جهاد العلاونه:

عمال يعانون دون أي حماية قانونية، بعضهم اختار وضعاً لا يغطيه القانون، وآخرون وضعتهم ظروفهم تحت طائلة الاستغلال.



"ثلاثة أشهر دون راتب، ساعات طويلة من العمل و لا مهرب من كل هذا سوى الترحيل"، كلمات بدأ بها العامل الآسيوي غير النظامي "جوهر. م" حديثه حيث يعمل منذ ستة أشهر في شركة مقاولات براتب 120 ديناراً.

يقول: "قدمت من إحدى الدول الخليجية لأبني لنفسي مستقبلاً أفضل في البحرين بعد أن عرض علي أحد الأصدقاء المقيمين هنا أن أشتري فيزا من أحد الأشخاص وأخبرني أن فرص العمل أفضل. وبعد وصولي أرشدني صديق إلى إحدى الشركات التي تستخدم عمال "فري فيزا" وأخبرني صاحب العمل أنه سيخضعني لفترة تجربة من ثم يحول إقامتي لأصبح عاملاً قانونياً. ومع الوقت بدأت أدرك الفخ الذي وقعت فيه فلا وقت محددا للعمل ولا سكن للعمال، وفي نهاية الشهر الأول فوجئت بصاحب العامل يقدم لي 50 ديناراً فقط متعذراً بأن ظروف العمل سيئة وأنه لا بد لي من الصبر حتى أحصل على باقي مستحقاتي. وتكرر الأمر في الشهر الثاني والثالث إلى أن انقطعت الدفعات نهائيا في الشهر الرابع. وهأنذا بلا راتب منذ ثلاثة شهور، غارق في الديون ولا حل لي سوى الصبر أو المخاطرة بالعمل في شركة أخرى بنفس الظروف. ولا حل لنا في مراكز الشرطة سوى الترحيل".

ويعرض فضل وأحمد عاملا الصباغة الآسيويان المقيمان في البحرين منذ 10 سنوات واقعهما قائلين: "نكمل بعد أيام شهرنا الرابع دون أي مستحقات أو رواتب ولا نملك أن نلوم أحداً سوى أنفسنا فقد كنا نعمل في إحدى الشركات بشكل قانوني لكن الشركة بدأت تتعرض لضائقة مالية، ما أثار تخوفات لدينا، فعرض علينا أحد الأصدقاء أن نعمل في إحدى شركات الديكور الصغيرة براتب مغر قدره 240 ديناراً. ودون تفكير انقطعنا بشكل كامل عن الشركة التي نعمل بها و بدأنا العمل الجديد واستدرجنا عاملين آخرين من الشركة القديمة للهروب والانضمام الينا في العمل الجديد لكننا لم نحصل منذ أربعة شهور على أي مستحقات مالية ولا مهرب قانوني لنا إذ تواصلنا مع صاحب العمل السابق فهددنا بالترحيل بسبب هربنا من عنده، و لذلك نعمل في كل يوم على أمل أن يلين قلب صاحب العمل ويعطينا ما نستحق."

ولا تختلف قصة عامل البناء عبدالوهاب كثيراً عن الآخرين. يقول: "كنت أعمل في إحدى الشركات بشكل قانوني لكني بعد فترة من ظروف العمل السيئة هربت فألغى صاحب العمل إقامتي وبلغ عن هروبي، وبعد عدة شهور عدت إلى صاحب العمل وأخبرته بندمي ورغبتي في العودة إلى العمل وهو ما استغله إلى أقصى الدرجات حيث أعمل نحو 16 ساعة يومياً بمبالغ زهيدة تنقطع في كثير من الشهور. وعندما أتحدث مع صاحب العمل يهددني بأنني مسجل كهارب ودون إقامة وأنني إن لم ألتزم بالعمل بدون اعتراضات فسيبلغ الجهات المسؤولة لترحيلي عن المملكة، لذلك أعمل بصمت على أمل أن تنتهي المعاناة".

ويقول عامل الصباغة الآسيوي بابو: " أقيم منذ سبع سنوات في المملكة بشكل غير قانوني وكثيرا ما كنت أتنقل بين الشركات إما بسبب الظروف السيئة أو انقطاع الرواتب، لكنني منذ عام ونصف أعمل في نفس الشركة. كان التعامل في البداية جيداً وهو ما دفعني إلى الاستمرار فيها رغم عدم موافقة صاحب العمل على استصدار تأشيرة لي، لكن منذ ساءت أحوال الشركة قبل سبعة شهور وأنا أعيش في أسوأ الظروف، ساعات طويلة من العمل ومبالغ زهيدة لا تتجاوز 40 ديناراً كل شهر، ولا أعلم ما الحل، وإذا لجأت للشرطة فلن أستطيع العودة إلى المملكة. أعيش وغيري بلا حل سوى الصبر".

ذلك هو واقع عمال (فري فيزا) الذين قدموا للبحرين وخيل لهم من قبل عصابات تبتاع البشر في بلدانهم، وشركات لا ترحم، بأنهم سيعيشون في أفضل حال، وسيعودون إلى بلدانهم وأهاليهم بأموال كثيرة تبعد عنهم شبح الفقر والخصاصة والحرمان. لكنهم لا يدركون أنهم وقعوا في وهم كبير. إنهم واهمون، ومغفلون.. أوقعتهم الحاجة ببين أيدي سماسرة يبيعونهم أوهاما، فمن يحميهم؟

.