قال المحامي العام المستشار أسامة العوفي، إن المحكمة الكبرى الجنائية استكملت نظر القضية المتهم فيها علي سلمان علي أحمد، وحسن علي جمعة سلطان، وعلي مهدي علي الأسود، والذين أحالتهم النيابة العامة إلى المحاكمة لارتكابهم جرائم التخابر مع دولة أجنبية لارتكاب أعمال عدائية ضد مملكة البحرين، وقررت التأجيل لجلسة 22 مارس الجاري لتمكين الدفاع من تقديم أدلة النفي.

وكنا الغرض من تلك الجرائم الإضرار بمركز البحرين السياسي والاقتصادي وبمصالحها القومية بغية إسقاط نظام الحكم في البلاد، وتسليم وإفشاء سرٍ من أسرار الدفاع إلى دولة أجنبية، وقبول مبالغ مالية من دولة أجنبية مقابل إمدادها بأسرار عسكرية ومعلومات تتعلق بالأوضاع الداخلية بالبلاد، وإذاعة أخبار وشائعات كاذبة ومغرضة في الخارج من شأنها إضعاف الثقة المالية بالمملكة والنيل من هيبتها واعتبارها، وقررت المحكمة التأجيل لجلسة 22 مارس الجاري لتمكين الدفاع من تقديم أدلة النفي.

وكشفت النيابة العامة عن تلاقي الخونة في استغلال قناة الجزيرة الإعلامية وذيولها أنها لم تكن بوق دعاية وتحريض لأعمال الفتنة والتخريب وتمجيد مرتكبيها فحسب، بل كانت أيضاً الموجه الأساس لهم فتذيع المعلومات عن الدعوة للحشد وأماكن التجمهر والشغب ومواعيد التحرك في مناطق التخريب والحرق وأماكن تحرك قوات الأمن المستهدفة وإطلاق الشائعات المغرضة، ولم يكن لها أن تقوم بذلك إلا من خلال ما قدمه لها أمثال هؤلاء الخونة، وإن كان مخططهما هذا قد نجح في خراب بعض أوطان الجوار وسقوطها نتيجة الخيانة فإن الله قد أفشل مخططهم في هذا الوطن الطيب بفضل منه ورحمه، وبما ألهم به من فطنة وحكمة لقيادته.



وانعقدت المحاكمة في جلسة علنية وفقاً لما يقضي به القانون، وحضر المتهم الأول ومعه محاموه ولم يحضر المتهمان الثاني والثالث، واستمعت المحكمة إلى مرافعة النيابة العامة والتي أشارت فيها إلى أن ما وقع من المتهمين على نحو ما هو ثابت بأوراق القضية قد جاوزوا به مدى شائناً من الإجرام، وانحدروا به إلى جرف هار فأدركوا بجرائمهم النيل من بالغ القيم، وأجل المبادئ، وأقدس الملاحم، ألا وهو الوطن، وأي فعل بئيس أضل من بيع الوطن لشراء الزعامة الزائفة، وكذلك دأب الخائنين إذا دعاهم وطنهم وقادته ورموزه لإكرام أو تقدير نبذوه، وإذا دعتهم قوى الشر لبوا واستجابوا وأخذوا من الأمر ظاهره، فأوهموهم أنهم صاروا من الحكام فاستقبلوهم استقبالهم وأجلسوهم مجلسهم وزينوا لهم الخيانة، وهم يسخرون منهم في داخلهم ولا يعتبرونهم إلا خدماً وأدوات لتنفيذ خططهم الهدامة، حتى إذا ما انتهى دروهم نبذوهم وتركوهم موطأ الأقدام، وذلك مصير الخائنين أن يتيهوا بلا طريق ويلقون بين فضلات التاريخ.

