العنوان «د. فلانة» لكن الصور وكل ما ينشر في حساب الإنستغرام يتعلق باستعراض الشنطة والحزام والحذاء «أعزكم الله». ألم تلحظوا هذه الظاهرة؟

«لا يمكن للمرء أن يجمع عدة فنون وينجح فيها كلها» هي أحد مقولات أفلاطون. لكن هل نستطيع أن نثق بحكم هذا الفيلسوف وهو الذي عاش عصراً مغايراً عن عصرنا الحالي؟

مقال في مجلة «فوربز» لكاتبة تدعى روشيكا تولشيان بعنوان «كيف تجمع بين تخصصين عمليين بنجاح»، يتحدى مقولة أفلاطون القديمة. حيث لاحظت الكاتبة حالات في المجتمع بدأت تنتشر مثل الأستاذة الجامعية التي تطبخ في باصات الطعام المتنقلة والمهندس الذي يخصص لياليه لتصوير حفلات الأعراس.

وتوضح أن هذا التوجه يسمى Portfolio Career أي مشوار وظيفي يجمع عدة تخصصات، واحد منهم أساسي والأخرى فرعية ومؤقتة. وسبب اختيار هذا النهج هي الرغبة عند البعض في خوض تجارب عمل يجدونها مسلية وتشبع رغباتهم. كما تتوقع أن النساء هن أكثر من سيسير في هذا المشوار الوظيفي المنوع خاصة في السنوات القادمة لأنهن وحسب الكاتبة يردن الوصول إلى التوازن بين عمل يحبونه يدر عليهم المال وحياة مليئة بالتجارب المثيرة. وأعتقد أنها كانت لطيفة في تحليلها ومبرراتها لوضع غريب.

الواضح أن في الخليج انتشرت لدينا هذه الظاهرة منذ دخولنا عصر «السوشيال ميديا» فأصبحنا لا نميز بين الطبيبة وعارضة الأزياء أو المهندسة وخبيرة المكياج ودخلنا عصر «الحابل بالنابل» من أوسع أبوابه.

ظهور طبيبة مثلاً يفترض أن تكون في قمة الرزانة - نظراً لتخصصها المهم الذي يمس صحة الناس - في صور وفيديوهات وهي تستعرض الفساتين والجينزات، أو محامية كما يشير التعريف «البايو» في حسابها للتواصل الاجتماعي وهي تنشر مقاطع رسم المكياج وأحمر الشفاه أمر متناقض ويدعو للاستغراب.

الأمر الذي لم تتطرق له كاتبة مجلة «فوربز»، أن الكثير من النساء وبسبب تأثير الإعلام والأسرة وضغوطات الحركات النسوية دخلن تخصصات المحاماة والطب والهندسة ليس حباً فيها قدر ما تم جرهن إليها «بالغصب» في محاولات مستميتة من قبل كل هؤلاء لمساواتهن مع الرجل دون مراعاة لرغباتهن الحقيقية. فنرى أنهن يحملن الشهادات في هذه التخصصات لكنهن لا ينتمين إليها ولا يرغبن في ممارستها.

المرأة الشابة الخليجية بالذات تتعرض الآن لضغوطات كبيرة من عدة جهات كي تصبح مهندسة أو طبيبة أو عالمة أو محامية ناجحة حتى لو لم تكن تحلم بذلك وهي ضغوطات تعرضت لها المرأة الغربية في عقود ماضية وكانت نتائجها نفور المرأة وابتعادها عن هذه التخصصات. ولكم في الإحصائيات الغربية الحديثة خير مثال فنسبة المهندسات أقل من 9% في 2015 في بريطانيا ونسبة المحاميات تصل إلى 34 % فقط في 2014 في أمريكا ونسبة الباحثات في العلوم أقل من 30 % عالمياً. وكي لا نقع في أخطاء الغرب، علينا أن نشجع المرأة على أن تقوم بما تحبه وتجيده دون وضع الرجل كمقياس والتنافس معه كهدف أساس. فالمرأة مهاراتها مختلفة وهذه المهارات مطلوبة وتدر عليها الأموال إذا طورتها ولذلك علينا تحفيزها للقيام بها إذا كانت تريد أن تعمل وتكسب المال.

وإذا أرادت البنت الدخول في التخصصات الصعبة حباً ورغبةً وقدرةً فالأبواب مفتوحة لها دائماً لكن علينا أيضاً أن نذكرها أنها تخصصات تحتاج إلى التزام ورصانة واحترام.

أشجع كثيراً خوض التجارب بحثاً عن الذات والمواهب المدفونة لكن ليس من الضروري أن تتخصص المرأة في المحاسبة وهي متعتها الأكبر تكمن في تحضير كيكة مزينة بالورود أو أن تضيع وقتها مع الهندسة وهوايتها التي تشغل كل وقتها هي الأزياء والموضة.

وإذا كان لابد من الجمع بين الإثنين، فعلى أقل تقدير مسح «البايو» الذي يحمل لقب دكتورة أو مهندسة كي تكون مقنعة أكثر. هل وصلت الفكرة؟