لا يحتاج الإنسان إلى مناسبة للحديث عن مناقب ومآثر وصفات سيدي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله تعالى ورعاه. ومع ذلك فالمناسبات عديدة ومتنوعة.

لا شك أن هناك قادة عظماء يصنعون التاريخ وقائد الوطن حفظه الله ورعاه من أبرز الذين صنعوا تاريخ مملكة البحرين باستحقاق وامتياز.

لقد ارتبط اسم البحرين الحديثة باسم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أوثق ارتباط، لأنه هو من وضع أسس المشروع الوطني الإصلاحي الذي جعل مملكة البحرين عنواناً للحداثة والعصرية ومنارة للوعي والحضارة، ومعلماً بارزاً للديموقراطية بمعناها الأوسع والأشمل.



لقد كان دور جلالته – حفظه الله - بارزاً منذ أن تولى ولاية العهد عام 1964م، وما لبث أن تبلور هذا الدور حضوراً فاعلاً ومؤثراً ومتنامياً إلى أن تهيأت له قيادة السفينة البحرينية المحروسة بعين الباري عز وجل عام 1999م إثر توليه مقاليد الحكم خلفاً لوالده الراحل الكبير صاحب السمو الأمير الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله.

هذا التشابك والترابط الوثيق بين اسم البحرين واسم حمد بن عيسى الذي يرتكز إلى مسيرة ممتدة، وجذور عميقة في التاريخ القديم والحديث، منذ تأسيس الدولة الحديثة في البلاد، في عهد القائد المؤسس أحمد الفاتح رحمه الله عام 1783.

لا أقول هذا لكي استعيد التاريخ المعروف، بل لأشير إلى مسيرة متكاملة متنامية، ومرحلة جديدة انبثقت عنها منذ جلوس جلالة الملك المفدى على العرش بعد أن انتقلت البحرين من مرحلة "الإمارة" إلى مرحلة "المملكة" بإرادة ملكية سامية، هي استجابة طبيعية من جلالته حفظه الله ورعاه إلى تطلعات شعبه ورغبات مواطنيه، وفقاً لميثاق العمل الوطني ونتائج الاستفتاء الشعبي والدستور الجديد.

إن جهود عاهلنا المفدى في خدمة الوطن العزيز والشعب الكريم هي في وضوح شمس الضحى، ويدركها القاصي والداني بالتقدير والاعتزاز. ويمكن الإشارة إلى النقاط التالية في هذا الخصوص:

1- تحديث الدولة ومؤسساتها المختلفة.

2- تعزيز نهج الشورى والديموقراطية.

3- تأكيد احترام حقوق الإنسان.

4- التركيز على تأهيل الإنسان البحريني المعاصر لكي يساهم في خدمة وطنه بوعي وكفاءة واقتدار.

5- تطوير الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره.

6- النهوض بالتربية والتعليم العام والتعليم الجامعي وتنمية الثقافة.

7- تشجيع الصناعة الوطنية، وتنمية التبادل التجاري والاستثمار بين البحرين ودول مجلس التعاون والدول العربية والدول الصديقة.

8- تعزيز دور السياحة والاقتصاد الوطني، وزيادة التبادل السياحي مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي والدول العربية ودول العالم.

وقد جاءت كل هذه النقاط التي أجملناها أعلاه، مفصلة واضحة المعالم في صياغة ميثاق العمل الوطني، ثم في الدستور البحريني الذي انبثق عنه.

ان هذا المشروع الإصلاحي المتكامل، يشكل الركيزة الأساسية لمملكة البحرين كدولة حديثة عصرية متطورة، ذات نظام ملكي دستوري نيابي يكفل الحريات العامة والعمل السياسي المنظم ويرتكز إلى نهج مشترك من الشورى والديمقراطية.

وقد كان له من قوة دفاع البحرين، ووزارة الداخلية، عيون ساهره تحميه وتحفظ له أسباب الأمن والاستقرار لتكون التنمية مستدامة والحياة سهلة والخدمات ميسرة والدولة قادرة على أداء دورها في محيطها الخليجي والعربي والإقليمي والدولي.

وهذا ما تنبه إليه العاهل المفدى، أعزه الله، في وقت مبكر حين كلفه والده الراحل الكبير رحمه الله، بتأسيس قوة دفاع البحرين عام 1968م، وما بعد ذلك وما قام به جلالته من جهود كبيرة أثمرت بناء هذا الصرح الشامخ وجعلت للبحرين درعها الحصين وقوتها العسكرية الراسخة التي تحمي العرين.

إن شخصية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة القيادية ورؤيته الثاقبة وسماته وصفاته المتمثلة بالحكمة والتسامح والعفو والحزم والعزم والإرادة الصلبة، كل هذا أعطى للبحرين تعزيزاً لوحدتها الوطنية وقوة لنسيجها الاجتماعي، وجعل لها دورها الفاعل في تعزيز التعاون الخليجي، وتنمية التضامن العربي، والمساهمة في الأمن والسلم الدولي.

ولعلنا لا نبتعد كثيراً عن موضوع المشروع الإصلاحي الذي يتبناه سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى وتنفذه الحكومة الرشيدة، برئاسة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حفظهم الله ورعاهم. هذا المشروع الذي كان ركيزة الدولة البحرينية الحديثة المعاصرة، كما أشرت أعلاه، وهو ما يعني ربط الماضي بالحاضر لصياغة المستقبل الأمثل للوطن العزيز، وفق أكثر الأسس حداثة وعصرية وانفتاحاً على علوم العصر ومستجداته ومتطلباته، مثل تمكين المرأة البحرينية، وتنشيط دور الشباب، وتفعيل القوانين الناظمة للحريات العامة وحقوق الإنسان، وصولاً إلى النموذج الأفضل للدولة والإنسان والمجتمع.

وهذه هي البحرين دولة القانون والمؤسسات بقيادة العاهل المفدى حفظه الله ورعاه تواجه كل التحديات بقوة واقتدار وتتخطاها بيسر وسهولة بفضل القيادة الحكيمة والرؤية الواضحة والتفاف هذا الشعب الوفي حول قيادته وإيمانه الراسخ بأن الراية ستظل عالية تعانق السماء فخراً وزهواً واعتزازاً.

سفير مملكة البحرين في الرياض*