عمان – غدير محمود

أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تقريراً لاستعراض وتقييم مدى التزام الدول الأعضاء للاستنتاجات المتفق عليها في الدورة الـ 47 للجنة وضع المرأة حول "مشاركة المرأة في وسائط الإعلام وتكنولوجيات المعلومات والاتصالات وتمكينها من الوصول إليها، وتأثير هذه الوسائط والتكنولوجيات واستخدامها كأداة للنهوض بالمرأة وتمكينها"، وسيتم عرضه على لجنة وضع المرأة في دورتها الـ 62 خلال شهر مارس الجاري.

وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" إلى أن الأردن كان من بين 34 دولة قدمت مداخلات حول هذا التقرير، حيث كانت الدولة العربية الوحيدة التي تقدمت بذلك على أساس طوعي وبناء على ذلك تضمن التقرير عروض عن الدروس المستفادة والتحديات وأفضل الممارسات.



ومنذ عام 2003 - وهو تاريخ اعتماد الاستنتاجات التي يتناولها التقرير - حدثت تغييرات هامة على موضوع المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في سياق الثورة الرقمية ووسائط الإعلام الرقمية، فتكنولوجيا المعلومات والاتصالات اخترقت مختلف مناحي الحياة وأحدثت تحولات في مختلف القطاعات خاصة التفاعل والتعلم وإمكانية الحصول على الخدمات والتمتع بحقوق الإنسان، وأفرزت طرقاً وأساليب جديدة للمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية، وفي التعبئة والتغيير، مما جعل منها ذات أهمية متزايدة وخلقت طلباً جديداً على تنمية المهارات.

كما أدى ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها الى إتاحة الفرصة للصحافيات لتحقيق حضورهن على شبكة الإنترنت دون القيود التي تفرضها هرمية غرف الأخبار، وأتاحت لهن وللمواطنين والمواطنات والنشطاء والناشطات الوصول إلى وسائل الاتصال الجماهيري بطرق لم تكن متصورة من قبل. كما ويمكن لفرداى النساء إيصال أصواتهن وتبادل الآراء وتكوين جمهور خاص بهن في ظل وصول أعدادهن لأكثر من نصف مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، ومع ذلك فإن معدل استخدام الإنترنت من قبل النساء على المستوى العالمي أقل بنسبة 12% من معدله للرجال خلال عام 2016.

وتضيف "تضامن" أنه يجب تمثيل النساء على قدم المساواة مع الرجال في القوة العاملة وفي الشركات والوظائف القيادية في القطاعات المتصلة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات حتى يتمكن من الاستفادة من الثورة الرقمية. ويؤكد التقرير أن التقدم المحرز في عمل النساء واضطلاعهن بأدوار قيادية في قطاعي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإعلام اتسم بالبطء أو أصابه الركود منذ عام 2003.

جهود الأردن في تنفيذ الاستنتاجات

اتخذ الأردن خطوات لضمان انطباق مبدأي عدم التمييز وتكافؤ الفرص في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وحسن من هياكل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المدارس إجمالاً بما في ذلك لتعزيز التعلم في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

ومن الممارسات الجيدة التي قام بها الأردن تنفيذ برنامج سعى إلى زيادة توظيف النساء في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بطرق متعددة مثل التواصل مع المدارس، وتنظيم تدريب مهني تقني للشابات، وزيادة إبراز صورة النساء في مجال التكنولوجيا وفي مخططات الوظائف التكنولوجية مع القطاع الخاص.

كما تم تقديم الدعم للمشاريع التي ترأسها نساء وللنساء المبتكرات من خلال المنح وبرامج حاضنات الأعمال، وتدريب النساء على المهارات القيادية والكفاءات الحاسمة، كما أبلغ الأردن عن مشروع يغطي المنطقة ويهدف إلى معالجة انعدام التوازن بين الجنسين في وسائط الإعلام في المناصب الإدارية المتوسطة والعليا، وتحقيقاً لهذه الغاية، أفسحت فرص أمام النساء لاكتساب مهارات وتطوير استراتيجيات وإقامة شبكات تساعدهن على أن يصبحن قادة في المستقبل. وأشار التقرير إلى أن الأردن قدم مرتبات مدعومة من الحكومة للشابات العاملات في الوظائف التكنولوجية من العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الأردن نساء وبعدد 4702 امرأة.