كما استعرضت النيابة العامة في مرافعتها الأدلة القائمة ضد المتهمين والتي تتمثل في شهادة الشهود والمحادثات المسجلة التي دارت بين المتهمين والمسؤولين الرسميين بدولة قطر ومكاتبات الجهات الأمنية التي أكدت أن المعلومات التي أقر المتهمون بها للجانب القطري من أسرار الدفاع وجوانب من تسجيلات المتهمين لدى قناة الجزيرة التي كانت مصدر دعايتهم، مؤكدة على أنها أدلة قاطعة، ذات أثر تدليلي واضح وجلي تساندت جميعها لتدين المتهمين عما أسند إليهم؛ وطلبت النيابة العامة في نهاية مرافعتها القضاء بإدانة المتهمين وأن تُنزل بهم المحكمة أقصى العقوبة. وتمسكت النيابة العامة بحقها في التعقيب على مرافعة الدفاع.

وفندت النيابة العامة مزاعم المتهم الأول في حجته بأن فعله لم يخرج عن إطار العمل السياسي الخارجي بأنها حجة داحضة وأوضحت الفارق الجلي بين العمل السياسي الوطني المباح وبين أعمال التجسس والخيانة التي ارتكب فيها المتهم ورفاقه على وجوههم ويستحقون عنها العقاب.

وقال خلال تقديمه مرافعة النيابة العامة، إن ما وقع من المتهمين على نحو ما هو ثابت بأوراق القضية قد جاوزوا به مدىً شائنا من الإجرام، وانحدروا به إلى جرف هار فداركوا بجرائمهم النيل من بالغ القيم، وأجل المبادئ، وأقدس الملاحم، ألا وهو الوطن.

ونفت النيابة العامة حجج المتهم بأنه ما صدر منه نتاج عمله السياسي الخارجي، متسائلة هل العمل السياسي بيع أسرار الدفاع و الكيد على اسقاط النظام ، وهل من مفاوضات العمل السياسي الضغط على القوات المعهود لها بفرض النظام والأمن ومواجهة أعمال الحرق التخريب والاغتيال.

الاتصالات بين سلمان وقطر

واستعرض العوفي الأدلة التي قدمتها النيابة العامة، وما كشفته التحقيقات من وجود اتصالات فيما بين المتهم الأول وقيادات دولة قطر تؤكد هذا التوجه نحو استمرار أحداث 2011 وما صاحبها من فوضى واضطراب والعمل على تصعيدها ، والحيلولة دون السيطرة عليها بشتى الطرق.

ورصد مكالمة هاتفية، فيما بين المتهم الأول علي سلمان وأحد القيادات البارزة في دولة قطر هو حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري آنذاك، التي بينت التنسيق فيما بين طرفيها على استغلال الأحداث الجارية في المملكة في ذلك الوقت، واتفاقهما على إجهاض أية مساعٍ من شأنها السيطرة على مظاهر الاضطرابات والقلاقل والفوضى التي سادت البلاد ، وكانت أهم تلك المساعي المطروحة وقتئذٍ هي استعانة المملكة بقوات درع الجزيرة.

واتفق الطرفان على أن تستخدم دولة قطر أداتها وقرارها السياسي في الحيلولة دون دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين، والتلويح لمتخذي القرار بأن من شأن الاستعانة بتلك القوات تصعيد الأمور واستفحال المشكلة إلى حد المواجهة المباشرة، وذلك من أجل إثنائها عن السماح بدخولها المملكة لاحتواء الأزمة.

كما اتفق المتهم الثاني حسن سلطان وحمد العطية المستشار الخاص لأمير دولة قطر السابق، على استغلال قناة الجزيرة في نقل مشهد الأحداث إعلامياً على النحو الذي يحقق أغراضهم تجاه المملكة ونظامها.

معلومات سرية

وأشرف المتهم الأول علي سلمان، على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وما تلقاه من تكليفات من الجانب القطري، إذ سرعان ما وجه معاونيه ومن بينهم المتهمان الثاني والثالث إلى إجراء مداخلات إعلامية على قناة الجزيرة وأخرى مدعومة من دولة قطر تحرض ضد النظام الدستوري في المملكة، وتحث على استمرار أحداث الاضطرابات وتدعو إلى تصعيدها إلى أن تتحقق طموحاتهم إزائه وأغراض دولة قطر تجاهه وتجاه المملكة. كما وافى بنفسه ومن خلال المتهمين الآخرين مسؤولي دولة قطر بما بلغه من معلومات سرية ذات طبيعة عسكرية وأمنية تتعلق بقوة دفاع البحرين والحرس الوطني والشرطة.

