أظهر تقرير اقتصادي أن "ميثاق العمل الوطني أسس لاقتصاد بحريني متنوع قادر على مواجهة كافة التحديات الإقليمية والعالمية من خلال تعزيز دور القطاع الخاص والانفتاح على الاقتصاد العالمي والنهوض بمقدرات المواطن وتحسين مستوى معيشته".

وقال التقرير، الذي بثته وكالة أنباء البحرين (بنا) الإثنين، إن "رؤيـة البحـرين الاقتصادية 2030 تعد ترجمة حقيقية وامتداداً لمبادئ الميثاق الذي أشار في فصله الثالث إلى الأسس الاقتصادية للمجتمع المتمثلة في مبدأ الحرية الاقتصادية، والملكية الخاصة، والعدالة الاقتصادية والتوازن في العقود، وتنوع النشاط الاقتصادي ومصادر الدخل القومي"، مؤكداً أن "الميثاق فتح الباب واسعاً أمام تحقيق الازدهار الاقتصادي، وأرسى أسساً اقتصادية عصرية ضرورية لكل دولة تنشد دخول نادي الدول المتقدمة اقتصادياً، وتحقيق الرفاه والرخاء لشعبها، حيث يقدم ميثاق العمل الوطني إطاراً عاماً للإصلاح الاقتصادي، فقد رسم الملامح العريضة لسياسة البحرين الاقتصادية، بطرح تحقيق مستويات كريمة للشعب وتفادي التقلبات الاقتصادية، وضرورة استكمال بناء الاقتصاد في مكانته المرموقة، وكمركز مالي إقليمي هام، ومركز للجذب السياحي عالمياً، مع أنه أشار أيضاً إلى قلة الثروات الطبيعية وندرة المياه ومحدودية رقعة الأرض والكثافة السكانية العالية، لكنه أكد أن "أعظم الثروات التي تملكها دولة البحرين هي المواطن البحريني الذي أثبت قدرة متميزة في مجال التحصيل العلمي والثقافي"، فدعا لصقل قدرات ومهارات المواطن من خلال التدريب".

تفادي التقلبات العالمية



وجاء في التقرير أن الميثاق "يضع الأسس الاقتصادية التي يجب أن تتمسك بها البحرين، وهو ما تؤكده الرؤية الاقتصادية التي أعدها مجلس التنمية الاقتصادية، أحد أهم ثمار المشروع الإصلاحي والميثاق الوطني، ويترأسه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد، ومن أهم الأسس: قيم الحرية والعدالة الاقتصادية واحترام الملكية الخاصة، فالنظام الاقتصادي في الدولة يقوم على احترام الملكية الخاصة، فلكل فرد حرية التصرف في ممتلكاته وفق القانون، وكذلك احترام المبادرة الفردية وحرية رأس المال في الاستثمار وتأكيد دور القطاع الخاص، وتحقيق انفتاح اقتصادي يصاحبه تحول الإدارة العامة إلى المزيد من الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص وتبسيط الإجراءات وتحسين مستويات الأداء وتفادي التداخل في المسؤوليات".

وأضاف التقرير أن "تنويع النشاط الاقتصادي ومصادر الدخل القومي يضمن تفادي التقلبات الاقتصادية العالمية، وتوفير حياة كريمة للشعب، وتوفير مزيد من فرص العمل وبناء قاعدة راسخة للتنمية الاقتصادية. كما تؤكد نصوص الميثاق أهمية تدريب وتأهيل المواطن والرقي بمستوى أدائه وقدراته، وحماية الثروات والموارد الطبيعية والمال العام، وتبني التشريعات والإجراءات والاستراتيجيات التي تكفل ذلك، بما فيها إنشاء منظومة المحميات الطبيعية، والمحافظة على البيئات الطبيعية المتنوعة والحياة الفطرية، واحترام حرمة المال العام وصيانته".

رفع سقف الحرية الاقتصاية

ورفع الميثاق عالياً، حسب التقرير، سقف الحرية الاقتصادية التي سادت كافة نواحي الحركة التجارية والصناعية في البحرين، "حيث وصلت نسبة التملك بالمشاريع على اختلاف فئاتها إلى 100% لمختلف الجنسيات، وتنوع مصادر الدخل والنشاط الاقتصادي فاق نظيراته في دول الجوار، إلى أن أصبحت البحرين نموذجاً يحتذى بالحرية والعدالة الاقتصادية إقليمياً وعالمياً، وعملت البحرين على إنجاح وتنفيذ الأسس الاقتصادية التي تضمنها الميثاق، حيث تعد البحرين الآن نموذجاً مبهراً في مجالات الحرية الاقتصادية، وحماية الملكية الخاصة والأموال العامة، وتحقيق العدالة الاقتصادية، وتنويع مصادر الدخل القومي، والاستغلال الأمثل للموارد والثروات الطبيعية، رغم قلة الثروات الطبيعية، وندرة المياه، ومحدودية رقعة الأراضي مقارنة بالدول المجاورة، فضلا عن الكثافة السكانية العالية التي تتسم بها".

