* رئيس "جبهة عشائر العراق" لـ"الوطن": أموال الخمس تفجر الصراع بين الشيرازيين و"ولاية الفقيه"

* الشيرازيون: حكم "ولاية الفقيه" بقيادة خامنئي مستبد وقمعي مثل فرعون

* طهران: أنصار الطائفة الشيرازية يؤمنون بعقيدة متطرفة



لندن - كميل البوشوكة، وكالات

ألقت قضية اقتحام أتباع المرجع الديني آية الله الصادق الحسيني الشيرازي مقر السفارة الإيرانية في لندن احتجاجاً على اعتقال مرجعهم في قم من قبل السلطات الإيرانية، بظلالها على حقيقة الخلاف المتصاعد بين التيار الشيرازي وتيار "ولاية الفقيه" بقيادة المرشد علي خامنئي في إيران، فيما يؤكد مراقبون ومحللون للشأن الإيراني أن النظام الحاكم في إيران يسعى إلى الحد من نفوذ التيار الشيرازي نتيجة خلافات عقائدية بين التيارين، حيث يرفض التيار الشيرازي الاعتراف بنظرية "ولاية الفقيه"، بينما يتهم أنصار الأخيرة الشيرازيين بـ"التطرف والغلو"، مؤكدين أنهم "يؤمنون بعقيدة متطرفة".

من جانبه، كشف رئيس المكتب السياسي لجبهة عشائر العراق في الجنوب محمد الكعبي في تصريحات لـ"الوطن"، عن أن "الخلاف بين الشيرازي وخامنئي لعبة جديدة وصراع حول التوسع والاستحواذ على أموال الخمس"، موضحاً أن "هذا الصراع ليس جديداً بين ما يسمى مرجعية الشيرازي والتي تعتبر من المرجعيات الأكثر تطرفاً ودموية، ونظرية "ولاية الفقيه" التي نشرها آية الله روح الله الخميني وقت اندلاع الثورة الإيرانية في عام 1979، واستمر الصراع في مراحل مختلفة ولكن لم يخرج عن دائرة التوسع والنفوذ بينهم".

وقبل أسابيع، كشفت مواقع ناطقة بالفارسية أن السلطات الإيرانية اعتقلت حسين الشيرازي، ابن الصادق الشيرازي، المرجع الشيعي الشهير في قم، وذلك بسبب محاضرة وصف فيها المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي، بـ"الفرعون"، معتبراً أن "حكم الولي الفقيه يعادل حكم فرعون، موجها انتقادات حادة إلى نظام "ولاية الفقيه"، حيث فضح استبداد الدولة الدينية في إيران وأساليبها القمعية ضد المعارضين والمنتقدين والمختلفين معها بالرأي.

ووفقاً لمقطع منشور على موقع "يوتيوب" عن جزء من محاضرة لحسين الشيرازي، قبل بضعة أسابيع، يظهر فيه وهو يصف حكم الولي الفقيه بأنه ما يعادل حكم فرعون شارحاً استبداد الدولة الدينية في إيران وأساليبها القمعية ضد المعارضين والمنتقدين والمختلفين معها بالرأي.

وأكدت مواقع مقربة من الشيرازي أن استخبارات الحرس الثوري الإيراني هي من تقف وراء استدعاء حسين الشيرازي وآخرين من أفراد عائلته خلال الأعوام الماضية، مع تعرضهم المستمر للإهانة والتهديد، بسبب دعوة أسرة الشيرازي إلى استقلال الحوزة عن السلطة السياسية.

من جانبه، قال رئيس المكتب السياسي لجبهة عشائر العراق في الجنوب محمد الكعبي خلال مقابلة مع "الوطن"، إن "الخلاف بين الشيرازي وخامنئي لعبة جديدة وصراع حول التوسع والاستحواذ على أموال الخمس وهذا الصراع ليس جديداً بين ما يسمى مرجعية الشيرازي والتي تعتبر من المرجعيات التي تعد أكثر تطرفاً ودموية مع نظرية "ولاية الفقيه" التي نشرها الخميني في وقتها واستمر هذا الصراع في مراحل مختلفة ولكن لم يخرج عن دائرة التوسع والنفوذ بينهم".

