القاهرة – عصام بدوي

أزمة كبيرة تدور فصولها حالياً بين السلطات المصرية وهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بسبب فتاه مصرية تدعى "زبيدة".

بداية القصة قبل أيّام، عندما عرضت قناة "بي بي سي" تقريراً استضافت فيه سيدة مصرية، قالت إن ابنتها، وتدعى زبيدة، مختفية قسريا، وإنها تعرضت للاغتصاب والتعذيب على يد "عناصر أمنية مصرية"، مطالبةً السلطات بكشف مصير ابنتها وفي أي سجن تقبع.



وعقب بثّ الحلقة بدقائق، روجت وسائل إعلام موالية لقطر والإخوان القصة بشكل كثيف، متهمةً السلطات المصرية بـ"انتهاج سياسة الاختفاء القسري للتخلص من معارضيها"، وهو ما أدى لاشتعال مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، إلا أن الجهات الأمنية المصرية ردت بمفاجأة كبيرة.

مساء الإثنين، عرضت السلطات المصرية الفتاة للرأي العام، حيث ظهرت مع الإعلامي عمرو أديب عبر شاشة "أون تي في"، لتكشف زيف ادعاءات والدتها وكذب رواية الاختفاء القسري، نافيةً تماماً تعرضها للاغتصاب والتعذيب.

وقالت زبيدة، إنها على خلاف مع والدتها التي لا تعلم عنها شيئاً، وإنها متزوجة منذ عام من "إخواني"، يعمل مدرباً لكرة القدم وأنجبت منه طفلاً أسمته حمزة.

وأضافت، أنها تقيم مع زوجها في منطقة فيصل جنوب القاهرة، وليست لديها أي مشاكل مع الأمن، مؤكدةً أنها تعرضت في السابق للاعتقال لمدة 4 أشهر مع والدتها بسبب مشاركتهما في تظاهرة لصالح جماعة الإخوان في ميدان عبد المنعم رياض، وإنها خرجت من السجن لتتزوج بعيداً عن والدتها، التي كانت ترفض زيجتها.

السلطات المصرية لم تكتف بحديث الفتاة الذي كذب ادعاءات والدتها على شاشة "بي بي سي" بل ردت بشكل آخر أيضاً، حيث أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات التابعة للحكومة المصرية بياناً حاداً، فندت فيه تقرير المحطة البريطانية "وما جاء به من أخطاء ومزاعم بشأن الأوضاع في مصر، ولا سيما الاختفاء القسري للمواطنة زبيدة"، حسب البيان.

وأكدت الهيئة في بيانها، أن ظهور الفتاة "زبيدة" بالصورة التي بدت فيها وحديثها لبرنامج "كل يوم" مع عمرو أديب "في أجواء أسرية طبيعية"، ينفي تماماً صحة تقرير هيئة الإذاعة البريطانية، حول الاختفاء القسري للمواطنة وتعرضها للتعذيب.

وأصدرت الهيئة العامة للاستعلامات بياناً جديداً حول قضية "زبيدة"، طالبت خلاله شبكة تلفزيون "بي بي سي" بالاعتذار الفوري عن التزييف الذي ورد بتقرير مراسلتها، وقيامها ببث ونشر الاعتذار مع اللقاء التلفزيوني المترجم مع المواطنة زبيدة بنفس الطريقة والمرات والمدة التي بثت ونشرت بها تقريرها المعيب.

وقالت مصادر أمنية لـ "الوطن"، أن "الأمن المصري يعتزم مقاضاة والدة الفتاه، بعد أن تبين زيف ادعاءاتها وكذب مزاعمها".

وأعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري في كلمة مصر أمام اجتماعات الدورة السابعة والثلاثين، لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، عن أسفه للجوء بعض وسائل الإعلام للفبركة ونشر أخبار غير صحيحة عن مصر، مستنداً إلى مصادر غير معلومة.

وأشار إلى تقرير قناة "بي بي سي" عن اختفاء فتاة مصرية قسرياً، قائلاً "الفتاة ظهرت ونفت ادعاءات القناة من تعرضها للاختفاء والتعذيب".

وأضاف وزير الخارجية، "لا يجب أن نتجاهل ما تتعرض له مصر من هجمات إرهابية تستهدف المصريين، وأن القوات المسلحة تقوم حاليا بحملة عسكرية ناجحة لدحر الإرهاب في سيناء"، مؤكداً أن "مصر ستواصل تحركاتها لمكافحة وباء الإرهاب".

وقالت النيابة العامة في مصر إن النائب العام نبيل صادق أمر المحامين العامين ورؤساء النيابة بمتابعة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي واتخاذ إجراءات جنائية ضدها إذا قامت ببث "أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة".

وقال بيان النيابة العامة "أصدر النائب العام... قراراً بتكليف المحامين العامين ورؤساء النيابة العامة كل في دائرة اختصاصه بالاستمرار في متابعة تلك الوسائل والمواقع وضبط ما يبث منها ويصدر عنها عمداً من أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة".

وأضاف "على الجهات المسؤولة عن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وانطلاقا من التزامها المهني ودورها الوطني إخطار النيابة العامة بكل ما يمثل خروجاً عن مواثيق الإعلام والنشر".

وذكرت النيابة العامة أن الأمر الذي أصدره النائب العام يأتي "في ضوء ما تلاحظ مؤخراً من محاولة قوى الشر النيل من أمن وسلامة الوطن ببث ونشر الأكاذيب والأخبار غير الحقيقية من خلال وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي".