قد يؤدي إلى ثورة في قطاع الصناعة وهو أول نجاح في تعدين الجليد القابل للاحتراق في البحر بعد ما يقرب من عقدين من البحوث والاستكشاف.

من جهة أخرى، كنت قد تعرضت في مقال سابق إلى القوة الروسية الصاعدة وكيف أنها باتت تستخدم أسلحة جديدة أعجزت الدول العظمى في العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وأعني بذلك الحروب السيبرانية، ما يعني أن المجد القادم لن يكون للدول التي نعرفها واختبرنا قوتها في العقود الماضية تلك القوة التي دعتنا وقتذاك لإقامة علاقات استراتيجية وتحالفات معها.

* اختلاج النبض:

هل ستلتفت دول الخليج العربية لإقامة علاقات استراتيجية وتحالفات جديدة مع الدول الآسيوية الصاعدة، وإعادة النظر بشأن تحالفاتها الاستراتيجية القائمة مع الدول الكبرى؟! وهل هناك ما يمنع - في ظل صراع القطبين- من الركون إلى القطب الآخر الأكثر صعوداً ببراغماتية تحفظ لنا قوتنا ودعامات استقرارنا المستقبلي. فلطالما تعلمنا أن ميزان المصالح هو الحكم الأعلى بشأن تشكل العلاقات الدولية والتحالفات، وعلينا ألاَّ ننسى يوماً أن الولايات المتحدة، عندما وجدت لها مصالح مع خصمنا الإيراني، لم تتوان أبداً عن الاستدارة عن دول الخليج العربية في وقت حرج جداً، ما يدعو للتساؤل حول جدوى التحالف والوفاء له ما لم ينتفع به في الأزمات.