وأضاف الكعبي أن "الصراع اليوم بين خامنئي والشيرازي حول أموال الخمس التي تسلب من بعض المغرر بهم من الخليج العربي أو العراق وتعود للعرب كرصاص وبارود يخترق أجساد أبناء الأمة وبعضه يذهب إلى رجال متطرفين يرتدون العمائم مثل ياسر الحبيب الذي يسكن بريطانيا وغيره من الذين يبثون أفكار الإرهاب والتفرقة والخرافات في عقول مجتمعاتنا، وهذا يعتبر مشروعاً في استمرار الفوضى وإضعاف دولنا العربية، كل هذا الصراع عبارة عن سيناريو مفضوح ومكشوف بكل أبعاده".

وقال الكعبي إن "ما وقع في لندن من اعتداء على سفارة إيران لا يخرج عن هذا الإطار في إطار التوسع على حساب شعوبنا العربية، ومجموعة من الشيرازيين ومقرهم في كربلاء يريدون أن يصوروا للعالم أن لهم شعبية وأنصاراً، والحقيقة أن أبناء شعبنا العراقي العربي الْيَوْمَ وخاصة في الجنوب العراقي أصبحوا يرفضون كل هذه العناوين الشيرازية ونظام خامنئي، وهذه الحقائق تدحض كل محاولاتهم من النيل من شعوبنا أو تمرير مخططاتهم".

وقد تم توقيف 4 أشخاص بعد أن اقتحموا شرفة السفارة الإيرانية في لندن، بحسب ما أفادت الشرطة البريطانية في واقعة أثارت "احتجاجاً شديداً" من طهران.

وقالت متحدثة باسم شرطة لندن "تم الاتصال بنا بشأن 4 متظاهرين كانوا في شرفة سفارة إيران" في حي نايت بريدج الراقي.

ولم يدخل المتظاهرون مبنى السفارة.

وأضافت المتحدثة "تم توقيف الأربعة بداعي الإضرار بأملاك الغير ولوجودهم بشكل غير قانوني في مكان دبلوماسي".

ونقلوا إلى مفوضية شرطة وسط لندن، بحسب المصدر ذاته.

وعبر نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي "عن احتجاج إيران الشديد إلى السفير البريطاني في طهران، وطلب من الشرطة حماية مطلقة للدبلوماسيين الإيرانيين في لندن"، بحسب ما أفاد بهرام قاسمو المتحدث باسم الخارجية الإيرانية وكالة إرنا الرسمية.

ولم يصب أحد بأذى خلال الواقعة واحتجز الأربعة بعدما نزلوا طوعاً بعد نحو 3 ساعات.

وقال السفير الإيراني في بريطانيا حميد بعيدي نجاد في تغريدة على تويتر إن المهاجمين من "أنصار الطائفة الشيرازية" وإنهم بدلوا العلم الإيراني بعلم طائفتهم. وأكد سلامة جميع العاملين بالسفارة.

وتحدثت إيران عن إساءة للعلم الإيراني من جانب أنصار "عقيدة متطرفة" يقيمون في المملكة المتحدة.

وفي وقت لاحق قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية في بيان "إنّ لسلامة وأمن الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية في بريطانيا أهمية قصوى بالنسبة إلينا".

وقال السفير الإيراني في بريطانيا حميد بعيدي نجاد في تغريدة على "تويتر"، إن المهاجمين من "أنصار الطائفة الشيرازية" وإنهم بدلوا العلم الإيراني بعلم طائفتهم. وأكد سلامة جميع العاملين بالسفارة.

وكان رجل الدين الشيعي آية الله السيد الصادق الحسيني الشيرازي منتقداً قوياً لقيادة رجال الدين الإيرانيين. وكانت السلطات ألقت القبض على ابنه في الآونة الأخيرة بتهمة إهانة خامنئي.

ونقل التلفزيون الإيراني الرسمي عن متحدث باسم وزارة الخارجية قوله إن نائب وزير الخارجية عباس عراقجي احتج على الحادث للسفير البريطاني في طهران.

وقال المتحدث بهرام قاسمي "بريطانيا مسؤولة عن سلامة الدبلوماسيين الإيرانيين".

وقالت وكالة الجمهورية الإيرانية للأنباء إن المهاجمين كانوا يحملون سكاكين وعصياً. وقالت قناة "برس تي في" الإيرانية التلفزيونية الناطقة بالانجليزية إن جماعة دينية تقف وراء الهجوم دون أن تقدم مزيداً من التفاصيل.

