هل يعقل أن تقوم أي دولة ذات سيادة، ولديها قوانين تنظم حياتها المدنية، ولديها إجراءات متوافقة مع القوانين الدولية بشأن الحفاظ على الأمن القومي، ومحاربة الإرهاب وعناصره، هل يعقل أن تتم مطالبتها بالإفراج عن سراح «إرهابيين» محكومين بالقانون، وذلك بسبب جريمة التحريض على الانقلاب على النظام الشرعي في البلد، والتآمر مع جهات خارجية عدوة؟!

حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له. إذ هذه هي الحالة التي تمر فيها البحرين حالياً، من تعامل مع تصريحات غريبة، ومطالبات أغرب، خاصة إن كانت تصدر من جهات دولية أو مؤسسات يفترض أنها تسعى لتحقيق العدالة ومحاربة الإرهاب بما يحفظ حقوق الإنسان.

الإعلام الإيراني الذي يستهدف البحرين آخذ في نشر تصريحات لعناصر مطلوبة أمنياً، وشاركت في محاولة الانقلاب الفاشلة في بلادنا، كلها تدعو الجهات الدولية للضغط على البحرين للإفراج عن عناصر قادت عمليات التحريض، ودعت للانقلاب صراحة على النظام الشرعي، بل صرحت باستخدام السلاح لأجل ذلك.

أعطونا دولة واحدة تقبل بهذا المنطق، أعطونا دولة تقبل بأن تطلق سراح أشخاص يمارسون الإرهاب، ويدعون ويحرضون على الانقلاب على النظام والقوانين، ويمارسون أفعالاً إجرامية تستهدف قوات الشرطة والمدنيين؟!

في إيران، وانقلابيو البحرين يعرفون هذا النظام حق المعرفة، لا يمكن القبول بأية حركات معارضة، أو دعوات تنتقد النظام الحاكم، فما بالكم بمن يدعو صراحة للعنف والانقلاب؟! هناك في هذه الدولة يتم تنفيذ الإعدام بحق المعارضين دون محاكمات، وهي الحالة التي «يخرس» إزاءها كل من يحاول استهداف البحرين من منصات تدعي الحفاظ على حقوق الإنسان.

في الولايات المتحدة الأمريكية، يكفي الاشتباه بارتباط أحد بكلمة «إرهاب» حتى تروه في معتقل «غوانتنامو»، ولا يوجد تهاون مقدار ذرة، مع جماعات وأفراد تحاول استهداف رجال الأمن وتنصب الأفخاخ لقتلهم، ولا يقبل إطلاقاً أي محاولات للتخابر مع جهات أجنبية، إذ هذه الحالة بحد ذاتها تعتبر «خيانة عظمى» وتستوجب أشد العقاب.

حتى بريطانيا «أم الديمقراطيات العريقة»، لا يسمح لأحد بأن يتجاوز القانون، حتى لو كان قانون المرور، هناك إما أن تلتزم بواجباتك المدنية أو تواجه القضاء، فما بالكم بالارتباط الفعلي بعمليات إرهابية، وتحريض وتحشيد ضد النظام والقانون؟! هناك إن قمت بفعل من خلاله أخليت بالأمن السلمي لن يتحدث معك أحد، ولن يناقشك أحد أو يحاول أن يتحاور معك، هناك قانون يطبق عليك بحذافيره. مشعلو فوضى شغب لندن قبل أعوام لم يتم التهاون معهم على الإطلاق، بل اعتبروا ممارسين للإهاب الذي يقلق أمن الناس، وعقدت المحاكم لهم على مدار الساعة لإصدار الأحكام، ونشرت صورهم في وسائل الإعلام، فلا أحد فوق الأمن الوطني لأي بلد.

اليوم حينما يطالعنا الإعلام الإيراني بـ«هرطقاته» سعياً للدفاع عن عملائه، ويمضي في هذا الاتجاه خطاب بعض «دكاكين» حقوق الإنسان، بشأن إرهابيين من طراز علي سلمان الذي لوح باستخدام السلاح، وقال صراحة في كلمة له بأن هناك جهات خارجية عرضت عليه استخدام هذا الخيار، هل تريدون من البحرين كدولة أن تستمع لما يقوله وتتفرج عليه وتدعه يسرح ويمرح على أراضيها؟! هذا إرهابي يصرح بإرهابه، موقعه السجن، ولو كان في إيران معارضاً لها وفاعلاً ما فعله في البحرين، لما كان له ذكر ليومنا هذا أصلاً.

الأصوات الخارجية وأغلبها تصدر عن شخصيات لن يقبلوا بأن يهدد أمنهم الشخصي قبل أمنهم الاجتماعي في أوطانهم، هذه الأصوات لا تهتم أصلاً بالبحرين، ولا بأمنها الداخلي، ولا بالبشر الذين يتضررون جراء هذا الإرهاب، وصلوا لمرحلة دعم إرهابيين إجرامهم صارخ وفاضح، وصلوا لمستوى غض النظر عمن يستهدف رجال الأمن ويسقط الشهداء في صفوفهم، وصلوا لمستوى يقبلون فيه بأن يخرج أحد ما يهدد البحرين باستخدام السلاح وثم يطالبون بإطلاق سراحه لأنه «حمامة سلام».

إن كان علي سلمان ومن على شاكلته «حمائم سلام»، فأخبرونا كيف لحمامة مسالمة أن تحرض على القتل، وتلوح باستخدام السلاح.

البحرين دولة ذات سيادة وقانون، ما يضر أمنها، ومن يمارس الإرهاب فيها، أمامه القانون ولا شيء آخر. أما من يدافع عن الإرهاب، فلنرَ ما يفعل حينما يصل الإرهاب لعتبة داره ويهدده في حياته ووجوده.