ولعبت ذات القناة دور الموجه الأساسي لهم في إذاعة المعلومات عن الدعوة للحشد واختيار أماكن التجمهر والشغب والحرق والتفجير، ومواعيد التحرك للتنفيذ وأماكن تمركز قوات الأمن المستهدفة ، وإطلاق الشائعات المغرضة. وكان مخططها هذا قد نجح في خراب بعض أوطان في الجوار وسقوطها نتيجة مثل هذه الخيانة، فإن الله بفضل منه سبحانه قد أفشل مخططهم في هذا البلد الطيب برحمته وبما ألهم به من فطنة وحكمة لقيادته.

دور قناة الجزيرة القطرية

وتطرق العوفي إلى شهادة مجري التحريات التي جاءت مؤكده إلى علاقة وثيقة بين المتهمين والمسؤولين في دولة قطر بدأت في تاريخ سابق على أحداث عام 2011 ، حيث دأب المتهمون على التردد على دولة قطر خلال الفترة من عام 2010 وحتى 2012 والالتقاء بمسئوليها لتلقي دعم الحكومة القطرية، وأن تلك اللقاءات كانت للتخطيط مع المسئولين القطريين للقيام بأعمال عدائية ضد المملكة بقصد الإضرار بمصالحها القومية، والتنسيق معهم لاستخدام قناة الجزيرة القطرية في الدعاية لمناهضة نظام الحكم.

ورصد مقابلات للمتهم الأول علي سلمان مع المسؤول القطري الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني والذي كان يشغل منصب رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بدولة قطر ورئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الفضائية، وقد أسفرت هذه اللقاءات عن تولي المسؤول القطري تسهيل ظهور الأشخاص الذين يحددهم المتهم الأول من الموالين له في قناة الجزيرة للإساءة إلى نظام الحكم في البحرين ومحاولة تأجيج الشارع البحريني ، والعمل على تغطية أحداث 2011 إعلامياً بتعمد إظهار تعرض المعارضة للاضطهاد والقمع، مع تجاهل الأعمال الإرهابية التي قامت بها المعارضة خلال تلك الأحداث ، مثل احتلال مستشفى السلمانية ، وقطع الطرق ، والاعتداء على قوات الأمن وقتلهم ، وقد استمرت القناة على إتباع ذات النهج إلى حد إنتاج أفلام وثائقية مغلوطة عن الأوضاع الداخلية بمملكة البحرين.

قطر تستهدف نظام الحكم

ويضيف الشاهد أيضاً، بأنه تم رصد محادثة هاتفية أخرى ترددت بوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي دارت فيما بين المتهم الثاني حسن جمعة سلطان وحمد بن خليفة العطية المستشار الخاص بأمير قطر ، تضمنت ما يفيد استهداف قطر نظام الحكم في المملكة خلال أحداث 2011، وصولاً لإسقاطه من خلال زعزعة أمنها واستقرارها.

من ناحية أخرى فقد أسفرت التحريات عن قيام المتهمين بإرسال العديد من المكاتبات لمسؤولين من الجانب القطري تشتمل على معلومات تتعلق بالشؤون الداخلية بالبحرين، ومنها ما يخص الجهات الأمنية .

قطر تدعم المعارضة وقناة اللؤلؤة

عين المتهم الأول حسن سلطان، المتهم الثاني علي الأسود لتسلم مبالغ مالية من الجانب القطري لدعم المعارضة المناهضة لنظام الحكم وكذلك لدعم قناة اللؤلؤة كي تضطلع بدورها في هذا الصدد ، وقد تلقى المتهم الثاني حسن سلطان بالفعل مبالغ مالية كبيرة من الجانب القطري.

