* الرئيس المصري: مصر تحرز هدفاً باتفاق الغاز

* السيسي يرد على اتفاق الغاز مع إسرائيل: مصر ليست طرفاً

القاهرة - عصام بدوي، وكالات



كشف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحقيقة الكاملة فيما يتعلق بقضية استيراد الغاز من إسرائيل، التي تسببت في جدل واسع خلال الساعات الماضية داخل الشارع المصري وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال الرئيس المصري إن "حلم تحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة في الشرق الأوسط تحقق فعليّا على الأرض.. هذا ما كنت أحلم به منذ 4 سنوات وكنت مصرًا على ذلك.. والحمد لله نجحنا".

وأوضح السيسي خلال قيامه بافتتاح مجمع خدمات المستثمرين الأربعاء، أن "مصر هي الدولة الوحيدة في منطقة المتوسط التي تمتلك منشآت تستطيع تقديم خدمات بترولية، وكان لابد أن تستثمر ذلك لاستقطاب الغاز القبرصي واللبناني والإسرائيلي تمهيداً للقيام بعملية تسييله في منشآتنا ثم تصدير الغاز مرة أخري لأوروبا".

وأشار السيسي إلى أن "عملية تسييل الغاز ومشتقاته كانت تحدث في لبنان أو إسرائيل أو قبرص أو تركيا أو مصر.. لكن مصر هي التي أحرزت "جول كبير جدا" بالنجاح في الاستفادة من الغاز الذي يخرج من دول المتوسط، عبر المنشآت البترولية المصرية".

وقال "سمحنا للشركات الخاصة بأن تستورد الغاز من هذه الدول ثم تستخدم المنشآت البترولية المصرية في عمليات التكرير والتسييل والمعالجة والتنقية، على أن يتم تصديره مرة أخرى، وهنا استفادت مصر ماديا من كل هذه المراحل.. كل الغاز في المنطقة أصبح يأتي عندنا في مصر.. مصر فقط.. نعالجه ثم يتم تصديره نظير مقابل مادي محترم".

وقال الرئيس، إن "الجدل الذي أثير حول قضية الغاز خلال الساعات الماضية مهم جدا ويسعدني على المستوى الشخصي".

وذكر أن "الحكومة المصرية ليست طرفاً في الاتفاق"، مضيفاً "نتيح للشركات إنها تستورد الغاز وتشتغل عليه ونحن كدولة يبقى التسهيلات التي عندنا والمنشآت التي عندنا نأخذ في مقابلها".

واختتم السيسي بالقول "مصر وضعت قدمها في أكبر اقتصاديات المتوسط وأصبحت مركزاً إقليمياً للطاقة في الشرق الأوسط، وهذا له إيجابيات كثيرة جدا.. أنا عارف إنكم بتسألوا إزاي افتتحنا حقل ُظهر وقلنا عندنا اكتفاء ذاتي وبعدين نستورد من إسرائيل.. ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما".

وسمحت مصر مؤخرا لشركات القطاع الخاص الدخول في تجارة وتداول واستيراد الغاز الطبيعي، من خلال إقرار البرلمان قانون تنظيم سوق الغاز في يوليو الماضين ، وتشكيل جهاز جديد لتنظيم هذا السوق.

وكانت شركة "ديليك دريلينغ" الإسرائيلية قد أعلنت، الاثنين، عن توقيع عقد مع شركة دولفينوس الخاصة المصرية، لمدة عشر سنوات، بقيمة 15 مليار دولار، لتصدير الغاز الطبيعي لمصر.

وتأتي الصفقة رغم إعلان وزارة البترول المصرية عن تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بنهاية العام الجاري، وتحقيق فائض في 2019، بحسب بيان الثلاثاء الماضي، وذلك مع استكمال مراحل تشغيل حقل ظهر، الذي بدء الإنتاج الفعلي في منتصف ديسمبر الماضي.

وأثارت الصفقة التساؤلات فى الشارع المصري وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حول جدواها، خاصة في وقت تقترب فيه مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، بفضل الاكتشافات البترولية الأخيرة، وخاصة حقل "ظهر".

وبحسب خبراء في قطاع البترول، كشفوا لـ "الوطن"، إن "إعادة تشغيل وحدات إسالة الغاز المصرية، وتسوية قضايا التحكيم الدولي، وتحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، ورخص سعر الغاز الإسرائيلي مقارنة بالغاز المسال، هي الأسباب الرئيسية وراء صفقة استيراد الغاز الإسرائيلي".

