عربين - (أ ف ب): تسبب القصف الجوي والمدفعي الذي تشنه قوات النظام بكثافة على الغوطة الشرقية بمقتل نحو مئتي مدني وإصابة العشرات بجروح منذ الأحد، في تصعيد اعتبرت الأمم المتحدة أنه "يخرج الوضع الإنساني عن السيطرة"، داعية إلى وقف فوري له.

وتقصف قوات النظام منذ ليل الأحد بالطائرات والمدفعية والصواريخ مدن وبلدات الغوطة الشرقية التي تحاصرها بشكل محكم منذ عام 2013، بالتزامن مع استقدامها تعزيزات عسكرية تنذر بهجوم وشيك على معقل الفصائل المعارضة الأخير قرب دمشق.

وغداة مقتل 17 مدنياً بينهم 5 أطفال الأحد، شهدت المنطقة الاثنين يوماً دموياً وثق فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 127 مدنياً على الأقل بينهم 39 طفلاً، في حصيلة قال إنها "أكبر حصيلة قتلى يومية في المنطقة منذ 4 سنوات".



وجددت قوات النظام الثلاثاء غاراتها الجوية على الغوطة الشرقية، موقعة 50 قتيلاً مدنياً بينهم 13 طفلاً، وفق حصيلة للمرصد.

وتصدى جيش الإسلام، أبرز فصائل الغوطة الشرقية، الثلاثاء لمحاولة تقدم قامت بها قوات النظام السوري في منطقة المرج الواقعة جنوب دوما، التي طالتها غارات كثيفة بحسب المرصد.

وذكرت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من السلطات في عددها الثلاثاء أن الضربات التي تنفذها وحدات الجيش هي "تمهيد لعملية الغوطة الموسعة التي قد تبدأ برياً في أي لحظة".

وأمضت عائلات يومها الإثنين تحت الغارات والقذائف تبحث عن أفرادها تحت الركام وفي المستشفيات التي اكتظت بجثث القتلى وبالمصابين وبينهم عدد كبير من الأطفال. فيما تفتقر هذه المستشفيات إلى الكثير من الأدوية والعلاجات والمستلزمات الطبية والتجهيزات.

وفي مستشفى في مدينة عربين، قال طبيب عرف عن نفسه باسم أبو اليسر "19 فبراير كان من أسوأ الأيام التي مرت علينا في تاريخ الأزمة الحالية".

وتحدث عن حالة مؤثرة عاينها الاثنين قائلاً "وصلنا طفل يبلغ عاماً واحداً. كانت بشرته شديدة الزرقة وبالكاد قلبه ينبض. وبينما كنت أفتح فمه لأضع له أنبوباً "للتنفس"، وجدته محشواً بالتراب، بعدما تم سحبه من تحت الأنقاض".

ويضيف بتأثر شديد "أخرجت التراب سريعاً من فمه ووضعنا له الأنبوب لكنه لم يقو على التنفس جيداً لان التراب كان قد وصل إلى داخل رئتيه. عندها قمنا بسحب التراب من رئتيه وبدأ بعدها بالتنفس تدريجياً".

ويقول "هذه قصة واحدة من بين مئات الاصابات".

وقال مراسلو وكالة فرانس برس في الغوطة الشرقية بعد جولة على عدد من المستشفيات الاثنين إن الأسرة لم تعد تتسع للجرحى الذين افترشوا الأرض. ونقلوا عن أطباء إن غرف العمليات بقيت ممتلئة طيلة ساعات النهار.

وفي مستشفى في مدينة حمورية، روى الممرض عبدالله "24 عاماً"، أنه اضطر إلى حمل طفل رضيع لوقت طويل بعد تضميد رأسه جراء عدم توفر سرير لوضعه عليه.

ويفاقم التصعيد في القصف المستمر منذ ليل الأحد من معاناة نحو 400 ألف شخص محاصرين.

وحذرت الأمم المتحدة ليل الإثنين من أن "الوضع الإنساني للمدنيين في الغوطة الشرقية يخرج عن السيطرة".

وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا بانوس مومتزيس في بيان "لا بد من إنهاء هذه المعاناة الإنسانية التي لا معنى لها، الآن"، مشدداً على أن "استهداف المدنيين الأبرياء والبنى التحتية يجب أن يتوقف حالاً".

وفي بيان من جملة واحدة الثلاثاء، اكتفى المدير الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا خيرت كابالار بالقول "ليس هنالك كلمات بإمكانها أن تنصف الأطفال القتلى وأمهاتهم وآباءهم وأحباءهم".

وتضمن البيان الذي تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه مساحة بيضاء فارغة تحمل عنوان "خسائر بشرية ضخمة"، للتاكيد على رفض المنظمة للأوضاع المأسوية في الغوطة الشرقية المحاصرة منذ عام 2013.

وشهدت الغوطة الشرقية في الأسبوع الثاني من فبراير وطوال 5 أيام تصعيداً عنيفاً مع استهدافها بعشرات الغارات، ما تسبب بمقتل نحو 250 مدنياً.

وترد الفصائل المعارضة باستهداف أحياء في دمشق بالقذائف. وأفاد التلفزيون الرسمي السوري الثلاثاء عن "ارتقاء 4 شهداء وإصابة 15 بسقوط قذائف عدة على إحياء متفرقة في دمشق".

ومع اقتراب النزاع السوري من إتمام عامه السابع، تشهد جبهات عدة في سوريا معارك مستمرة، أبرزها في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية شمال محافظة حلب.

وبدأت تركيا قبل شهر مع فصائل سورية موالية لها هجوماً على عفرين تقول إنه يستهدف المقاتلين الأكراد الذين تعدهم أنقرة "ارهابيين".

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب ألقاه الثلاثاء أمام أعضاء حزبه في البرلمان "خلال الأيام المقبلة، وبشكل سريع، سنحاصر مدينة عفرين".

وفي حين يتحدث محللون عن بطء في تقدم القوات التركية والفصائل المدعومة منها في عفرين، دافع أردوغان عن العملية، مشيراً إلى أن سبب ذلك هو السعي إلى تجنب تعريض حياة جنوده والمدنيين "للخطر"، مضيفاً "لم نذهب إلى هناك لإحراق" عفرين.

وبحسب المرصد السوري، تسبب الهجوم منذ انطلاقه قبل شهر بمقتل 112 مدنياً سورياً. لكن أنقرة أصرت مراراً على عدم وجود مدنيين بين الضحايا.

وسيطرت القوات التركية، وفق المرصد، حتى الآن على 45 قرية في منطقة عفرين وعلى شريط حدودي يمتد على طول خمسين كيلومتراً.