ومن المعلوم أن مرجعية الأسرة الشيرازية التي لها أتباع في إيران والعراق وعدد آخر من البلدان ذات التواجد الشيعي، يرفضون "ولاية الفقيه" وحكم المرشد الإيراني خامنئي، لكنهم يطرحون أفكاراً متطرفة تغذي الطائفية في المنطقة ولا يختلفون بشيء عن خطاب النظام الإيراني من حيث المبادئ الفكرية، بحسب ما يقول منتقديهم.

ويرفض الشيرازي نظرية فصل الدين عن السياسة، بل يؤمن بالعلاقة بين الدين والسياسة، وهو يعتقد أن السياسات الإسلامية الحقيقية تتعارض وتتناقض مع السياسات الحالية التي تحكم الدول الإسلامية، لذا فإن أحد أسباب الخلافات مع خامنئي هو أن آية الله الشيرازي يعتقد أن سياسة خامنئي لإدارة البلاد تتناقض مع فكرة الإسلام الصحيح بسبب اعتقاد خامنئي بمبدأ "ولاية الفقيه".

واتسع نفوذ أسرة الشيرازي بعد الثورة الإيرانية عام 1979 حيث دعم المرجع محمد الشيرازي مؤسس الثورة الإيرانية آية الله روح الله الخميني واحتلت "منظمة العمل" الشيرازية التي قادها محمد تقي المدرسي شوارع طهران ونصبوا المشانق لمعارضي الثورة ومن ثم تمددوا بالأجهزة الأمنية الإيرانية كونهم في الغالب من أبناء وأقارب وأتباع المراجع ورجال الدين الإيرانيين الذين ولدوا بكربلاء والنجف في العراق ويحملون الجنسيات الإيرانية.

بعد ذلك نشطت الحركة في المجال الاقتصادي ودخلت بازار طهران وقامت بجمع ملايين الدولارات من أنصارها وتابعيها ومقلدي الشيرازي في إيران والعراق ودول الخليج وانتشرت عدد الحسينيات التي يملكونها في قم وأصفهان.

وقد دبت الخلافات بينهم وبين النظام الإيراني وبدأ الحرس الثوري يحد من تنامي الشيرازيين بعد ما أيد الشيرازي فكرة مجلس شورى الفقهاء بدل "ولاية الفقيه" المطلقة بعد وفاة الخميني وهو على غرار الكثير من المراجع التي ترفض ولاية المرشد الحالي علي خامنئي.

ويعارض الشيرازي فتوى خامنئي بتحريم التطبير "ضرب الرأس بالسيف في مراسم عاشوراء"، حيث تم إغلاق حسينيات الشيرازي وتحجيم نفوذه وفرضت الإقامة الجبرية عليه حتى وفاته عام 2001.

وقد عمل الشيرازيون على توسيع نفوذ المشروع الإيراني في المنطقة العربية من خلال اختراق المجتمعات الشيعية في المنطقة وإنشاء منظمات سياسية مذهبية وميليشيات في دول خليجية تحت غطاء العمل الديني وتوسيع الحسينيات، حيث استقطبوا الكثير من المناصرين.

وقد تفجرت مؤخراً المشاكل والاختلافات العقائدية والفكرية بين التيارين خاصة أن النظام الحاكم في إيران يقوم على نظرية "ولاية الفقيه" بقيادة خامنئي حالياً، بينما لا يقبل الصادق الشيرازي بهذه الفكرة.

وفي خطاب سابق، وجه الصادق الشيرازي انتقادات حادة للنظام الحاكم في إيران واعتبر إعدام المعارضة انتهاكاً للشريعة، كما أدان قمع الشعب والمتظاهرين الذين ساعدوا في تأسيس الثورة عام 1979، قائلاً إن "قمع هؤلاء الناس يتعارض مع الحكم الإسلامي".

وللشيرازيين نحو 18 قناة فضائية و3 شبكات إذاعية، وواحدة من هذه القنوات تنتمي إلى عائلة آية الله الشيرازي، وتم إنشاء هذه الشبكات بهدف نشر أفكار تعرف بـ"أيديولوجية الشيرازي للتشيع" في جميع أنحاء العالم.