ويوجد بمصر مصنعان لإسالة الغاز الطبيعي، الأول مصنع إدكو، المملوك للشركة المصرية للغاز الطبيعي المسال، ويضم وحدتين للإسالة، والآخر في دمياط ويتبع شركة يونيون فينوسا الإسبانية الإيطالية ويضم وحدة واحدة فقط.

ووظيفة هذه الوحدات، هي تحويل الغاز الطبيعي من حالته الغازية إلى سائلة، حتى يمكن تحميله على سفن وتصديره، بدلاً من ضخه في الأنابيب.

وتساهم وزارة البترول بحصص أقلية في هذه الوحدات، التي توقفت عن العمل في السنوات الأخيرة، بسبب نقص الإنتاج المحلي من الغاز، وتحول مصر إلى مستورد صافٍ له، من أجل سد العجز بين الإنتاج والاستهلاك.

ويتجاوز استهلاك مصر من الغاز الطبيعي 6 مليارات قدم مكعب يومياً حالياً، بينما يصل الإنتاج إلى نحو 5 مليارات قدم مكعب يومياً.

ورغم الاكتشافات الأخيرة التي يتصدرها حقل ظهر العملاق في البحر المتوسط، وتأكيد وزارة البترول على تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز، بنهاية العام الجاري، فإن الكميات المنتجة محليا غير كافية لإعادة تشغيل هذه الوحدات.

وقال أسامة كمال وزير البترول الأسبق، إن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، لا يعني أن مصر لا تحتاج إلى استيراد الغاز سواء من قبرص أو إسرائيل.

وأضاف كمال، أن "ملف توريد الغاز الإسرائيلي أو القبرصي إلى مصر، مختلف عن ملف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز".

وأوضح أن المفاوضات مع الأطراف الإسرائيلية أو القبرصية تستهدف إعادة تشغيل وحدات الإسالة المصرية المتوقفة نتيجة عدم كفاية الغاز المصري للتصدير.

وتأمل مصر أن تتحول إلى مركز إقليمي لتصدير الغاز للعالم، عن طريق استغلال الميزة النسبية التي تمتلكها، دون غيرها من دول شرق البحر المتوسط، وهي وحدات إسالة الغاز.

وقال حمدي عبد العزيز المتحدث باسم وزارة البترول، إن "إستراتيجية تحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة يشمل استقبال الغاز من عدة دول في شرق البحر المتوسط ومنها إسرائيل وقبرص".

وذكر عبد العزيز أن مصر لديها البنية الأساسية من خطوط أنابيب ومحطات إسالة لتكون ممر للطاقة والغاز الطبيعي، وإن هذه البنية الأساسية قابلة للتوسع بإضافة محطات إسالة جديدة سواء في إدكو أو دمياط، بحسب البيان.

وأشار عبد العزيز، إلى أن "هناك عدة دول في المنطقة تسعى للقيام بهذا الدور المحوري كمركز إقليمى للطاقة، وأن مصر لديها كل المقومات للقيام بهذا الدور الاستراتيجي في المنطقة".

وأوضح عبد العزيز، ان الاتفاق الذي تم بين شركات قطاع خاص لاستيراد الغاز من إسرائيل واستقباله، سيخضع للقوانين المنظمة.

واشار الى أنه "على الشركات الخاصة التقدم بطلباتها رسمياً للنظر فيها وفقاً للضوابط الموضوعة في هذا الشأن".

وقال إن قانون تنظيم سوق الغاز الجديد، يسمح للشركات بشراء الغاز واستيراده وإعادة بيعه سواء في السوق المحلي أو إعادة تصديره من خلال محطات الإسالة.

وقال رئيس هيئة البترول السابق، طارق الحديدي، إن تعاقد شركة "دولفينوس" المصرية على استيراد الغاز الإسرائيلي "يحمل جانبا تجاريا بحتا للشركة وفقا للقواعد المنظمة لاستيراد الغاز".

وقال الحديدي، إنه على شركة دولفينوس "توضيح ما إذا كان كميات الغاز المستوردة من إسرائيل ستوجه إلى السوق المحلي أم لمحطات الإسالة، كما عليها الإفصاح عن تفاصيل الاتفاق".

وقد اكتشفت شركة إيني الإيطالية الحقل ظُهر المصري في 2015 ويحوي تقدر بثلاثين تريليون قدم مكعبة من الغاز.

وتسعى مصر إلى تسريع الإنتاج من حقول الغاز المكتشفة في الآونة الأخيرة مع تطلعها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول 2019.