في سبتمبر من العام الماضي قامت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية بدعوى المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف لزيارة الدوحة للاطلاع على آثار وتبعات «المقاطعة» على الشعب والمقيمين في قطر، طبعاً هم استخدموا مصطلح أثر «الحصار على قطر».

وتلبية لهذا الطلب زار فريق من المفوضية الدوحة لمدة أسبوع من 17 إلى 24 نوفمبر ثم أصدر تقريره.

المفوضية عرضت على دول التحالف الرباعي الطلب القطري وكذلك عرضت عليهم أن تشكل الزيارة دولهم للاطلاع على تأثير الأزمة عليهم لكن التحالف لم يتجاوب معها.

المهم أن نعرف أن اللجنة القطرية لحقوق الإنسان كانت قد استعدت لهذه الزيارة من اليوم الأول لبدء تنفيذ قرار المقاطعة، فقامت بإعداد التقارير والبيانات والإحصاءات وفتحت باب تسجيل الشكاوى الأفراد والمؤسسات القطريين واحتفظت بالسجلات ثم وجهت الدعوى للمفوضية.

من المهم أن نعرف أن قطر وهي تعد لمشروع الربيع العربي أعدت له أدوات تساعدها في تنفيذ مشروعها وعلى رأسها ما يسمى بالقوى الناعمة وهي الأدوات أو القوى العابرة للحدود، أي الإعلام مثل قناة الجزيرة ومن ثم الخلايا الإلكترونية أي الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك التشبيك القطري مع منظمات دولية عابرة للحدود مثل منظمات حقوق الإنسان وعلى رأسها مجلس حقوق الإنسان والمفوضية.

هذه القوى الناعمة هي من سيروج للمشروع القطري وهي من ستستمد قطر منها الدعم الدولي في حال احتاجت له للتسويق لمشروعها بطريقتها والدفاع عنها.

فمنظمة «كرامة» على سبيل المثال لحقوق الإنسان والتي كان يرأسها المطلوب أمنياً على قائمة الإرهاب عبدالرحمن النعيمي وكتبت على موقعها هذه العبارة «نحارب الظلم في العالم العربي منذ 2004»!!!!

حين كنا في غفلة عما تخطط له قطر، حينها كنا نتساءل عن الاهتمام القطري بالمنظمات الحقوقية وهي التي تفتقر إلى أبسط مقومات المجتمع المدني، وليس لديها الأساسيات من المؤسسات المدنية ولم تدخل بعد عالم المشاركات الشعبية ولم يؤسس فيها أي نوع من أنواع التمثيل الشعبي، فلا أحزاب لا نقابات ولا انتخابات برلمانية، فما لها ومنظمات حقوقية وما لها وللظلم في العالم العربي؟ إنما تبدت لنا الأسباب لاحقاً وعرفنا كيف استخدمت قطر منظمة «كرامة» للدفاع عن الإرهابيين من جميع الدول التي سعت قطر لإسقاط أنظمتها، ومنهم الإرهابيون البحرينيون الذين كانت منظمة كرامة تمول لهم رحلاتهم وتنقلاتهم وحراكهم في جنيف.

وهذا مثال فقط على ما كانت قطر تعد له، هذي الأسبقية في الاستعداد بمثل هذه المنظمات فتح لها الباب لتأسيس شراكات وبناء شبكة علاقات مع القائمين في المنظمات الدولية، فلا عجب أن تستجيب المفوضية للطلب القطري خلال شهرين وتعد تقريراً وتصدره بعثة فنية وتعلن عنه في التوقيت الذي تختاره قطر.

المفارقة المضحكة أن نتائج كل هذا الجهد الذي بذلته قطر لم يكن أكثر من بيان رفضت فيه التحالف الرباعي محتوى التقرير الذي كتبته قطر وأهدته للفريق «الفني» للمفوضية، وانتهى ونقطة ومن أول السطر، أي قلبت دول التحالف الصفحة وانتهى رد فعلها إلى هنا في بيان لم تستغرق كتابته أكثر من نصف ساعة، وضاعت الجهود القطرية هباء منثوراً، جهود استغرقت سنوات من الإعداد لمنظمات أعانت على الظلم أعانت على الإرهاب وأعانت على التخريب والتدمير وبنت شبكات من العلاقات العامة وحين احتاجت لها قطر تعاونت معها «بإخلاص» في إصدار هذا التقرير المهلهل الذي لا يكتبه دكان حقوقي «عليمي» ففقدت بذلك المفوضية السامية مصداقيتها ونزاهتها وفقدت قطر سنوات من الجهد ومليارات من الأموال معها، فكان الرد عليها ببيان وتلاها صمت، فلا يحتاج الأمر أكثر من ذلك.

يقول الإمام الشافعي:

قالوا: سكت وقد خوصمت قلت لهم

إن الجواب لباب السر مفتاح

والصمت عن جاهل أو أحمق شرف

وفيه أيضاً لصون العرض إصلاح

أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة

والكلب يخسى لعمري وهو نباح