مهما اختلف أو اتَّفق العرب حول النظام السوري وطبيعة الحكم هناك سيظل المشترك الجامع بين جميع العرب هو أن سوريا دولة عربية، ولهذا لا يجوز لغير العرب أن يقتحموا الشأن السوري العربي بشكل سافر أو غزو هذه الدولة العربية لمصالح سياسية ومآرب أخرى. فمن خلال حجة تأديب الأكراد والقضاء على الإرهابيين دخل الأتراك قبل أيام إلى سوريا من بوابة «عفرين» كخطوة أولى لتثبيت الحلم العثماني في دولة عربية بغض الطرف عن طبيعة الحكم فيها.

كم كان موضوعياً التقرير الذي ساقته صحيفة «الوطن»، قبل أيام في هذا الإطار والذي أكد على أن من أهم أسباب دخول الأتراك لعفرين هو تجربة السلاح التركي، فقد ورد في التقرير أن حكومة أنقرة «زجَّت في عملياتها العسكرية التي تخوضها ضد القوات الكردية في منطقة عفرين شمال غرب سوريا - والمسماة «غصن الزيتون» بسلاح تركي الصنع يجرب أمام وسائل الإعلام والخبراء العسكريين كنوع من الدعاية لمصانع السلاح التركي وكاستعراض قوة أمام العالم خاصة أن خصمهم هو ميليشيات لا تشكل نداً للجيش التركي وتفتقر لغطاء جوي».

إن الحلم التركي في سوريا أو في العراق أو في أي دولة عربية أخرى أو مزاحمة أيّ من الدول العربية في حل الأزمة السورية يعتبر أمراً مرفوضاً، فما تقوم به تركيا في منطقة «عفرين» هو بداية للتدخل العسكري في سوريا، ومن المؤكد حين ينجح الأتراك في هذه المسؤولية العسكرية فإنهم سوف يدخلون إلى مناطق ومدن سورية أخرى كما ألمح إلى ذلك أردوغان في رغبته الصريحة للوصول إلى إدلب وما بعد إدلب!

العرب وإن كانوا مشغولين بأوضاعهم السياسية والاقتصادية الحالية إلا أنهم يتفقون على رفضهم التام للسلوك التركي في سوريا، لأنهم يعلمون جيداً أن أنقرة تريد أن «تأكل الجو» السياسي من خلال غزوها العسكري لعفرين بحجة القضاء على الإرهابيين من الأكراد. ليس العرب وحدهم من يرفض هذا النوع من الحلول العسكرية المريبة، بل إن المجتمع الدولي بأكمله يرفض مثل هذا السلوك وعلى رأسهم أمريكا وروسيا ودول حلف شمال الأطلسي، ومن المتوقع أن تبقى تركيا -لو استمرت عملياتها العسكرية في سوريا- معزولة عن العالم الرافض لتدخلها في عفرين. الأكراد عبر العالم وفي كل العواصم الأوروبية بدورهم نددوا وتظاهروا بشكل شرس ضد أنقرة رافضين كل أشكال الانتهاكات التركية لعرقهم ومناطقهم بحجة القضاء على الإرهاب، بل إنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي حين يرون أهاليهم الأبرياء في عفرين وهم يتساقطون على وقع الحلم التركي. على تركيا أن تعيد حساباتها بدقة مع العالم عموماً ومع العرب خصوصاً، فالمتغيرات السياسية القادمة لن تصب في مصلحة العثمانيين أبداً.