عواصم - (وكالات): تخوض قوات النظام السوري اشتباكات عنيفة الأحد ضد الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية المحاصرة، التي تعرضت لقصف بوتيرة أقل من الأيام الماضية، غداة تبني مجلس الأمن الدولي مساء السبت طلب هدنة "من دون تأخير" في محاولة لوضع حد للتصعيد.

وشدد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الالمانية أنغيلا ميركل خلال محادثات هاتفية الأحد "على أهمية مواصلة الجهود المشتركة بهدف تطبيق كامل وفي اسرع وقت ممكن" لقرار الهدنة التي تستمر شهراً.

وفي وقت تراجعت وتيرة الغارات والقصف على الغوطة الشرقية الأحد مقارنة مع الأيام الماضية، اندلعت منذ الصباح اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والفصائل المعارضة، تركزت وفق المرصد السوري "عند خطوط التماس في منطقة المرج التي يتقاسمان السيطرة عليها" في جنوب الغوطة.



وأحصر المرصد مقتل "13 عنصراً من قوات النظام وحلفائها مقابل 6 مقاتلين من جيش الإسلام" أكبر فصائل المنطقة جراء المعارك.

وتأتي هذه الاشتباكات الميدانية وهي "الأعنف منذ مطلع الشهر الحالي بعد تراجع وتيرة الغارات والقصف في الساعات الأخيرة" وفق المرصد الذي احصى مقتل 8 مدنيين بينهم طفلان جراء غارات وقصف صباحي على عدد من البلدات.

في المقابل، أفاد الاعلام السوري الرسمي باستمرار سقوط قذائف الأحد على احياء في دمشق وريفها، مصدرها "المجموعات الإرهابية" في الغوطة الشرقية.

وبث التلفزيون الرسمي مشاهد مباشرة لاستهداف الجيش مدينة حرستا التي تسيطر حركة أحرار الشام الإسلامية على أجزاء منها، في عملية قال إن هدفها القضاء على "التنظيمات الإرهابية" التي تستهدف إحياء دمشق بالقذائف.

وتستهدف قوات النظام منذ الأحد الماضي الغوطة الشرقية بالغارات والقصف المدفعي والصاروخي الكثيف، ما تسبب بمقتل 529 مدنياً بينهم 130 طفلاً وفق آخر حصيلة للمرصد.

وبعد أيام من المفاوضات الشاقة والتعديلات في الصياغة، أصدر مجلس الأمن الدولي السبت قراراً يدعو إلى وقف إطلاق نار "من دون تأخير" لثلاثين يوما بهدف إفساح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية وإجلاء الجرحى والمرضى.

واتفق كل من بوتين وماكرون وميركل الاحد وفق بيان للكرملين على تسريع "تبادل المعلومات" بشأن سوريا خلال مكالمات هاتفية حول قرار وقف إطلاق النار.

وأعلن ميركل وماكرون في بيانين منفصلين أنهما طالبا بوتين "بممارسة أقصى الضغوط على النظام السوري من اجل تعليق فوري للغارات الجوية والمعارك".

ويتضمن القرار الدولي استثناءات لوقف اطلاق النار شملت بطلب من موسكو "افرادا ومجموعات وكيانات ومتعاونين مع القاعدة وتنظيم الدولة "داعش"، وكذلك مجموعات ارهابية اخرى حددها مجلس الامن الدولي".

وهذه الاستثناءات يمكن ان تفسح المجال امام تفسيرات متناقضة إذ تصف دمشق فصائل المعارضة المدعومة من الغرب بانها "ارهابية"، ما من شانه وفق محللين أن يهدد الالتزام الكامل بوقف اطلاق النار.

وجدد الكرملين الأحد التأكيد أن "اتفاق وقف إطلاق النار لا يشمل العمليات ضد المجموعات الإرهابية" كما أعلنت طهران أن العمليات العسكرية ستستمر في محيط دمشق.

وأكد رئيس أركان الجيش الإيراني الجنرال محمد باقري "كما يفيد "القرار"، فإن مناطق في ضاحية دمشق في أيدي "المجموعات" الإرهابية، ليست معنية بوقف إطلاق النار، وستستمر الهجمات وعملية التنظيف التي يقوم بها الجيش السوري".

ووجه البابا فرنسيس في ساحة القديس بطرس في روما بعد صلاة الأحد "نداء ملحاً لوقف فوري للعنف، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية، المواد الغذائية والأدوية، وإجلاء الجرحى والمرضى". خصوصاً في الغوطة الشرقية.

ووصف قصر الإليزيه القرار الدولي بأنه "خطوة أولى ضرورية"، محذراً "سنكون يقظين للغاية خلال الساعات والأيام المقبلة بشأن تطبيقه العملي".

ولم يبد سكان في الغوطة تفاؤلاً حيال صدور قرار الأمم المتحدة. وقال أبو مازن أحد سكان مدينة دوما "لا يمكننا الوثوق لا في روسيا ولا في النظام، اعتدنا غدرهم (...) لا أعتقد أن هذا القرار سيطبق".

وتابع "كثيراً ما سمعنا هذه الشروط في الماضي: دخول المساعدات ووقف عمليات القصف لأننا في منطقة خفض توتر لكن الطيران كان يشن غارات كل يوم وكان هناك قتلى كل يوم".

وأتاح تراجع وتيرة القصف على الغوطة الشرقية الأحد توزيع منظمات محلية، يتلقى بعضها دعماً سعودياً، آلاف وجبات الطعام على سكان مدن وبلدات عدة.

وفور صدور قرار مجلس الأمن، أكد "جيش الإسلام" في بيان تعهده "حماية القوافل الإنسانية التي ستدخل إلى الغوطة" الشرقية، مضيفاً "مع التأكيد على احتفاظنا بحق الرد الفوري لأي خرق" قد ترتكبه قوات النظامي.

وفي بيان منفصل، أكد فصيل "فيلق الرحمن" على "التزامنا الكامل والجاد بوقف إطلاق نار شامل وتسهيل إدخال كافة المساعدات الأممية إلى الغوطة الشرقية" لافتاً إلى "حقنا المشروع في الدفاع عن النفس ورد أي اعتداء".