ومن بين الإجراءات والخطط التي اتبعتها المملكة طوال السنوات الـ17 الماضية، أشار التقرير إلى "فتح أبواب وفرص الاستثمار في القطاعات كافة، وتقديم الإغراءات والحوافز التي تشجع على الانطلاق والمبادرة والعمل، وتيسير الإجراءات اللوجستية المعروفة من اتصالات وبنية أساسية وتجهيزات مختلفة، إضافة إلى الحماية القانونية والإدارية للاستثمارات في كل مراحل عملها. مثل قانون الشركات التجارية في 2001، الذي أتاح لرأس المال والخبرة الأجنبية بالعمل، والمرسوم بشأن تملك غير البحرينيين للعقارات المبنية والأراضي، الذي ساوى فيه المشرع الأجنبي مع المواطن، وهي الميزة التنافسية التي تتمتع بها البحرين، حيث السماح للأجانب بالملكية الكاملة 100% لموجودات الشركات والأصول العقارية. إضافة لعقد اتفاقات التجارة الحرة وحماية الاستثمارات وتفادي الازدواج الضريبي، حيث يوجد أكثر من 65 اتفاقية ثنائية بشأن ذلك، علاوة على الإجراءات الإدارية التشجيعية، حيث يستطيع صاحب رأس المال الراغب في الاستثمار بالمملكة تدشين أعماله بسهولة دون تعقيدات بيروقراطية، ما مكن البحرين من أن تكون الأكثر جاذبية للشركات، والأكثر انفتاحاً وحرية وقبولاً في المنطقة، وإحدى الدول التي تخلو من أنظمة الضريبة على الدخل سواء للمؤسسات أو الأفراد، وأسهم في تحقيق منجزين رئيسيين أولهما استمرار النمو في الناتج المحلي الإجمالي رغم التوترات الجيو ـ سياسية في المنطقة، وتقلبات أسواق المال وانخفاض أسعار النفط العالمية لمستويات قياسية. وتراوحت نسبة النمو في الاقتصاد البحريني بين 4 و8 % رغم كل تلك الظروف. وثانيهما استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية التي وصلت إلى 700 مليون دولار خلال الشهور العشرة الأولى من 2017 ما يعكس الثقة في الاقتصاد الوطني. ونجح مجلس التنمية الاقتصادية بقيادة سمو ولي العهد في استقطاب 519 شركة أجنبية منذ 2003 وحتى نهاية 2016 عملت في 637 مشروعاً متنوعاً بكلفة تصل إلى 35 مليار دولار، وساهمت في توليد 81.9 ألف وظيفة، هذه الإنجازات وضعت البحرين في المرتبة الثالثة بعد الإمارات والسعودية في استقطاب الاستثمارات الأجنبية".

ريادة في تنويع الاقتصاد

وعن تنويع النشاط الاقتصادي، قال التقرير "تعد البحرين من الدول الرائدة تاريخياً في تنويع النشاط الاقتصادي، خاصة في الخليج، ولا تعول كثيراً على النفط كمورد وحيد وأساسي للدخل الوطني مقارنة بكثير من الدول المتخصصة في إنتاج المواد الخام، كما تعد واحدة من الدول القلائل التي استطاعت التحول، في غضون فترة قصيرة نسبياً، هي السنوات التي تلت صدور الميثاق والتصديق عليه، إلى دولة تتمتع بمركز خدمي ومالي مرموق في المنطقة، بفضل السياسات المتبعة لتكون البحرين مركز جذب للسياحة العائلية الخليجية، وموطناً للصناعة المالية في المنطقة والعالم عموماً، وللخدمات المصرفية الإسلامية خصوصاً، حيث تعد المملكة الأولى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هذا الجانب، إضافة إلى عدد من الصناعات ذات القيمة المضافة الأخرى، مثل صناعة المعارض، وبعض الصناعات التحويلية التي وضعت المملكة على طريق التنمية الصناعية الشاملة".

