* بغداد تعول بمؤتمر الكويت على القطاع الخاص لإعمار البلاد

* مؤسسة التمويل الدولية تدعو للاستثمار في إعادة بناء العراق

الكويت - هدى هنداوي، وكالات



أكلمت دولة الكويت الاستعدادات النهائية لاستضافة المؤتمر الدولي حول إعادة إعمار العراق. وازدانت شوارع الكويت باعلام الدول المشاركة في المؤتمر ترحيبا بهم. ويهدف المؤتمر الذي سيعقد من الإثنين حتى الأربعاء إلى حشد الدعم الدولي لدعم خطط إعادة إعمار العراق بعد هزيمة ما يسمى تنظيم الدولة "داعش"، فيما أعلن سامي الأعرجي رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار انه تم تسجيل نحو 1900 شخص لحضور المؤتمر، يمثلون حكومات أجنبية وشركات من القطاع الخاص ومنظمات دولية.

وجاء الإعلان عن استضافة المؤتمر بعد شهرين من إعلان بغداد "انتهاء الحرب" ضد المتطرفين.

وبعد 3 سنوات من فرض المتطرفين سيطرتهم ومعارك دامية لطردهم من نحو ثلث البلاد، يراهن العراق الذي دمرته الحروب وأنهكه الحصار منذ الثمانينات على المانحين الدوليين، وخصوصا القطاع الخاص.

وأكد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله أن "أكثر من ألفي شركة ورجل أعمال" سيشاركون في المؤتمر حيث سيقدم المسؤولون العراقيون مشروعهم الضخم.

وأوضح الجار الله أن اليوم الأول سيكون مخصصاً لمؤسسات المجتمع، فيما سيخصص اليوم الثاني بالكامل للقطاع الخاص، بينما سيكون اليوم الأخير لإعلان المساهمات المالية للدول المشاركة.

وسبق للعراق، ثاني أكبر منتجي النفط في منظمة أوبك، أن كثف من دعواته للمستثمرين حول العالم. ويعتزم خصوصاً الاعتماد على احتياطه من النفط، الذي لم يستغل بشكل كامل بعد.

وخلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس نهاية يناير الماضي، كان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي واضحا بالقول إن المشروع الضخم لإعادة إعمار البلاد سيكلف 100 مليار دولار.

وقال العبادي "هذا مبلغ ضخم من المال، ونحن نعرف جيداً أنه لا يمكننا تمويل ذلك بميزانيتنا" التي تأثرت بانخفاض أسعار النفط الخام والحرب الطويلة.

وأضاف "لهذا السبب، نحتاج للدعوة إلى الاستثمارات. إنها الطريقة الوحيدة" لجمع مبلغ مماثل يشكل نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وفي هذا السياق، قال ممثل اليونيسف في العراق بيتر هوكينز أن المهمة هائلة لسبب مهم.

وأضاف "إذا كان الجميع مركزاً على الموصل" ثاني أكبر مدن البلاد وعاصمة "الخلافة" التي أصبح قلبها التاريخي تلة من الأنقاض، "يجب ألا ننسى أن محافظات أخرى مثل الأنبار وديالى وصلاح الدين" عانت أيضا من الحروب.

من جهته، أوضح مدير برنامج الأمم المتحدة للإسكان في العراق عرفان علي أن "الإسكان هو العنصر الرئيس لأن 19% من الدمار الكلي للبلاد حدث في هذا القطاع"، وبالتالي فإن أكثر من 2.6 مليون شخص مازالوا نازحين.

ووفقاً للبرنامج الأممي التشغيلي المتخصص في البحوث التطبيقية عبر الستلايت "يونوسات"، فإن أكثر من 26 ألف مسكن، بينها أكثر من 17 ألف في الموصل، دمرت أو تعرضت لأضرار كبيرة.

ولفت هوكينز، إلى أنه في وقت احتدت فيه الحرب شمالاً، تحمل جنوب البلاد اقتطاعات كبيرة من الميزانية، قائلا "هناك بعض المدارس تستقبل الطلاب على فترتين أو ثلاث" في اليوم الواحد.

ومن أجل بناء أو إعادة تأهيل وتنشيط "النمو الاقتصادي وبالتالي الخدمات"، وفق هوكينز، ينبغي جذب القطاع الخاص لإعطاء العراقيين الذين يعيش ربعهم تقريباً على أقل من دولارين في اليوم، إمكانية الوصول إلى "الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي والموارد المائية".

ومن أجل جذب المستثمرين من القطاع الخاص، قدمت الكويت والبنك الدولي تعهدات. ولطمأنة القطاع الخاص الحذر في الاستثمار في البلد الذي يحتل المرتبة العاشرة في قائمة الفساد العالمية، تم وضع "منصة بيانات عن إعادة الإعمار تضمن الشفافية والمساءلة"، حسبما أوضح علي.

لذا، ستكون الأولوية في الكويت هي "وضع الخطط والتحليلات وإيجاد الحلول" حتى يتسنى للبلاد "إعادة بناء خدماتها وأسلوب حياتها".

