أقسم أن يجعل من شركة «فورد» التي طردته قزماً قبالة شركته التي سيؤسسها، ثم وجد فرصته في العمل مع شركة «كرايز» إذ كان مثقلاً بالديون التي تجاوزت 40 مليار دولار، بينما لم تكن تتعدى ثروته 650 مليون دولار إلى جانب امتلاكه 22 ألف فرع في العالم، يعمل فيها 650 ألف عامل، كان سيتسبب في بطالتهم إذا ما أفلست شركة «كرايز». فلم يرَ مخرجاً لمأزقه خيراً من أن يعيّن رجلاً مختصاً بالأزمات فوجد «مايكل لي»، ليبدأ الأخير عمله بإغلاق جميع الأقسام الهالكة مما لا جدوى أو أهمية لوجودها، مركزاً جهوده على تشغيل الأقسام العاملة والمنتجة وقلّص عدد المساعدين لرئيس مجلس الإدارة من 12 ألف مساعد إلى 250 تقريباً، لكنه كان أيضاً بحاجة لاقتراض المال، وبعدما رفضت البنوك إقراضه، اقترض من الكونغرس الأمريكي بعدما أخبرهم: «إما أن تقرضوني 5 مليارات دولار أو ستجدون 650 ألف فرد عاطل عن العمل».

لم يستطرد العمل بطريقة عادية كما تفعل شركات السيارات الأخرى، بل فكر خارج الصندوق ليوجد ابتكاراً جديداً يجتذب زبائنه، فأنتج أول سيارة ناطقه بالعالم، إذ كانت السيارة تنطق بـ12 عبارة فقط نحو «لقد نفد الوقود، احذر الباب مفتوح.. إلخ». وبهذا فقد استطاع «لي آيا كوكا» تسديد جميع ديونه فيما لا يزيد عن 5 سنوات.!!

طرد «لي آيا كوكا» من العمل الذي وضعه في مأزق مادي وعدم تقدير من حوله، كان بداية نجاحه، ولو أسقطنا تجربته تلك على كثير من الدول التي تعاني اقتصاداتها من التراجع في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة ومعدلات الإنفاق الاضطراري المرتفعة، لتمكنت تلك الدول من تجاوز خساراتها بتنمية اقتصادات قوية عبر تجربة ابتكارية وإدارية ناجحة على نحو مماثل. ولن يكون الأمر مستحيلاً فلنا أسوة مشجعة في بعض الدول الصاعدة والتي نرى اقتصادها آخذاً في النمو بسرعة لا متناهية.

* اختلاج النبض:

لا شك في أن الأزمات التي مرت بها المنطقة العربية أرهقت كاهل دول الخليج العربية على وجه الخصوص، وجعلتها تدفع الثمن غالياً من أجل حماية محيطها الحيوي وصيانة أمنه فضلاً عن محاولتها الحفاظ على الاستقرار والسلم في عموم المنطقة. ولكن ذلك ليس مبرراً كافياً لكتف الأيدي واستنزاف الموارد، بينما مازالت الآفاق مفتوحة والفرص سانحة للبحث في سبل تطوير الاقتصاد وتنميته وابتكار حلول جديدة ناجعة مستلهمة من تجربة «لي آيا كوكا» وغيره من التجارب الناجحة.