كتب الدبلوماسي الأميركي دينيس روس، عن رحلته الثانية إلى السعودية، وعن مشاهداته فيها، راصداً التغيير الإيجابي في العديد من الجوانب، تطرق فيها إلى دور الشباب والمرأة، واصفاً ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بـ"الرجل الثوري"، وأن صدى نجاح سياسته لن يكون في السعودية فحسب، داعياً الحكومة الأميركية إلى الوقوف خلف ولي العهد الشاب.

وقال المستشار في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في مقال نشر بصحيفة "الواشنطن بوست": "عُدت للتو من رحلتي الثانية إلى المملكة العربية السعودية منذ أن أصبح محمد بن سلمان، ولي العهد البالغ من العمر 32 عاماً، القوة الدافعة للتغيير في المملكة"، واصفاً جهوده لتحويل المجتمع السعودي بأنها ثورة من الأعلى.

التسامح ومحاربة العنف



وقال روس إن محمد بن سلمان لا يُحاول علمنة السعودية، هو يحاول أن "يُعيد" الإسلام إلى طبيعته الحقيقية (حسب تعبيره)، وأن يحوله بعيداً عن أولئك الذين سعوا إلى نشر اعتقاد متزمّت غير متسامح، خلق مبرراً للعنف ضد الآخر.

وأشار روس إلى أن المُشككين بما يقوم به محمد بن سلمان هم في المقام الأول من خارج السعودية وليسوا فيها.

دور المرأة

وتحدث روس عن دور المرأة، وذلك من خلال زياراته السابقة للسعودية، قائلاً "في زياراتي التي كانت منفصلة كل عام، سواء كنت في اجتماع في كلية ريادة الأعمال، أو مؤسسة مسك، أو الاستخبارات أو وزارة الخارجية، أو "اعتدال" - المركز العالمي لمكافحة الفكر المُتطرف - كان بروز دور المرأة الجديد جلياً ولا غُبار عليه، وما يثير الإعجاب بنفس القدر أيضاً هم الشباب".

وقال روس إن متوسط عمر المهندسين والمبرمجين ومصممي الغرافيك السعوديين في مركز "اعتدال" يعني الاعتدال وليس مجرد مراقبة الرسائل المتطرفة فقط، بل صياغة سرد مضاد للتعايش الديني هو 26 عاماً، وهذا لا يعد مفاجئاً، بسبب أن عمر ثلثي السكان السعوديين أقل من 30 عاماً. ولدى الشباب السعودي الطاقة والحماس، فهم يصرون على أنهم هم من يصنعون التغيير ويلتزمون بإعادة بناء بلدهم".

ووصف روس في مقاله حملة التغيير في السعودية بأنها أكثر مصداقية لأنها محلية، وليست رداً على الضغوط الخارجية.

مسؤول سعودي وابنته ذات الـ 16 عاماً

وتابع "أظن أن ولي العهد الذي أسس مؤسسة مسك لصقل التعلم وتأسيس مجتمع قائم على المعرفة قبل أن يصل إلى هرم السلطة يفهم مزاج الشباب السعودي، ورأى استعداداً للتغيير، بالإضافة إلى أنه رأى – على ما أعتقد – الإمكانيات التي يمكن استخلاصها حتى عندما يفهم خطر إدامة الوضع الراهن".

وأضاف "أثناء زيارتي لمركز الدراسات والشؤون الإعلامية في الديوان الملكي، عُرض عليّ استطلاعات مكثفة حول السلوكيات داخل المملكة، وكيف أن الآراء التقليدية حول دور الحكومة والمؤسسات الدينية والمرأة تشهد تغييراً، وليس من المستغرب أن يكون الشباب السعوديون أكثر انفتاحاً وهم يمثلون ثلث السكان الذين تزيد أعمارهم عن 30 عاماً".

وأوضح روس أنه تحدث إلى أحد كبار المسؤولين السعوديين، الذي تحدث عن ابنته البالغة من العمر 16 عاماً، وقال "شعرت بالذهول بسبب اعتزازه الواضح في حديثه عنها حيث قال "إنها تعتقد أنها تستطيع أن تفعل أي شيء الآن".

هذه ليست السعودية بعد، حيث إن المرأة لا تزال بحاجة إلى موافقة أحد الأقارب الذكور للسفر إلى الخارج.

وقال روس إنه إن لم تكن الاضطرابات والصراعات تستنزف المنطقة حالياً، لكانت السعودية هي القصة الأعظم التي تُروى في وقتنا هذا، متمثلة في التحويل الذي يجري فيها.

مصلحة هائلة

وأوضح روس أن الولايات المتحدة تملك مصلحة هائلة في نجاح الأمير محمد بن سلمان، وقال "ستمنحنا زيارته القادمة لأميركا لمدة ثلاثة أسابيع فرصة نستطيع من خلالها أن نكون صريحين بالتحدث معه، وعلى الرغم من أن هذا قد لا يتماشى مع ما تراه الإدارة الرئاسية إلا أن السماح لمزيد من الطلاب السعوديين بالمجيء والبقاء في الولايات المتحدة لحضور دوراتٍ تدريبية للدراسات العليا سيترك من دون شك أثراً على المملكة".

ووصف روس حملة مكافحة الفساد بأنها تتميّز بالإيجابيات شرط أن تكون حملة شفافة ويُنظر لها على أنها تعزّز سيادة القانون الذي يمكن لجميع المستثمرين الاعتماد عليه.

أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فقال روس إنه ينبغي على الإدارة الرئاسية أن تفعل المزيد لتنسيق النهج المتّبع.

قناة رفيعة المستوى

وقال "ينبغي على الرئيس ترمب أن يقترح قناة رفيعة المستوى بشأن السياسات يُمكن عبرها الاشتراك في دراسة الآثار المترتبة على القرارات الحساسة قبل اتخاذها، فلو أن إدارة ترمب ذهبت إلى السعودية قبل شهرين من إعلانها القدس عاصمة لإسرائيل لكان من الممكن لها أن تتخذ قرارها بطريقة لا تخلّ كثيراً بجهودها في عملية السلام".

وأكد روس أنه لو ناقش السعوديون خياراتهم فيما يتعلق باليمن وقطر ولبنان مع الولايات المتحدة في بادئ الأمر، لربما تم تقسيم العمل بطريقة فعّالة على نحو أكبر لتحقيق أهدافنا المشتركة.