بتنا نقرأ يومياً أبحاثاً ومقالات في مركز الدراسات والصحف الأمريكية عن وجود (جيش عربي شيعي) مسلح يخدم إيران ويعمل على تحقيق مصالحها الخاصة، (عميل) بمعنى آخر.

الاهتمام الأمريكي بهذا الجيش العميل بعد أن أصبح واقعاً يفرض نفسه ويعمل على سيطرته على ما تبقى من (الدولة) في كل من العراق ولبنان وسوريا واليمن بقوة السلاح الذي تزوده إيران به وتسخير شعوب تلك المنطقة للصالح الإيراني الذي بدأ يشكل خطراً على أمن المنطقة والأهم أمن إسرائيل.

فنموذج «حزب الله» اللبناني الذي اختطف كل لبنان ووضعه تحت سيطرته رغماً عنه بسبب تسليحه، يتكرر الآن في العراق واليمن وسوريا، ورغم كلفته على الخزينة الإيرانية إلا أن النظام الإيراني مصر على أن يعطي مشروعه التوسعي الأولوية على حساب رفاهية الشعب الإيراني.

وآخر تلك الدراسات الأمريكية نشرها معهد واشنطن للباحثة «غدار» والتي كتبت تحذر الإدارة الأمريكية وتنبهها من خطورة ترددها وتأخرها في العلاج «وبینما كانت واشنطن منشغلة في قتال تنظیم «الدولة الإسلامیة»، كان سلیماني یعزّز جیشاً من المیلیشیات الشیعیة في سوریا والعراق ولبنان، بالإضافة إلى الیمن. وتقاتل الیوم بعض وحدات «قوات الحشد الشعبي» في المعارك الإقلیمیة الإیرانیة إلى جانب «حزب الله» اللبناني و«الحوثیین» الیمنیین، وكل من «لواء فاطمیون» الأفغاني و«لواء زینبیون» الباكستاني الشیعیین، «حزب الله» جنباً إلى جنب الذي يقدم بشكلٍ خاصّ نموذجاً ناجحاً یمكن تكراره في أجزاءٍ مدفوعة بعوامل سیاسیة وأیدیولوجیة واقتصادیة، ومن خلال الانتخابات البرلمانیة لعام 2018 في كل من لبنان والعراق، ستحاول إیران أن تخترق بشكلٍ أكبر مؤسسات الدولة. وفي سوریا، ستواصل إیران دعم نظام بشار الأسد، مع إنشاء جسرٍ برّي من إیران إلى لبنان، مؤكدة بذلك وجودها وسلطتها في المنطقة.

وللحفاظ على هذا النفوذ، تسعى طهران عادة إلى وضع آلیات للمیلیشیات المرتبطة بها من أجل توسع هذه المیلیشیات وعلى الأخص، «حزب لله» داخل أنظمة الدولة والاندماج فیها. ویشكل الیوم جزءاً أساسیاً من الدولة اللبنانیة، وبالتالي یمكنها الوصول إلى المؤسسات التي تدیر القرارات والإستراتیجیات الأمنیة والعسكریة.

أو منطقتها الآمنة، نما الحزب إقلیمیاً تحت غطاء «فیلق القدس». والیوم، یقود «حزب لله» ومع بروز لبنان كغرفة عملیات للمیلیشیات الشیعیة في سوریا، بینما یحتلّ مكانة بارزة في تقدیم التدریب والدعم اللوجستي لمیلیشیات شیعیة أخرى «حزب الله» في سوریا في أي وقتٍ كان، «حزب الله» في العراق والیمن. ووفق التقدیرات المختلفة، یوجد حوالي سبعة آلاف مقاتلٍ یعملون بشكلٍ مباشر تحت قیادة سلیماني، للمساعدة في إنشاء ما یسمى بـ «الفیلق الأجنبي» الإیراني». انتهى الاقتباس.

لا ندري إن كان هذا الإدراك بما تسعى له إيران لتأمين طريق ترسمه يصلها للبحر الأبيض وآخر للبحر الأحمر، هو إدراك متأخر أم في وقته؟ بالنسبة لخطورته على المصالح الدولية والأمن الدولي، إلا أنه إدراك نعرف منذ ثلاثين عاماً ونحن نحذر منه العالم ولا حياة لمن تنادي.

أبحاث كهذا البحث وغيره عشرات الأبحاث بدأت تظهر للتو تعتبر مؤشراً على تغير في المزاج الغربي سمح بما كان يعتم عليه سابقا وتم تجاهله بتعمد، وهو يشبه المزاج الذي سبق ضرب العراق كما أكد على ذلك الكونولونيل المتقاعد لورنس ويلكرنسن الذي كتب مقالاً بعنوان «طريق مألوف للحرب» في صحيفة نيويورك تايمز شبه به حملة ترامب الأخيرة ضد إيران هي ذاتها التي قام بها جورج بوش قبل اجتياحه للعراق، ولكنه استبعد أن ينسى الأمريكيون الخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبه بوش وتكراره مرة أخرى في الحالة الإيرانية.

ورغم أن الباحثة «غراد» تطالب الولايات المتحدة الأمريكية بأن تتعامل مع هذه المليشيات في الدول العربية الأربع على أنها جيش إيراني يعمل تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني وبالتالي وضع إستراتيجة موحدة للتعامل معه غير مجزأة، وتطالب أمريكا بعدم تقديم أي مساعدات للحكومات الأربع الآن لأنها ستكون دعماً لإيران لا للحكومات، إلا أن السؤال يبقى هل هذا التغير في المزاج العام تجاه إيران سيتحرك في الوقت المناسب أم سيكون متأخراً ومتردداً؟!!