وأشار هوكينز أيضاً إلى أن الأمر متعلق، في منطقة الشرق الأوسط التي تعصف بها النزاعات، "بإبقاء العراق في صدارة جدول أعمال المجتمع الدولي. وبعد ذلك يأتي الجانب المالي".

ولكن في بغداد، الجميع يدعو إلى عدم تفويت هذا "الحدث التاريخي"، على حد قول علي، لأنه وفق هوكينز فإن "الاستثمار في الخدمات، بما في ذلك التعليم، سيعود اليوم بالنفع على البلاد بطريقة مذهلة، في حين أن عدم القيام بذلك سيكون مأسوياً".

والخطر، بحسب هوكينز، هو "الجيل الضائع الذي لا يمكن أن يساهم في الاقتصاد أو الأمن في العراق، حين يصبح بالغاً".

بدورها، حثت مؤسسة التمويل الدولية، ذراع البنك الدولي المعنية بدعم القطاع الخاص، الشركات العالمية الأحد على تجاوز مخاوفها بشأن تمويل مشروعات إعادة البناء في العراق والاستفادة من فرص استثمارية تدر عوائد مرتفعة هناك.

جاء ذلك في كلمة لزياد بدر رئيس بعثة مؤسسة التمويل الدولية في العراق، ألقاها في الكويت قبيل انعقاد المؤتمر الدولي للمانحين والمستثمرين لإعادة بناء وإحياء اقتصاد العراق، مع خروج البلاد من حرب مدمرة استمرت 3 سنوات ضد تنظيم الدولة "داعش".

وقال بدر في كلمة بغرفة تجارة وصناعة الكويت "لا أظن أنه في أي مكان من العالم توجد هكذا فرص من الاستثمار"، وضرب مثلاً بشركة لبنانية تحقق عائداً قدره 24% من حصتها في فندق فاخر في أربيل عاصمة إقليم كردستان في شمال العراق.

وأضاف أن مؤسسة التمويل الدولية لديها استثمارات بنحو 1.2 مليار دولار في مشروعات مختلفة في العراق، تشمل بنوكاً ومصانع إسمنت وشركات اتصالات، وتستعد للإعلان عن استثمار بنحو 250 مليون دولار في مشروع للاتصالات.

والأسبوع الماضي، نشرت الهيئة الوطنية للاستثمار العراقية قائمة تضم 157 مشروعاً ستسعى لجذب استثمارات إليها في المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق في الفترة من 12-14 فبراير، وتُقدر الكلفة الإجمالية لتلك المشروعات بنحو 100 مليار دولار.

وتتضمن المشروعات إعادة بناء المنشآت التي تعرضت للتدمير مثل مطار الموصل واستثمارات جديدة لتعزيز وتنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على مبيعات النفط، من خلال تطوير قطاعي النقل والزراعة وصناعات اعتماداً على ثروة البلاد من الطاقة، بما في ذلك البتروكيماويات والمصافي النفطية.

وإعادة بناء المنازل والمستشفيات والمدارس والطرق والأعمال والاتصالات عملية مهمة لتوفير فرص عمل للشباب، وإنهاء نزوح مئات الآلاف من المواطنين وإسدال الستار على عدة عقود من العنف السياسي والطائفي.

وقال سامي الأعرجي رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار لتجمع في غرفة التجارة الكويتية إنه تم تسجيل نحو 1900 شخص لحضور المؤتمر، يمثلون حكومات أجنبية وشركات من القطاع الخاص ومنظمات دولية.

وتابع "نحن في مفترق طرق. العالم متعاطف معنا. علينا استغلال هذه الفرصة. هذه الفرصة لا تعوض".

وأضاف أن بغداد عازمة على القضاء على "روتين وفساد أخرا الاستثمار في بعض الأحيان"، وذلك استجابة لشكاوى من شركات كويتية بشأن صعوبات تعرقل ممارسة أعمال في العراق.

ومن بين ذلك، أبلغ مورد لمعدات اتصالات المؤتمر بأنه انتظر لستة أشهر للحصول على 5 ملايين دولار مقابل عمل تم الانتهاء منه لصالح الحكومة العراقية.

ويحتل العراق المرتبة العاشرة بين الدول الأكثر فسادا في العالم وفقاً لمؤسسة الشفافية الدولية.

وأعلن العراق انتصاره على تنظيم الدولة "داعش"، في ديسمبر الماضي، بعدما استرد جميع الأراضي التي سيطر عليها مقاتلي التنظيم في عامي 2014 و2015. وقدم تحالف بقيادة الولايات المتحدة دعما للقوات العراقية خاصة في المعركة لطردهم من الموصل في يوليو الماضي.

وأعاد العراق فتح أبوابه أمام الاستثمار الأجنبي في 2003 بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بصدام حسين، لكن الغالبية العظمى من مليارات الدولارات التي جرى استثمارها اتجهت لزيادة إنتاج البلاد من النفط والغاز الطبيعي.

وأصبح العراق ثاني أكبر بلد مُصدر للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" بعد السعودية، بإنتاج يومي يبلغ 4.4 مليون برميل.