عواصم - (وكالات): تصعد قوات الرئيس بشار الأسد الخميس هجومها على الغوطة الشرقية المحاصرة التي باتت تسيطر على أكثر من نصف مساحتها، محاولة تضييق الخناق أكثر على الفصائل المعارضة فيها، في وقت لم تمنح دمشق الأمم المتحدة الضوء الأخضر لإدخال مساعدات غذائية وطبية.

وظهرت في وقت متأخر الأربعاء عوارض اختناق وضيق تنفس على أكثر من 60 مدنيا في بلدتين في الغوطة الشرقية وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال أطباء عاينوا المصابين إنها شبيهة بتلك الناجمة عن تنشق غاز الكلور، الأمر الذي لطالما حذرت دول غربية من أن استخدامه لن يمر من دون عقاب.

على جبهة أخرى في شمال سوريا، سيطرت القوات التركية وفصائل سورية موالية لها الخميس على بلدة جنديرس الاستراتيجية في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية سوريا بعد أسابيع من المعارك العنيفة، بحسب المرصد.



وفي الغوطة الشرقية، جددت قوات النظام غاراتها الخميس على بلدات عدة، ما تسبب بمقتل 7 مدنيين وإصابة 26 في مدينة زملكا وفق المرصد الذي أحصى منذ بدء قوات النظام هجومها قبل نحو 3 أسابيع مقتل أكثر من 900 مدني.

وتركز قوات النظام هجماتها حالياً على بلدة مديرا التي باتت تسيطر على أجزاء منها. وأفاد المرصد بـ "قصف جنوني بكافة أنواع الأسلحة" يطال البلدة التي من شأن السيطرة عليها أن تمكن قوات النظام "من فصل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة إلى شطرين، شمالي يضم دوما وجنوبي تعد حمورية أبرز بلداته".

وبحسب عبد الرحمن، "تسعى قوات النظام إلى فصل مناطق سيطرة جيش الإسلام، أبرز فصائل الغوطة عن فيلق الرحمن بهدف إضعاف المقاتلين، تمهيداً لشن هجمات منفصلة على الطرفين".

وتدور المعارك حالياً على أطراف بلدات جسرين ودوما وحمورية، حيث شاهد مراسل وكالة فرانس برس ليل الأربعاء جثثاً مرمية على الطرق وأخرى ما زالت تحت الأنقاض لم تتمكن فرق الدفاع المدني من انتشالها جراء كثافة القصف.

وقال إن جثتي رجلين كانتا ممددتين على الأرض قرب دراجة نارية والنيران تلتهم جسديهما إثر غارة استهدفت الشارع الذي كانا متواجدين فيه فيما كان عنصران من الدفاع المدني يحاولان إخماد النيران.

وتشن قوات النظام منذ 18 فبراير حملة عنيفة على مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، يتخللها قصف جوي وصاروخي ومدفعي كثيف، ما تسبب بمقتل أكثر من 900 مدني بينهم نحو 200 طفل، وفق حصيلة أوردها المرصد الخميس.

وتصعد قوات النظام منذ الأسبوع الماضي هجومها البري على الغوطة الشرقية حيث باتت تسيطر على أكثر من نصف مساحة المنطقة المحاصرة.

وتواصل قوات النظام هجماتها على رغم إعلان روسيا منذ أكثر من أسبوع هدنة إنسانية يومية تستمر لـ 5 ساعات، ويتخللها فتح "ممر إنساني" عند معبر الوافدين، الواقع شمال شرق مدينة دوما لخروج المدنيين.

ولم يسجل منذ بدء تطبيق الهدنة خروج أي من المدنيين في وقت أفاد مصدر عسكري سوري عند أطراف ضاحية جرمانا الخميس بفتح معبر إنساني آخر عند مزارع جرمانا جنوب الغوطة الشرقية لفسح المجال أمام خروج المدنيين من بلدة جسرين التي تخوض قوات النظام معارك ضد الفصائل على أطرافها.

وتعذر صباح الخميس إدخال الأمم المتحدة قافلة مساعدات إلى الغوطة الشرقية.

وقال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ينس لاركي "لم تتمكن الأمم المتحدة وشركاؤها اليوم من العودة إلى دوما لأن السلطات السورية لم تمنح القافلة إذناً للتحرك جراء أسباب أمنية".

وكان من المقرر دخول هذه القافلة المشتركة بين الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري إلى مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية. وعلى متنها مساعدات مخصصة لسبعين ألف شخص.

وتعد هذه المرة الثانية خلال هذا الأسبوع التي تعيق فيها الأعمال القتالية دخول المساعدات إلى نحو 400 ألف مدني تحاصرهم قوات النظام بشكل محكم منذ العام 2013.

وظهرت عوارض اختناق وضيق تنفس على أكثر من 60 مدنياً في وقت متأخر الأربعاء في بلدتي حمورية وسقبا، إثر ضربات جوية شنها وفق المرصد الطيران الحربي التابع للنظام ولروسيا، حليفة دمشق التي نفت في السابق استهدافها الغوطة.

وعالج أطباء في أحد المرافق الطبية في الغوطة الشرقية 29 مصاباً ظهرت عليهم عوارض مشابهة لتنشق غاز الكلور، وفق ما أعلنت الجمعية الطبية السورية الأمريكية "سامز" التي تدعم مستشفيات عدة في المنطقة المحاصرة.

وأشارت الجمعية إلى ظهور عوارض ضيق تنفس حاد وتعرق واحمرار العين وصفير عند التنفس عند المصابين.

وتمكن مراسل وكالة فرانس برس في حمورية من رؤية عشرات الأشخاص، نساء وأطفال، يغادرون الملاجئ حيث اختبؤوا من القصف الجوي، ويجلسون على أسطح الأبنية على أمل التنفس بشكل أفضل.

ونزع الأهل ملابس أطفالهم الذين لم يتوقفوا عن السعال لغسلهم بالمياه محاولين إزالة أي أثر لاحتمال وجود غاز سام على أجسادهم.

واتهم النظام السوري، الذي نفى مرات عديدة استخدام أسلحة كيميائية، بقيامه بهجمات بغاز الكلور في الأسابيع الأخيرة.

وقد أثارت هذه الاتهامات التي وصفها الرئيس السوري بشار الأسد بـ"غير الواقعية"، غضب دول غربية عدة. وهددت واشنطن وباريس بشن ضربات في حال توفر "أدلة دامغة" على استخدام السلاح الكيميائي.

وفي منطقة عفرين، تمكنت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها من فرض سيطرتها الكاملة على بلدة جنديرس التي تعد وفق المرصد أكبر بلدة تمكنت القوات التركية وحلفاؤها من السيطرة عليها منذ بدئها في 20 يناير عملية "غصن الزيتون" التي تقول إنها تستهدف المقاتلين الأكراد الذين تصنفهم أنقرة بـ"الإرهابيين".