بعد تجميد الولايات المتحدة الأمريكية مساعداتها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، وقبلها تجميد وتعليق مساعداتها الأمنية لباكستان، هل ما زالت الولايات المتحدة بلداً حليفاً أو صديقاً في عيون الدول الأخرى؟! وهل مازال بالإمكان الوثوق بالأمريكان وائتمانهم؟! باعتقادي فإن الصداقة التاريخية التي تجمع الولايات المتحدة بدول متفرقة من الوطن العربي قد أفسدتها علينا في بعض الأمور، وجعلتها تتمادى في الإذلال والدفع نحو الطاعة العمياء أكثر مما يجب وبأساليب أسقطت آخر أوراق التوت من القوة الناعمة للولايات المتحدة، ويبدو أن مزيداً من الدول في العالم ستدفع ثمن التصويت ضد الأمريكان بشأن اعترافهم بالقدس عاصمة لإسرائيل..!!

الولايات المتحدة أوغلت بإقحام أصابعها الملوثة في الجروح الإنسانية، لتبتز الدول والمجتمعات في حاجاتها الأساسية كالغذاء، ولأن السواد الأعظم من العالم لم ينصاع لإرادتها الطاغية قررت أن ترقص الأرض على احتياجات سكانها في حفلة اضطراب صاخبة، تسترضي عبرها الأرباب الإسرائيليين المنتفعين من معظم المساعدات الأمريكية الخارجية. جاء التجميد الأمريكي لمساعدات «الأونروا» عقاباً علنياً للفلسطينيين لإصرارهم على رفض دعوة ترامب بالركون إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل، وبينما شهدنا في وقت مضى استدارة أوباما عن دول «التعاون» صراحة نحو طهران، فإننا نشهد اليوم استدارة أوبامية شقراء عن كثير من دول العالم خاصة القضايا العربية الأولى، غير إن كانت القوة الناعمة البلهاء سلاح أوباما الفاعل، فإن الحماقة أعيت من يداويها، وقد جاء «ترامب» ككبسولة (....) قررت الانفجار في العالم.

تعد الأزمة المالية التي خلفها الموقف الأمريكي من «الأونروا» الأكبر منذ تأسيسها، ويحسب للكويت – ككلمة حق لا بد منها – تصديها للقرار الأمريكي الأرعن الذي ساوم على كرامة الشعب الفلسطيني، فالكويت عندما تبرعت بقيمة 900 ألف دولار لإنقاذ أرواح لاجئي فلسطين، لم تكتفِ بكونها المتعهد الأول والدولة العربية الوحيدة المستجيبة لمناشدة الوكالة، بل دافعت عن القضية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واضطلعت بدور تشجيع كافة المانحين على تقديم التمويل للوكالة، في سمو قل نظيره بالقيم الإنسانية المستمدة من روح أميرها.

* اختلاج النبض:

القدس ليست دولة عربية وحسب، القدس لجميع المسلمين، فأين الدول الإسلامية الغنية -غير العربية- للدفاع عنها وتمويل أزماتها الاقتصادية؟ أليس هذا نصرة للفلسطينيين أم أن النصرة لا تأتي إلاّ بالتصويت ضد إعلان القدس عاصمة لإسرائيل في تحدٍ للولايات المتحدة من باب رفع الكلفة، ومن ثم رفع الأيدي؟!!