وتشدد تضامن على أن الوضع الحالي لا زال يشير إلى هيمنة ذكورية واضحة على قطاع التكنولوجيا والاتصالات، سينتج عنه برمجيات وأدوات لا تراعى فيها الاحتياجات الخاصة بالنساء، وستكون مشاركتهن في صناعة المستقبل وفي المساهمة الفعلية في التنمية المستدامة وتحسين أوضاعهن من خلال أكثر القطاعات نمواً، كأنه درب من الخيال ما لم يتم اتخاذ التدابير والخطوات اللازمة لإدماجهن في مختلف المراحل التي تمر بها ابتداء من الابتكار وانتهاء بالاستخدام.

وفي الأردن أشار آخر مسح أجرته جمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات "إنتاج" إلى أن النساء يشكلن 28 % "4702 موظفة" من العاملين في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات البالغ عددهم 16793 موظفاً وموظفة، في حين كانت نسبة العاملات في قطاع التكنولوجيا مقارنه بالعاملين من الرجال "15 %، 85 % على التوالي"، عام 2011 حسب مسح استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات داخل المنازل لعام 2011 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة.

وارتفعت نسبة مستخدمي الحاسوب من النساء عام 2015 وفق مسح استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات داخل المنازل لعام 2015 لتصل إلى "45.1 %" من مجموع المستخدمين.

أما الفئات الأكثر استخداماً للحاسوب من النساء فتركزت بالفئات العمرية الصغيرة، وكانت أعلى نسبة استخدام بين النساء في الفئة العمرية "15-19" عاماً بنسبة "68.6 %"، وأقلها استخداماً الفئة العمرية ما فوق "65" عاماً بنسبة وصلت إلى "1.8%". ومن حيث التعليم فشكلت الحاصلات على بكالوريوس فأعلى النسبة الأكثر استخداماً للحاسوب من بين النساء 63 %.

وشكل الأفراد ومن بينهم النساء المستخدمات للحاسوب لأغراض شخصية النسبة الأعلى "86.9%"، و"52%" يستخدمونه لأغراض التعليم والتدريب، في حين كان الاستخدام لأغراض العمل الأقل.

إن نسبة الإناث المستخدمات للإنترنت ممن تزيد أعمارهن عن "5" سنوات شكلت 48% في مقابل الذكور "51.6%". وتشكل الفئة العمرية "20-24" عاماً لكل من الذكور والإناث الفئة الأكثر استخداماً للإنترنت "81.9% للذكور، 78.1% للإناث". وتتركز أماكن استخدام الإناث للإنترنت في المنزل والعمل والمدارس والجامعات، في حين تقل نسبة استخدامهن في المقاهي تصل إلى 2.5%.

وتضيف تضامن أنها أدركت مبكراً أهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للنساء والفتيات، وعملت ضمن برنامجها "شراكة المعلومات والاتصال بين النساء"، على تنفيذ عشرات الدورات التدريبية المبتدئة والمتقدمة حول مهارات استخدام الحاسوب استفادت منها مئات النساء والقياديات والناشطات، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني ومحطات المعرفة في مختلف محافظات المملكة، كما نفذت عدد من هذه الدورات للنساء داخل مراكز الإصلاح والتأهيل بهدف تمكين السجينات وإعادة تأهيلهن وإدماجهن في المجتمع.

ونظراً لأهمية استخدام الإنترنت في نشر المعرفة والتمكين، فقد كانت "تضامن" أول من بادرت إلى إنشاء موقع إلكتروني باللغة العربية على شبكة الإنترنت باسم "أمان – المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة"، والذي نافس حينها مواقع عالمية كموقع منظمة "العفو" الدولية وموقع "هيومن رايتس ووتش" من حيث المحتوى العربي وعدد الزوار وحصل على العديد من الجوائز العربية والدولية.

وإذا كان مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يوفر للفتيات فرص عمل ممتازة وأجور جيدة، فإن تمكينهن من الاستخدام الأمثل لهذه التكنولوجيا سيزيد من فرص حصولهن على عمل ومن تمكينهن اقتصاديا، ويزيد من مهاراتهن ومعارفهن. وقد دأبت "تضامن" ومنذ عام 2009 على عقد "مؤتمر الشباب والتكنولوجيا" بشكل سنوي بمشاركة شبان وشابات من جميع المناطق في الأردن ومن بعض الدول العربية والأجنبية، بهدف تمكين النساء اقتصادياً وسياسياً واجتماعيا وثقافياً، والتوعية بحقوقهن والدفاع عنها باستخدام مختلف وسائل التكنولوجيا الحديثة.