لم تكن مشاركتي في مؤتمر مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية التابع للجيش اللبناني الأسبوع الماضي، مشاركة عادية أتلقى فيها جملة من الأطروحات وأوراق العمل وأسهم من بينها بواحدة وحسب، بل كانت فرصة سانحة للتعرف بجرعة مركزة على قيمة الخليجي في الدول العربية، ولا أعني في حديثي هذا بيروت وحدها باعتبارها جهة مستضيفة -رغم أنها جاءت في صدارة من قدّم لي تلك الانطباعات التي سأسكبها في مقالي هذا لينهل منها القارئ الكريم- وإنما بقية الدول العربية الأخرى أيضاً مثل مصر والجزائر والمغرب والأردن وسوريا، من خلال بعض مواطنيها الذين التقيتهم في المؤتمر وتحدثت إليهم على هامشه، كما رصدت بإمعان ودقة تلك الانطباعات التي سجلوها عن الخليجيين من خلال الحفاوة وطريقة التعامل والعناية الخاصة، فضلاً عن تقديمهم ومنحهم الأولوية في بعض الأمور، التفاصيل التي عبروا عنها لفظياً حيناً وسلوكياً أحياناً كثيرة.

كنت المشاركة الخليجية الوحيدة برفقة 3 زملاء رجال خليجيين، غير أن ما أود التركيز عليه فعلياً أن الحفاوة التي حظينا بها نحن الخليجيون الأربعة المشاركون في المؤتمر من قبل الجهة المستضيفة كانت خير مثال على بيت الشعر الذي اقتبسه العميد الركن فادي أبي فراج في كلمته الأخيرة بالجلسة الختامية بالمؤتمر، ذلك البيت القائل: «يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل»، وهذا ما استشعرناه فعلياً في ضوء الحماية الخاصة التي حظينا بها من سيارات الجيش اللبناني المسلحة التي كانت ترافقنا في كل خطوة، والحفاوة التي حظينا بها في تقديمنا في الصفوف الأولى بالجلسات العامة، فضلاً عن تركز أضواء الكاميرات على النخبة الخليجية، وهو أمر لا يؤخذ بسطحية الحفاوة بالظهور بالصور التوثيقية للمشاركة، بقدر حرص الجهة المستضيفة على العناية بتوثيق حضور وتفاعل ونشاط نوعية معينة من المشاركين، وما ارتبط بهم من سمعة مستمدة من بلدانهم وزيهم الخليجي-الإسلامي.

* اختلاج النبض:

لطالما كانت أغلب النخب الخليجية حريصة على الدوام بتمثيل صور بلدانها الخليجية خير تمثيل، وتقديم مواقفها السياسية والتعبير عنها من الداخل بالوجه الذي ترضى عنه لينصفوها أمام العالم في تحدٍ ظاهر لإعلام مناوئ دأب في السنوات الأخيرة على تشويه صورة الخليج العربي، وإذا بالمجتمعات الخارجية تصحح ما لديها من صور مغلوطة من خلال تلك النخب التي حملت على عاتقها مسؤولية الدبلوماسية الشعبية النخبوية.