أبدت الشركات العائلية ثقةً في فرص نجاحها في العام 2018، في ظل تكيفها مع "الواقع الجديد" المتمثل في انخفاض أسعار النفط والتطورات الجيوسياسية ، وذلك وفقاً لتقرير جديد نشرته مؤخراً شركة كي بي إم جي بعنوان "استطلاع الشركات العائلية في دول مجلس التعاون الخليجي 2017". يحلل التقرير ويناقش آراء أكثر من 40 قائداً من قادة الشركات العائلية من ست دول من مجلس التعاون الخليجي، في ما يتعلق بالتوجهات والمسائل التي تؤثر في قطاع الشركات العائلية.

وفي تعليق على التقرير، قال رئيس استشارات الشركات العائلية لدى شركة كي بي إم جي الشرق الأوسط وجنوب آسيا هاريش جوبيناث "تشكل الشركات العائلية في دول مجلس التعاون الخليجي، ركيزة هامّة من ركائز الاقتصاد في المنطقة. وقد أبدى 57% من الذين تمّ استطلاع آرائهم عن ثقتهم بفرص نجاح أعمالهم في العام 2018، وهذا يعد مؤشراً إيجابياً على الرغم من ظروف المنطقة الاقتصادية".



وأظهر الاستطلاع بقاء عنصر النمو أولويةً قصوى لدى أعمال الكثير من الشركات العائلية، ويركز 81% من هذه الشركات على تحسين معدلات الربحية فيما تركز 55% منها على زيادة الإيرادات. عند امتداد الشركات العائلية عبر الأجيال، من الضروري أن يتم الحصول على نسب كافية من الأرباح كي يتم توزيعها على عدد الأعضاء المتنامي. وقد أشار قرابة نصف الذين تمّ استطلاع آرائهم إلى ارتفاع حدة المنافسة "عائق محتمل للنمو" ومصدر قلق كبير؛ لذلك، من الطبيعي أن نرى 38% من الشركات في التقرير تخطط لتنويع منتجاتها وخدماتها، و23% منها تسعى لدخول أسواق جديدة.

كما إن إيجاد التوازن المناسب ما بين مصالح العائلة ومصالح الشركة يشكّل مصدر قلق رئيس للشركات العائلية - وقد اعتبره 77% من المشاركين مسألةً في غاية الأهمية. إلى ذلك، تضع الشركات العائلية بصورة متزايدة قواعد وإجراءات وعمليات لإدارة توقعات أعضاء العائلة ولتفادي النزاعات.



وفي هذا الصدد، استكمل جوبيناث كلامه قائلاً: "تعتبر إجراءات الحوكمة الفعالة عاملاً أساسياً في نمو الشركات العائلية. ويجب توافر هيكلية حوكمة مصممة وفق المعطيات الخاصة بكل شركة كي يستمر العمل لأجيال مستقبلية، كما يجب في الوقت إدارة المخاطر المرتبطة بالتعاقب الإداري والعمل على النمو المستمر بشكل فعال. ووفق ما أظهره الاستطلاع، تتعامل الشركات العائلية هذه المسألة من خلال الحرص على اعتماد الآليات المناسبة، بما يشمل تأسيس مجلس مديرين رسمي "85%" ومجلس مستشارين رسمي "22%". ومن المثير للاهتمام أن 20% من الذين تم استطلاعهم فقط أشاروا إلى اعتمادهم مجلساً عائلياً في شركاتهم".

يتولى مجلس المديرين مسؤولية إدارة العمل، فيما يضطلع المجلس العائلي بوظيفة حل المسائل العائلية وتنظيمها عبر إنشاء مجموعة من القواعد المتعارف عليها لتحديد شروط الدخول ضمن الملكية العائلية، أو هيئات الحوكمة، أو تولي المناصب التشغيلية في الشركة. تتولى المجالس العائلية كذلك مسؤولية وضع الخطوط العريضة لشروط التدريب والتنمية، كما تحرص على توافر المهارات والمحفزات والخبرات المطلوبة لنجاح العمل؛ من هنا، تلعب هذه المجالس دوراً رئيساً في الحرص على استدامة الشركة.



ويتصدر الاستعداد للتعاقب الإداري أولويات غالبية الشركات العائلية كذلك، فأشار 88% من الذين تمّ استطلاعهم إلى أهمية التدريب والاستعداد على تعاقب المناصب بالنسبة إلى استمرار العمل ونجاحه، ويتوقّع 38% من الذين تمّ استطلاعهم إلى تحويل الصلاحيات الإدارية خلال الأشهر الـ12 القادمة فيما يتوقّع 21% منهم تقل الملكية، وفي هذا السياق قال جوبيناث: "لدى تواجد أعضاء من العائلة قادرين على تولي زمام الأمور، يكمن التحدي في الحرص على الانتقال السلس والميسر؛ لذلك، من الضروري التخطيط والاستعداد للتغير الإداري في مرحلة مبكرة ووفق إجراءات شفافة وواضحة، حرصاً على فهم الأطراف المعنية للآثار المترتبة، وعلى دعم التغيير أيضاً".

وشهدت الشركات العائلية في دول مجلس التعاون الخليجي عاماً مميزاً، ويتخذ عدد من هذه الشركات خطوات إيجابية حرصاً على النمو واستمرار الإرث العائلي. وسيبقى إطار الحوكمة الفعال والتخطيط للتعاقب عاملاً حيوياً لضمان نجاح الشركات العائلية، ولكن من الضروري أن تبقى هذه الشركات مواكبة لمستويات المنافسة وللتغير التكنولوجي كذلك. وفي هذا الإطار، أضاف جوبيناث: "تغير التكنولوجيا أساليب مزاولة العمل، من هنا يجب مراجعة النماذج التشغيلية وعروض الخدمات وتحديثها، حرصاً على تلبيتها احتياجات العاملين والعملاء على السواء، وبالمثل: قد تتطلب التغيرات المرتقبة في الأنظمة وبدء العمل بنظام ضريبة القيمة المضافة الجديد عبر المنطقة، نظماً جديدة أو محدثة -ومن الأفضل أن تتطرّق الشركات إلى هذه المسائل في أقرب وقت ممكن".