وأضاف التقرير "عكست زيادة الإيرادات غير النفطية حرص القيادة الحكيمة على ضمان توفير حياة كريمة للشعب البحريني عبر فتح المجال للأجيال الجديدة للتعلم والكسب من نشاطات اقتصادية أخرى تتسم بالتنوع والانفتاح، كمصافي التكرير وإصلاح السفن وصناعة الصلب والألمنيوم وغيرها، وهو ما تم تكريسه واقعاً مع إقرار رؤية البحرين الاقتصادية، التي صدرت في أكتوبر 2008، واستراتيجية الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي تلتها، وهدفت إلى نقل الاقتصاد الوطني من اقتصاد قائم على الثروة النفطية إلى اقتصاد منتج قادر على المنافسة عالميا، وبما يضمن حياة أفضل لكافة المواطنين البحرينيين.

ودائع بـ45 مليار دولار

واعتبر التقرير أن التطور الأبرز "تمثل في تقدم قطاع الخدمات المالية الذي بات يعرف به الاقتصاد البحريني، حيث أصبح هذا بمثابة قاطرة استراتيجية المملكة لتنويع النشاط الاقتصادي، وزاد نموه بشكل ملحوظ مع وجود نحو 393 مؤسسة مالية ومصرفية وفق إحصاءات أكتوبر 2017، تسهم بنحو 17.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت قيمة الودائع لدى مصارف قطاع التجزئة 45.1 مليار دولار في أكتوبر 2017 شكلت ارتفاعا بنسبة 4.5 % مقارنة بنفس الفترة من 2016. وهو ما انعكس على مستوى معيشة المواطن البحريني الذي ارتفع نصيبه من الناتج القومي".

وعن المورد البشري، قال التقرير إن "البحرين أولت اهتماماً كبيراً به باعتباره من أعظم الثروات التي تملكها، حسب وصف الميثاق نفسه، ولم تدخر جهداً طوال السنوات التي تلت صدور الميثاق، في توفير ما يلزم للمواطن لكي ينمو بقدراته ومواهبه، بحيث يمكن توظيف هذه القدرات واستثمارها في النهوض بالمملكة ومرافقها الحيوية، حيث لا يتجاوز معدل البطالة في البلاد 3.7 %، كما يشار لموقع البحرين على مؤشر تقارير التنمية البشرية والإنسانية التي تصدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي يضع البحرين ضمن فئة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة. حيث حافظت المملكة على ترتيبها طوال العقدين الماضيين، تعليماً وصحة ومساواة ومتوسط دخل وغير ذلك من مؤشرات وأدلة تعكس الاهتمام بالجوانب الاجتماعية والحياتية للمواطن البحريني".

بشهادة التقارير الدولية

وخلص التقرير إلى أن "الجهد الاقتصادي الكبير انعكس إيجاباً على وضع المملكة في التقارير الدولية الاقتصادية المتخصصة، فأصبحت تحتل المراكز المتقدمة من حيث حرية الاقتصاد وحيويته وقدرته على مواجهة الصعاب والأزمات، وحصلت على المرتبة الرابعة إقليمياً من بين 14 دولة والـ50 عالمياً من بين 180 دولة في مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2018 الصادر عن مؤسسة هيريتيج الدولية، بفضل ما تتمتع به من كفاءة تنظيمية، وحرية مالية ومرونة اقتصادية. وجاء في المؤشر أن الحكومة تشجع الاستثمار في قطاعات غير الطاقة، مثل: التمويل والبناء لتقليل الاعتماد على تراجع احتياطيات النفط، وأن البحرين مركز إقليمي لكثير من الشركات متعددة الجنسيات التي تقوم بأعمال تجارية في المنطقة، كما تمتاز ببيئة اتصالات حديثة وبنية تحتية للنقل والمواصلات".

وعن انفتاح السوق، نقل التقرير عن مؤشر هيريتيج أن قيمة الصادرات والواردات مجتمعة تساوي 156% من الناتج المحلي الإجمالي، وبوجه عام، لا تتداخل السياسات الحكومية مع الاستثمار الأجنبي، في حين تمثل المؤسسات المالية أكثر من 25 % من الناتج المحلي الإجمالي، كما يمكن للمستثمرين الأجانب والمحليين الحصول على الخدمات المالية الحديثة.

واستشهد التقرير بتقرير آخر صادر عن مؤسسة "كي بي إم جي" أشار إلى أن البحرين تتمتع بكلفة تشغيل تنافسية على مستوى دول المنطقة في قطاع الخدمات المالية. وكشف عن متوسط تكاليف مجموعة من العوامل بما في ذلك معدلات الإيجار التجارية، وتكلفة التشغيل، وتكلفة الأيدي العاملة، والاتصالات ونفقات المرافق العامة بالإضافة إلى متوسط تكلفة المعيشة. فالبحرين توفر أيدي عاملة ماهرة ذات مستويات عالية بمتوسط معدل تكلفة أقل من باقي دول المنطقة إضافة إلى تفوق البحرين في عدد المواطنين العاملين في القطاع المالي.