بينما قام المتهم الثالث علي مهدي الأسود بناء على تكليف من المتهم الأول علي سلمان بالسفر مرات عديدة إلى قطر لمقابلة قيادات قطرية ، وبنقل المعلومات السرية المتعلقة بالشأن الداخلي البحريني إلى المسؤول القطري حمد بن ثامر رئيس مجلس إدارة قناة الجزيرة، وكانت تلك المعلومات التي نقلها المتهمون تتصل بالجيش ووزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني والحرس الوطني وتتضمن كذلك إحصائيات ومعلومات عن قوات درع الجزيرة

رغبة قطر في إسقاط النظام

وأفاد العوفي بأن شهادة الشاهد الثاني، المشمول بإجراءات حماية الشهود والمُعرف بالشاهد (أ) جاءت لتسبغ المصداقية على شهادة الأول،خاصة إبان الأحداث التي شهدتها المملكة عام 2011، وقد جرى اتصال الشخصيات القطرية بالمتهم بتكليف من ولي العهد القطري في ذلك الوقت، وكان مبعث هذه العلاقة هو ما قام لدى قطر من رغبة في إسقاط نظام الحكم القائم في المملكة ، وفي أن يكون لقطر نفوذ في المملكة إذا أسفرت الأحداث عن نزولٍ عن الحكم وحصلت جمعية الوفاق المنحلة والتي ينتسب إليها المتهمون على مناصب مؤثرة.

المصالح المشتركة بين الطرفين

وكان المتهم الأول على علم بالأهداف القطرية ومصالحها المتحققة من ورائها، وبالرغم من ذلك ظل على اتصال بمسئوليها لاستفادته المتحققة في المقابل من العمل على إضعاف النظام وتكدير الأمن والسلم وضرب الاقتصاد في مملكة البحرين ، وأبدى استعداده لكل من حمد بن جاسم وحمد بن ثامر لإمدادهما بالمعلومات المتعلقة بمجريات الأحداث وهو ما تم بالفعل.

والتقى المتهم الثاني في لبنان بحمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري السابق وكذلك بوزير الخارجية القطري الحالي وكل من حمد بن خليفة العطية وحمد بن ثامر رئيس مجلس إدارة قناة الجزيرة السابق ، وكان موضوع تلك الاجتماعات هو التنسيق والتعاون لتحقيق مصلحة الطرفين المشتركة في النيل من أمن واستقرار مملكة البحرين .

الأخوان بتونس ومصر والوفاق بالبحرين

كما شهد الشاهد الثالث المشمول بإجراءات حماية الشهود والمعرف بالشاهد (ب)، بأن قطر هي الداعمة لما يسمى بالربيع العربي وقد وظفت طاقاتها وإمكاناتها لأجل ذلك ، واستعملت في هذا الصدد جماعة الإخوان المسلمين في تونس ومصر، بينما استعملت في البحرين رموز المعارضة المناهضة المتمثلة في مسؤولي جمعية الوفاق المنحلة والتي يرأسها المتهم الأول وعملت على دعم هذه المعارضة المناهضة والاستفادة منها سياسياً وإعلامياً بالحصول منها على معلومات تتعلق بالشؤون الداخلية بالبحرين ونشر أخبار مكذوبة ومضللة تسيء إليها.

تلقي المتهمون للمال من قطر

وتحقيقا لهذا الأهداف تلقى المتهمون مبالغ مالية من حمد بن خليفة آل ثاني وحمد بن خليفة العطية المسؤولين بدولة قطر ، وكان ذلك عبر السفارة القطرية بلندن من أجل العمل على الإضرار بالمملكة إعلامياً وسياسياً في الداخل والخارج من أجل ضمان استمرار الضغط عليها والنيل من قيادتها وبث الفتن.

كما شهد بأن دولة قطر قد هيأت قناة الجزيرة لتكون منبراً للمتهمين وغيرهم من المناوئين للنظام القائم في البحرين لتشويه سمعة المملكة دولياً، وضرب وحدتها الوطنية. وكانت المكاتبات التي يوجهها المتهم الأول بهذه الكيفية تشتمل على إدعاءات حول الوضع السياسي والشئون الداخلية لمملكة البحرين ، منها ما يتعلق بالجيش ووزارة الداخلية وتشتمل على أرقام ميزانيات الداخلية والدفاع والحرس الوطني وجهاز الأمن الوطني ، وقد ظل تبادل تلك المكاتبات مستمراً حتى بعد عام 2011.

