المؤلم في الأحداث التي مرت على هذا الوطن في السنوات الأخيرة أن البعض الذي يمارس السلوكيات السالبة ويرفع شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان لا ينتبه إلى أن تحقيق حالة الجفاء والقطيعة والتباعد بين أبناء الوطن هو هدف من يكره البحرين ويريد بها السوء، ولا ينتبه إلى أنه في هذه الحالة لا يكون إلا أداة يستفاد منها لتحقيق ذلك الهدف وأنه سرعان ما سيتم لفظه، والأكيد أنه لا ينتبه إلى أن نتيجة كل هذا هي إضعاف الوحدة الوطنية التي من خلالها يمكن للأجنبي أن يتغلغل بسهولة ويسيطر ويحقق كل ما يريد.

وسيلة الأجنبي لتحقيق غاياته هي النيل من تماسك المجتمع ومن انسجام فئاته، ووسيلته إيجاد التوجهات المتشددة والمتطرفة. وكما يقول الداعية القطيفي الشيخ حسن الصفار في بعض كتبه فإن «الأعداء الأجانب يرصدون هذه الحالة ويذخرون استثمارها للوقت المناسب خدمة لأغراضهم التآمرية ضد مصلحة الوطن والأمة.. لهذا لابد من اليقظة والانتباه، ولابد من وقفة مراجعة وتأمل، لتفويت الفرصة على الأعداء بتصليب الوحدة الوطنية وتجديد حيويتها ونفض غبار الغلو والتشدد عن مفاهيم الدين وتعاليمه».

من تابع تغطية الفضائيات «السوسة» التي يزداد عددها في كل يوم للممارسات السالبة التي قام بها ذلك البعض يوم الاحتفال بميثاق العمل الوطني لابد أنه لاحظ أن من أوجدها يرمي إلى كل ما تم بيانه، فاختلقت من أجل ذلك الكثير من القصص بغية القول بأن ما حدث «آلم السلطة وأربك حساباتها وأكد لها أن الحراك مستمر»، وهو كلام مضحك ومثير للسخرية وللشفقة خصوصاً وأن من قال ذلك وساهم فيه لايزال غير مدرك أنه يعين الأجنبي على وطنه وأن الأجنبي يستفيد منه في هذه المرحلة وسيتخلى عنه لاحقاً.

اختراق الوحدة الوطنية وضرب الاقتصاد الوطني هو هدف وغاية الأجنبي الذي استعان به البعض واعتقد أنه يؤازره طلباً للأجر والثواب من رب العالمين، فالأجنبي -أياً كان وأياً كانت لغته والشعارات التي يرفعها- لا يعمل إلا لمصلحته هو ويستغل من أجل ذلك قلة ذكاء المستعينين به وقلة خبرتهم وضعف تجربتهم، فلا يوجد على مدى التاريخ من شد من عضد مجموعة تسعى إلى السيطرة على الحكم من دون مقابل، وليس أي مقابل.

كان الأولى بذلك البعض أن يستغل ذكرى الاحتفال بميثاق العمل الوطني لتعزيز الوحدة الوطنية ولتقريب وجهات النظر في مختلف الملفات التي يرى أهمية معالجتها، فما قام به هذا العام لا يختلف عن الذي قام به في أعوام سابقة ونتيجته واحدة وهي زيادة حالة الجفاء والقطيعة والتباعد وإضعاف الوحدة الوطنية، وما قام به يضره هو قبل أن يضر السلطة ويعيق التوصل إلى حل للمشكلة ويزيدها تعقيداً.

لو أن ذلك البعض اختار طريق التواصل مع القيادة لأسهم بفاعلية في حل المشكلة، ولو أنه اعتمد برامج تسهم في تقوية الوحدة الوطنية لتمكن من تغيير نظرة الآخرين إليه والقول بأنه إنما يعمل من أجل الوطن والمواطنين، لكنه بإصراره على أسلوبه الذي جربه في السنوات السبع الماضيات وتأكد من فشله، وبعناده و«ركوب رأسه» لا يستطيع أن يظفر بمفيد ويزيد من أعداد الذين يتخذون منه موقفاً سالباً ويعتبرونه يعمل من أجل الأجنبي ويعينه على تحقيق أهدافه وغاياته.

كل ما قام به ذلك البعض في ذلك اليوم عاد عليه بالضرر، فما يفيده ليس وقوف الفضائيات «السوسة» إلى جانبه، وما يفيده ليس تصريحات الأجنبي الفارغة، وما يفيده ليس العناد والإصرار على تحقيق مشروع لا يمكن أن يتحقق مهما تغيرت الظروف في الداخل وفي الإقليم وفي العالم ، فهل ينتبه إلى هذا؟