أحمد التميمي

لم تعد القارة العجوز الوجه الوحيدة المفضلة لنجوم كرة القدم في العالم، فحينما تحولت كرة القدم إلى صناعة ورافد اقتصادي مهم للدول، دخلت عدة دول كوجهة مهمة للاعبين، كان آخرها الصين، تلك البلاد التي تصدر كل شيء للعالم. ففي إطار خطة استراتيجية من رئيس الجمهورية الصينية للنهوض بكرة القدم في البلاد، فمن غير المعقول أن تكون الدولة ذات المليار نسمة، لا تعد من كبار آسيا في كرة القدم على الأقل! يطمح شي جين بينغ رئيس الصين، من خلال الاستثمارات إلى مساعدة البلاد في تحقيق "حلم القوة الرياضية العظيمة". وجاءت الخطة التي وضعها الحزب الشيوعي الحاكم بناء على تشخيص من لجنة مكلفة بالإشراف على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية حالة كرة القدم الصينية، وصفت الأداء المحلي بالمتدني وطالبت باتخاذ تدابير لعلاج المسألة. والهدف منها إنهاء حالة "التخلف الكروي" في الصين، ووردت في الخطة ضرورة زيادة عدد الأندية الرياضية عشرة أضعاف لتصل إلى خمسين ألفاً بحلول 2025، وقضت بوجوب إدخال كرة القدم إلى مناهج المدارس التعليمية إلزامياً.

منذ بدء الصين بتنفيذ تلك الخطة، رأينا العديد من نجوم كرة القدم يتخلون قمصان فرقهم في أوروبا ويتجهون إلى أقصى شرق القارة الصفراء، من أبرز هؤلاء اللاعبين كان أوسكار نجم خط وسط تشيلسي سابقاً، ففي حين كان يلعب لأحد أبرز فرق البريميرليغ، ويضمن مكانه أساسياً في المنتخب البرازيلي، قرر اللاعب الانتقال إلى نادي شنغهاي سبيغ مقابل 74 مليون دولار، وهي أغلى صفقة بيع يقوم بها تشيلسي! لم يكن أوسكار الوحيد، كارلوس تيفيز نجم هجوم المنتخب الأرجنتيني قد انتقل إلى نادي شنغهاي بمقابل أجر أسبوعي يصل إلى 660 ألف جنيه أسترليني، مما جعله أعلى اللاعبين أجراً في العالم. تتعدد الأسماء التي انتقلت للدوري الصيني، من أمثال ماسكيرانو وهالك كسون مارتينيز والأرجنتيني ايزيكييل لافيتزي.



القرار صعب بالنسبة لأي لاعب، فأن يوضع المستقبل المهني في كفة والمدخول المادي في كفة أخرى، يجعل أي لاعب في حيرة كبيرة من أمره، خصوصاً أولئك الذين قدموا من أمريكا الجنوبية وأفريقيا. هناك عدة أسباب تجعل هؤلاء اللاعبين يفضلون الصين على أوروبا، لكن السبب الأول و الأبرز هو المال. فأغلب اللاعبين الذين قدموا من تلك القارتين قد عانوا من فقرٍ مدقع، لدرجة أن كثير منهم لم يملك المال ليشتري حذاءٌ يمارس به كرة القدم، فينتهي به المطاف ليتلقى أجراً خيالياً تعجز عن دفعه الدوريات الأوروبية. كما أن عمر اللاعب قصير جداً، فأغلبهم يعتزل في الثلاثينيات من العمر، مما يجعل خيار جمع أكبر قدر ممكن من الأموال في الصين في تلك الفترة الزمنية القصيرة هو الخيار المرجح له. السبب الثالث، هو عدم امتلاك بعض هؤلاء اللاعبين الكفاءة التي ترجحه ليواصل مشواره بعد الاعتزال كمدرب، أو إداري في أحد الأندية، أو في أي وظيفة متعلقة بكرة القدم، فبالتالي تصبح الصين صاحبة الكفة الأثقل في ميزان هؤلاء اللاعبين.