وحضر حمد بن جاسم وزير الخارجية القطري السابق إلى البحرين عام 2011 لحضور اجتماع طارئ لمجلس وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي ، والتقى خلال وجوده بالبلاد بالمتهم الأول ، وفي هذا اللقاء أبدى الوزير القطري تعهداً بمساندتهم ضد النظام القائم في البحرين معرباً عن استيائه منه .

كما شهد كذلك بأن المتهم الأول كانت له مشاركات إعلامية بقناة الجزيرة ونشط في ذلك أثناء وبعد أحداث عام 2011 فدرج خلالها على مهاجمة نظام الحكم في المملكة والادعاء ضده بممارسات مسيئة وادعاؤه بأن ما يجري من أحداث هو ثورة تواجه بقمع السلطة ، وبناء على تكليف منه شارك فيها على ذات النحو عدد من قياديي وأعضاء جمعية الوفاق من خلال مداخلات إعلامية منهم المتهم الثالث الذي ادعى على خلاف الحقيقة في أحد برامج تلك القناة عام 2014 بأن قوات درع الجزيرة قد لعبت دوراً بارزاً في اعتقال وقمع المعتصمين ، وأن سائر مناطق البحرين تسودها الاحتجاجات ، في حين شارك المتهم الأول أيضاً في حلقة حوارية بدعوة من مركز الجزيرة للدراسات التابع لشبكة الجزيرة ، وفيها تطرق المتهم إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية وصرح بإدعاءات بشأن التجنيس ، كما حضر ذلك المتهم أيضاً مؤتمراً موضوعه الديمقراطية وحقوق الإنسان بدعوة من وزارة الخارجية القطرية ، والتقى على هامش المؤتمر بحمد بن جاسم وزير الخارجية القطري آنذاك واستعرض معه مطالب المعارضة البحرينية وقضايا داخلية.

وجعل علي سلمان من المتهم الثالث علي الأسود وسيطاً في توجيه الرسائل إلى الجانب القطري . وفي هذا الصدد ، وبناء على طلب قطر حمله رسالة إلى حمد بن ثامر آل ثاني ليسلمها الأخير بدوره إلى حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري السابق ، واحتوت هذه الرسالة على إحصائيات جرحى المعارضة وأماكن وجود القوات ومواقع تمركز قوات درع الجزيرة ، أن المتهم الثالث كانت له مساهمة كبيرة في هذا النشاط لعلاقته الوثيقة بمسؤولي قطر وكانت أبرز مساهماته هو إنشاء قناة اللؤلؤة في لندن التي أشرف عليها المتهم الأول وأدارها والتي دأبت حتى الآن إلى جانب قناة الجزيرة في نشر الأكاذيب والشائعات التي تروجها جمعية الوفاق المنحلة تجاه المملكة لغرض إبقاء الضوء مسلطاً على البحرين وإبقائها تحت ضغط مستمر وبالأخص في المحافل الحقوقية الدولية بإيعاز من المسؤولين القطريين حمد بن جاسم وحمد بن خليفة العطية وحمد بن ثامر.

طلب الحماية من إيران

فقد جاء الشاهد الرابع بما يقيم القناعة التامة بنزوع المتهم الأول إلى الانزعاج الشديد من تحرك قوات درع الجزيرة الذي يقضي على مخططهم في استمرار الفوضى وعدم تردده في الاستعانة بالخارج في ممارسة نشاطه المناوئ للمملكة، وقال على مسمع من الحضور بأنه: سيطلب الحماية من إيران.

إقرار علي سلمان بصحة المحادثات

في خضم امتناع علي سلمان عن الإجابة على أسئلة النيابة العامة أو التعليق على ما واجهته من أدلة، أقر بصحة هذه المحادثة الهاتفية المسجلة، وأنها دارت بينه وبين حمد بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر السابق في غضون شهر مارس عام 2011 ، وأنهما قد "تباحثا" فيها الأحداث الجارية آنذاك بالبحرين.

