أكد الدكتور وحيد القاسم أن مواجهة التحديات الاقتصادية التي تمر بها البحرين يستدعي اقتراح حلول غير تقليدية توفر تنمية اقتصادية مستدامة، لافتا إلى أن "تهاوي أسعار النفط مع تلاشي الأمل بإمكانية ارتفاعها إلى مستوياتها السابقة على المدى المنظور، إضافة إلى التحديات الجيوسياسية المتزايدة في الإقليم، لا يجب أن يدفعنا إلى الإحباط، أو الاكتفاء بالترقب والقول إن الأمور على ما يرام، وإنما يجب أن نعمل جميعا على بناء مشاريع اقتصادية واجتماعية مستحدثة تضمن تنمية مستدامة لتوفير الاحتياجات المعيشية للجميع على المدى الطويل رغم كل هذه التحديات".

وقال الدكتور القاسم "لا بد في هذا السياق من التنويه بوجود جملة من المشاريع الاقتصادية الكبرى التي تمضي الحكومة بتنفيذها قدما رغم تحديات توفر السيولة، ومن تلك المشاريع مشروع مرفأ البحرين للغاز المسال، ومشروع توسعة مطار البحرين، ومشاريع البنية التحتية، جنبا إلى جنب مع مشاريع طموحة أخرى مثل إطلاق البورصة لسوق البحرين الموازي، ومحفظة "صندوق الصناديق" لمجلس التنمية الاقتصادية، ومسرعات الأعمال، واستقطاب أمازون، وغيرها".



وأشار إلى أن البحرين قامت بجهود فريدة ومميزة في مجال دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال والمبتكرين إدراكا من أن هذا هو مستقبل الاقتصاد المستدام، ولكنه لفت إلى أنه "رغم هذه الجهود الكبيرة التي تقوم بها حكومة البحرين إلا إننا نرى فشل العديد من هذه المشاريع، بسبب الثقافة السلبية لدى من يرى أن مثل هذه الخطوات لدفع عجلة الاقتصاد هي من واجب الحكومة فقط، وأن الحكومة مسؤولة عن دعم المواطنين والمقيمين، وليس هناك أي واجب منا تجاه دولتنا"، مؤكدا في هذا الصدد على أهمية "أن يكون العطاء متبادلا، فمثل ما نأخذ من الدولة يجب أن نعطي بالمقابل ونساهم مع قياداتنا في رؤيتهم لبناء الدولة لضمان تنمية مستدامة".

وقال الدكتور القاسم "من هنا تأتي فكرتي في مبادرة مستحدثة تتبلور في إدماج العديد من المبادرات الحالية مثل المسئوليات الاجتماعية والتدريب العملي ومساعدة ذوي الدخل المحدود من مبدأ التكافل الشامل".

وأوضح أن فكرة المبادرة تنص على أنه "عند التفكير في إنشاء شركات خاصة من قبل الحكومة نفسها أو من قبل أفراد أو بنوك وغيرها فإنه من الممكن أن يتم تحديد بعض الأسهم لبعض الشرائح من مبدأ المسؤولية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي والمساهمة في استراتيجيات وخطط الدولة".

وأضاف "لنأخذ هذا المثال للتوضيح وليس للتحديد: مجموعة من الأفراد أو الشركات أو البنوك قرروا إنشاء شركة جديدة، فإنه من الممكن أن يتم دعوة أحد الشركات الصغيرة أو المتوسطة التي تعمل في نفس مجال الشركة المراد تأسيسها للانضمام إليهم لتبادل الخبرات وكتدريب عملي من خلال التواجد مع مؤسسي الشركة من ذوي الخبرة الطويلة والمميزة ومعاصرة كيفية أخذ القرارات الاستراتيجية في الظروف الطبيعية والظروف الصعبة".

واعتبر أن هذا في حد ذاته تدريب لا يمكن لأي منشأة تدريبية أو تعليمة أن تزودهم به، وبهذا فإن الشركة ساهمت مع جهود الحكومة والتي يحرص سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد على إنجاح ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتقليل نسبة فشل هذه المؤسسات".

وتابع في السياق ذاته "من جهة أخرى يستطيع المؤسسين تحديد بعض الأسهم لصغار الموظفين لديهم لرفع مستوى معيشتهم وضمان عيشة كريمة وكذلك ضمان ولائهم، وهذا بالتأكيد سيساهم في العديد من الاستراتيجيات الوطنية المختصة في تعديل مستوى معيشة المواطنين وغيرها".

وقال الدكتور القاسم "اتباعاً لنظرة جلالة الملك الثاقبة في تخصيص نسبة من أرباح مجمع السيف وسترة لذوي الدخل المحدود، فإن الشركة أيضاً تستطيع عمل ذلك وتخصيص نسبه من أسهمها أو أرباحها لهذ الفئة، وبهذا يتم تعزيز خطط القيادة لما فيه مصلحة المملكة وضمان دورة اقتصادية مثمرة ومستدامة".

واعتبر أنه يمكن توزيع أسهم الشركة الكبيرة بنسبة 95% للمؤسسين، و3% للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المنضوية تحت مظلة الشركة، و1% لصغار موظفي الشركة، و1% لذوي الدخل المحدود.

ولفت إلى أن استلهام توجه جلالة الملك نحو تخصيص ذوي الدخل المحدود بأسهم في مجمعي السيف وسترة، وكذلك توجه الحكومة لدعم القطاع الخاص من خلال صندوق العمل تمكين وغيرها، يؤدي في نهاية المطاف إلى توسعة الطبقة الوسطى، والحد من تفاقم الوضع غير الصحي الناجم عن زيادة تكدس الثروة في أيدي عدد قليل من أفراد المجتمع، مقابل زيادة عدد محدودي الدخل.

وأكد الدكتور القاسم أهمية مواءمة جميع خطط تطوير جميع المؤسسات، الاقتصادية والعلمية والاجتماعية وغيرها في إطار التوجهات العامة للدولة، "حيث يجب أن نكون جمعيا جزءا من رؤية البحرين واستراتيجيتها وخططها العامة".



واختتم الدكتور القاسم حديثه بالقول إن دعم أصحاب الشركات الكبرى والشركات العائلية لرواد الأعمال والشركات الناشئة لا يندرج ضمن مسؤوليتهم الاجتماعية ورد الجميل للمجتمع الذي تنمو فيه أعمالهم فقط، وإنما يسهم في تعزيز الأمن الاقتصادي والاجتماعي، وبناء مستقبل يضمن ازدهارا أكبر لأعمالهم، مع الإشارة إلى أهمية العوائد التي تحصل عليها الشرائح الأكثر ضعفا في المجتمع نتيجة ازدهار أعمال الشركات، بما يعزز من التضامن الاجتماعي في مملكة البحرين.