جريمة التخابر

وأكد العوفي، أن الوقائع على نحو ما عُرض تشكل في صحيح القانون جرائم التخابر ، والتوصل إلى أسرار من أسرار الدفاع وتسليمها إلى دولة أجنبية ، والرشوة الدولية المتمثلة في قبول عطايا من دولة أجنبية لارتكاب أعمال ضارة بمصالح البلاد ، وإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة ومغرضة في الخارج حول الأوضاع الداخلية في البلاد من شأنها إضعاف الثقة المالية بالمملكة والنيل من هيبتها واعتبارها والإضرار بمصالحها القومية.

وفيما يخص ما قاله المتهم بالتحقيقات بأن الاتصال الذي جرى بينه وبين المسئول القطري حمد بن جاسم آل ثاني، حصل في وقت لم تكن فيه دولة قطر في حالة عداء للبحرين ، فمبلغ القول فيما تذرع به أن القانون يعاقب على جرائم التخابر وتسليم وإفشاء أسرار الدفاع المسندة إلى المتهمين ارتكابها حتى ولو لم تكن الدولة المتخابر معها في حالة حرب أو حتى عداء مع البحرين، فمقطع المساءلة هنا أن تكون دولة أجنبية وحسب، وأن الأصل في جريمة التخابر أنها لا تتطلب اتجاه القصد في كل صورها إلى الإضرار بمصالح البلاد ، بل يكفي أن يكون من شأن الأفعال المادية التي يأتيها الجاني تحقق بها تلك النتيجة.

إفشاء الأسرار والرشوة

وعن جريمة تسليم وإفشاء أسرار الدفاع، لفت العوفي بأن النص في المادة 126 من قانون العقوبات لم يفرق في استحقاق العقاب بين من حصل على السر، ومن توسط في توصيله إلى الدولة الأجنبية ، فلقد جاء النص عاماً حين أقام الركن المادي للجريمة في تسليم سر من أسرار الدفاع ( على أي وجه ) ، و( بأية وسيلة ) لدولة أجنبية أو إلى أحد ممن يعملون لمصلحتها، كما ليس من المهم أن يكون السر قد عُلم بأكمله.

وفيما يتعلق بجريمة الرشوة الدولية فهي تقوم بفعل طلب العطية أو قبولها ، وتقع الجريمة بمجرد الطلب أو القبول، ويتحقق القبول بإبدائه عند عرض العطية وقبل تقاضيها ، وقد يصاحبه أخذ العطية أو المقابل مباشرة فيما يسمى بالرشوة المعجلة.

وجاءت الأوراق مفعمة بالأدلة القاطعة على ارتكاب المتهمين الجرائم موضوع الاتهامات المسندة إليهم، وجميع هذه الأدلة ـ بتوافرها ـ تستغرق كافة العناصر القانونية للجرائم التي ارتكبوها استغراقا كلياً ينهض بالاتهام ، ويقيمه على أسسٍ غير مجحودة أو مشوبةٍ بغموض ، فهي مستقاةٌ من شهادة الشهود، بالإضافة إلى الماديات التي وقفنا عليها من خلال التحقيقات.

ولفت العوفي خلال مرافعته إلى أنه ثبت من بيان تحركات المتهمين وسفرهم المرفق أن المتهم الأول قد تردد على دولة قطر عامي 2011 وكذلك عام 2012 ، أي في الفترة المعاصرة للأحداث والمواكبة للتخابر مع دولة قطر، وغادر علي الأسود المتهم الثالث البلاد في 20 مارس 2011 بعد أن فشلت المؤامرة ، وأوى إلى دولة قطر.

كذلك ثبت بالدليل المادي الوارد بكتاب الجهات الأمنية ما يقطع بأن المعلومات التي أمد بها المتهمون الجانب القطري تعد من المعلومات السرية. وطالبت النيابة العامة في ختام مرافعتها من المحكمة بالقضاء بإدانة المتهمين وأن تُنزل بهم أقصى العقوبة.

وقررت المحكمة بعد الإستماع إلى مرافعة النيابة تأجيل الدعوى إلى جلسة 22 مارس الجاري لتمكين الدفاع من تقديم أدلة النفي.